بقلم - كتب المحرر السياسي
يتساءل البعض عن أسباب توقف الجبهات وتأخر الحسم العسكري في أكثر من جبهة رغم توفر الامكانات والعتاد والقوة البشرية الهائلة (الجيش الوطني) بالإضافة إلى الإسناد الشعبي الذي توفره القبائل اليمنية المناهضة لمليشيا الحوثي لقوات الجيش الوطني كجانب عسكري فضلاً عن عوامل داخلية كالكبت الذي يعانيه المجتمع الواقع تحت سلطة الحوثي والذي يعد البركان الأقوى الذي ينتظر من يثيره لينفجر في وجه الإماميين، تتار العصر الحديث.
الكل يتساءل مع توفر كل هذ المقومات للحسم العسكري ومع ذلك لا نجد إلا التراخي والخذلان حتى للثورات التي تقاوم ظلم المليشيا الحوثية في كثير من مناطق اليمن، والتي نذكر منها مقاومة الزرانيق في الحديدة ومقاومة أبناء عتمة في محافظة ذمار وانتفاضة بعض قبائل محافظة إب وغير ها من الانتفاضات الشعبية وآخرها انتفاضة قبائل حجور التي تُركت لمواجهة مصيرها مع آلة الموت الحوثية وكان مصير أبطالها إما الموت أو السجن او التشرد، ناهيك عن تدمير البيوت ونهب الممتلكات والتنكيل بالأهالي.
ورغم وضوح الاجابة على كل هذه التساؤلات إلا أن الكثير يستغبي ويحاول ان يغطي عين الشمس بأصبعه، في محاولة فقط للنيل من الشرعية ورموزها.
صحيح لا أحد ينكر ان لدينا جيش وطني ولدينا قيادة شرعية معترف بها دولياً ومسنودة بقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، إلا ان مؤشرات حسم المعركة مع مليشيا الحوثي لا تبشر بخير في ظل عجز غريب يخيم على مختلف جبهات الجيش الوطني.
اذن لا نريد ان نقول ان هناك طرف عمل منذ اندلاع المواجهات مع الحوثي وربما من قبل على الدفع باتجاه إعادة عائلة الرئيس المخلوع الراحل، علي عبدالله صالح إلى واجهة المشهد ويعمل على اضعاف قيادات الشرعية لصالح تمكين قيادات موالية لأسرة صالح ومحاولة ضرب القيادات الوطنية في الجيش الوطني وانشاء المليشيات المسلحة وتشكيل خلايا الاغتيالات وتهريب السلاح للمليشيات الحوثية وملشنة القوات الامنية و.. و ..الخ،.. لأن هذه الامور باتت مكشوفة ومعروفة، لكن نريد أن نركز على ما هو أخطر من ذلك وهو اللوبي الذي اخترق التحالف العربي وأصبح يؤثر بشكل واضح في قراراته ومنها القرارات المصيرية ذات الطابع السيادي والأمني.
كل يوم تتجلى خطورة هذا اللوبي من خلال النتائج العملية على الارض وما تتمخض عنه من كوارث ومأسي تقضي على آمال ملايين اليمنيين في استعادة دولتهم وبناء يمنهم الاتحادي وفقاً لمخرجات الحوار الوطني وتأسيس مدامك الدولة اليمنية الحديثة من خلال تحكمه بمسار المشهد العام للمواجهات سياسياً وعسكرياً.
هذا اللوبي مثل عائقاً أمام تحرير اليمن والقضاء على مليشيا الحوثي من أول وهلة، ولم تكن الضربات الخاطئة في بادئ الأمر لمقرات ومواقع الجيش الوطني خاطئة كما زعم منفذوها؛ بل كانت ضربات متعمدة ومركزة، وأول هذه الضربات القاتلة كانت الضربة الجوية التي استهدفت مقر وزارة الدفاع التابع للحكومة الشرعية في معسكر العبر في يوليو 2015 والتي قضت على أكثر من 80 ضابطاً من أكفئ ضباط الجيش الوطني والذين كانوا يمثلون اللبنات الاولى لبناء الجيش الوطني وكانت هذه الضربة التي وُصفت حينها بالخاطئة لها اثر كبير في احباط معنويات من تبقى من المنضمين للجيش الوطني.
وتتالت الضربات الخاطئة سواء المدنية منها او العسكرية وفقد الجيش الوطني في هذه الضربات المئات من الضباط والجنود المخلصين فضلاً عن مئات الضحايا من المدنيين الأبرياء، فيما كانت الشرعية تنأى بنفسها عن التطرق الى حقيقة هذه الضربات وتحاول في نفس الوقت التبرير لهذه الضربات والتي كانت اساساً ضربات في حائط الشرعية نفسها والذي غدى معها آيلا للسقوط في أي لحظة.
لم تكن الضربات الجوية فقط هي العامل الوحيد لهذا اللوبي للقضاء على “شرعية” الشرعية لكنه عمل أيضاً على تعطيل أي قرار تتخذه الشرعية أو التحالف العربي في صالح المعركة ضد المليشيا الحوثية، ولم يكتفي هذا اللوبي بذلك بل كان يعمد الى توجيه ذبابه الالكتروني لتوجيه سهام الخيانة والتخاذل صوب الشرعية وقياداتها، واطلاق هجمات منظمة ضد المكونات السياسية المساندة للشرعية لتكتمل بذلك الصورة لدى المواطن البسيط، وتبدو الشرعية وكأنها عبارة عن قطيع من المرتزقة الباحثين عن مصالحهم الشخصية على حساب القضية الوطنية.
الأمر الآخر الذي سعى إليه هذا اللوبي لإضعاف الشرعية هو تجويع منتسبي الجيش الوطني خاصة المرابطون في الجبهات وخنقه في لقمة عيشه عبر احتجاز الرواتب والاستحقاقات المالية التي من المفترض انها تصل إليه شهريا دون أي استقطاع، ومع ذلك ظل افراد الجيش ومنتسبيه في الجبهات صامدون بمعنويات تهز الجبال، وهم يقارعون فلول الامامة رغم شحة المؤونة والامكانيات المتاحة لديهم، ولا نقول الإمكانيات المكدسة في معسكرات التحالف.
إذن نحن أمام لوبي خطير يمسك بخيوط اللعبة ويمارس بمهارة عبر أدواته القذرة وهم التحرير وتظليل الشارع اليمني لكنه في حقيقة الأمر يعمل على اضعاف اليمن عبر اضعاف شرعيته ليبقى في وضع أللا دولة فيسهل التحكم به والسيطرة عليه مستقبلاً في ظل شرعية لا حول لها ولا قوة هذا إن بقيت شرعية.
وخلاصة القول.. إذا لم تتخلص الشرعية من اللوبي الإماراتي في تحالف دعم الشرعية وأذارعه الداخلية بشكل عاجل فلا أمل لها بعودة الدولة ولا أمل لملايين اليمنيين بيمن اتحادي ولا مفر من بلوغ عدوى التشرذم والتمزق الذي أصاب اليمن كل دول الاقليم إن هي استمرت في غض الطرف عما يحدث في اليمن جنوبه وشماله.