يوماً بعد آخر ترتبط الجوازات الدبلوماسية اليمنية بسمعة سيئة الصيت لدى الجهات الدولية ذات العلاقة؛ بفعل عديد المخالفات التي ترتبط بإصدارها واستخدامها لأغراضٍ غير تلك التي خصصها لها القانون اليمني والبروتكول الدبلوماسي بشكل عام.
وحدد القانون اليمني رقم 63 الصادر في أغسطس 1991، الأشخاص المستحقين للجواز الدبلوماسي، إلا أنه لا يتم الالتزام بمحددات القانون بفعل حالة الفساد التي تشهدها الأجهزة الحكومية اليمنية.
وتتمثل أبرز المخالفات التي تم رصدها في منح تلك الجوازات لأشخاص لم يشملهم القانون اليمني الخاص بالجوازات الدبلوماسية، وتحديد مهن لا علاقة لها بالدبلوماسية داخل الجوازات مثل (شيخ – رجل أعمال)، فضلاً عن تحولها إلى سلعة تباع وتشترى، بالإضافة إلى قيام بعض من حامليها بارتكاب مخالفات تتعارض مع الامتيازات الممنوحة لها.
ويحاول كثير من اليمنيين الحصول على الجواز الدبلوماسي للاستفادة من مزاياه، ومنها دخول كثير من البلدان دون تأشيرة، في ظل التعقيدات والصعوبات التي تعيق اليمنيين عن التنقل إلى معظم الدول.
و كشف القيادي الجنوبي حسين لقور، في تغريدة على “تويتر” عن إصدار الحكومة اليمنية 60 ألف جواز دبلوماسي، معظمها تفتقد للمعايير التي حددها القانون اليمني.
إجراءات دولية
مؤخراً أقرت السلطات المجرية منع دخول حاملي الجوازات الدبلوماسية اليمنية إلا إذا كان حامل الجواز في مهمة رسمية معززاً بخطاب من وزارة الخارجية اليمنية.
ووفقاً لسفارة اليمن في المجر، فإن السلطات في (هنغاريا) ستعيد المخالفين من مطار بودابست أو أي نقطة حدودية مجرية، وهو ما دفع السفارة اليمنية إلى إعلانها إخلاء مسؤولياتها عن تبعات عدم الالتزام بالتعليمات وفقاً لمنشور على صفحتها في “فيسبوك”.
وبحسب نشطاء يمنيين، فقد وصلت عائلة يمنية إلى مطار بودابست إلا أن السلطات المجرية رفضت دخولها وطلبت عودتها، لكن العائلة رفضت وقامت بطلب اللجوء.
ولم يكن هذا الإجراء هو الأول، فقد اتخذته السلطات التشيكية من قبل، كما أن السلطات البحرينية أصبحت تشترط تأشيرة إلكترونية مسبقة لدخول حاملي الجوازات “الدبلوماسية” اليمنية إلى أراضيها.
شروط وإيقاف
وكانت السلطات المصرية اتخذت في ديسمبر الماضي بعض الإجراءات الخاصة بالجوازات الدبلوماسية اليمنية، منها منع الجوازات الصادرة بعد العام 2015.
ووفقاً للمستشار في السفارة اليمنية بالقاهرة إبراهيم الجهمي، فإن الجوازات الدبلوماسية الصادرة عن الحكومة الشرعية بعد هذا التاريخ طالها عدد من الشروط.
وتابع في منشور له على “فيسبوك”: “أبرز هذه الشروط أن تكون الصفة الوظيفية (المهنة) مبينة لحامل الجواز ويمنع دخول أي جواز غير محدد المهنة، وأن تكون المهنة هي الحالية وليس السابقة، وإن كان وزيراً سابقاً يتم توضيح المهنة بالجواز بأنه وزير سابق”.
ووفقاً للجهمي، فإن السلطات المصرية منعت دخول حاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة بمهنة (تاجر)، وكذلك من يحملون صفة (أخ / أخت مسؤول حكومي) لتناقض ذلك مع اتفاقية فيينا”.
وتعرض عدد من المسؤولين اليمنيين خلال الفترة الماضية للإيقاف في مطار القاهرة بسبب تاريخ إصدار بعض الجوازات والمهن المسجلة فيها، ما اضطر بعضهم إلى استخدام الجوازات العادية، كوزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى محمد مقبل الحميري.
عبث ومتورطون ولجوء
ويقول الناشط الحقوقي اليمني وليد المسقاف لـ”الخليج أونلاين”، إن بداية العبث بالجوازات الدبلوماسية تعود إلى العام 2016، الذي شهد إيقاف الزيارات الحكومية إلى السعودية التي كانت تمنحها المملكة لليمنيين الهاربين من بطش الانقلابيين الحوثيين.
وأضاف: “إيقاف الزيارات الحكومية كان بسبب تحولها إلى سوق سوداء، حيث كانت تباع بما تتراوح قيمته بين 5 و10 آلاف ريال سعودي، بتورط من اللجنة الخاصة السعودية المسؤولة عن الملف اليمني وشخصيات في الخارجية والرئاسة اليمنية”.
وتابع: “بعد ذلك بدأ بيع الجوازات الدبلوماسية وبسعر متوسط يبلغ 10 آلاف ريال سعودي، حيث تم إصدارها دون مهنة أو بمهنة شيخ ورجل أعمال، وتورط فيها بشكل كبير وزير الخارجية السابق ووكيل الوزارة”، مشيراً إلى أنه بعد الجدل حول هذه الجوازات تم إيقافها عن اليمنيين من أبناء المناطق الشمالية.
وأكد المسقاف أن تلك الجوازات التي بيعت استخدمت في زيارات حكومية إلى بلدان أوروبية لطلب اللجوء كما حدث مع 6 من أقارب دبلوماسي يمني في سفارة اليمن بالرياض.
ووفقاً لطلبة يمنيين في المغرب، فإن عدداً من أبناء أعضاء البعثة الدبلوماسية في الرباط قدموا لجوءاً في ألمانيا، بحسب معلومات وصلت لـ”الخليج أونلاين”.
وتعد أزمة الجوازات الدبلوماسية جزءاً من أزمة السلك الدبلوماسي في اليمن، حيث تم تعيين أكثر من 300 دبلوماسي وفقاً لنشطاء “حملة بلا حسد”، معظمهم لا علاقة لهم بالعمل الدبلوماسي وإنما تعيينات وفقاً لمحاصصة سياسية ونفوذ مناطقي وعائلي، حيث توجد بعثات في دول لا ترتبط اليمن معها بأي نشاط أو بعثات دبلوماسية.