لا يزال ما كشفته وكالة رويترز بشأن قيام فريق عملاء سابقين في الاستخبارات الأميركية بالتجسس لحساب الإمارات في ما يعرف بعملية “رافين” (الغراب الأسود) يسيل الكثير من الحبر وسط تساؤلات بشأن الشخصيات التي تم التجسس عليها داخل أميركا.
وكانت رويترز قالت إن أداة التجسس المتطورة “كارما” مكنت الإمارات من مراقبة مئات الشخصيات منذ عام 2016 وعلى رأس المستهدفين كان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأخوه وعدد من مستشاريه المقربين.
كما استهدفت العملية الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان ومسؤولا تركيا رفيع المستوى ومعارضين إماراتيين ونشطاء سياسيين.
تساؤلات وترجيحات:
وتساءل مراسل الشؤون الخارجية بصحيفة نيويورك تايمز في تغريده له عن هوية الصحفيين الثلاثة الذين ذكر تقرير رويترز أن الإمارات تجسست عليهم.
ورد بعض خبراء مراكز الأبحاث الأميركية عليه بالقول إنهم تصورا أن يكون هو شخصيا أحد هؤلاء المستهدفين وذكر بعض هؤلاء الخبراء أنه من المحتمل أن يكون الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي ومحررة الرأي بصحيفة واشنطن بوستكارين عطية ضمن هذه القائمة.
وفي الوقت الذي لا توجد فيه أي تأكيدات على هوية من تجسست عليهم الإمارات فإن الكشف عن هوية هؤلاء الأشخاص قد يشكل ضربة كبيرة لسمعة الإمارات في واشنطن كحليف مهم لواشنطن.
أما الصحفية والخبيرة في تغطية شؤون التجسس جانا مكلافلين فاعتبرت أن فضيحة التجسس تلك بدأت إرهاصاتها في تقارير سابقة عن شركة “دارك ماتر” في موقع أنترسيبت حين تمت الإشارة إلى أنها أكبر من مجرد شركة أمن إلكتروني.
وكانت مكلافلين ذكرت “أن دولة الإمارات تقوم بتجنيد جيش من الهاكرز لمراقبة الشعب الإماراتي بصورة جماعية تبدو كأنها فيلم لجيمس بوند لكن بناء على عدة أشهر من المقابلات والأبحاث تبين أن دارك ماتر بالفعل تتجسس على الشعب الإماراتي”.
من جهتها عبرت كاميلا فرانكويس خبيرة التكنولوجيا والمسؤولة السابقة بشركة غوغل في تغريدة لها عن أن فضيحة التجسس هذه “تعد شديدة الإثارة وكان علينا توقعها وألا نفاجأ بما جاء فيها.. ويستغرق الكشف عن هذه الفضائح شهورا وأسابيع من التحقيقات الصحفية الجادة”.
ويذكر تقرير صدر عن وحدة أبحاث الكونغرس قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي أن “خبراء حقوق الإنسان يرون أن واشنطن تتغاضى عن انتهاكات حكومة الإمارات لحقوق الإنسان وحرية الصحافة بسبب العلاقة الإستراتيجية التي تجمع الدولتين”.
ويشير التقرير إلى “إغلاق الحكومة الإماراتية منظمات حقوقية أميركية وأوروبية على أراضها وطرد العاملين فيها”.
من ناحيته ذكر مسؤول الشرق الأوسط في لجنة حماية الصحفيين بواشنطن شريف منصور -في بيان للمنظمة- أن “ما علمناه عن تقرير مشروع رافين (الغراب الأسود) يثير الاهتمام حول مدى ذهاب دولة الامارات في استهدافها للصحفيين.
ورغم عدم خروج ردود أفعال رسمية أميركية على تقرير وكالة رويترز الذي وثق تجسس دولة الإمارات على خصومها السياسيين فإن التقرير يزيد تركيز دوائر أميركية رسمية وغير رسمية على أبو ظبي وسط تكهنات بشأن تداعياتها المحتملة.
وتحدثت الجزيرة نت مع أحد المساعدين بمجلس النواب الذي أكد أن “تبعات نشر تقرير رويترز لن تكون سريعة مباشرة في صورة تصريحات غاضبة من بعض أعضاء الكونغرس.
لكن ستكون هناك مراجعات لطبيعة التعاون الاستخباراتي بين واشنطن وأبو ظبي في ضوء ما يتكشف تباعا من أفعال لا يجب أن تقوم بها دولة حليفة لواشنطن”.
من ناحيتها طالبت الناشطة اليمنية توكل كرمان في تغريدة لها بأن “تقوم الإدارة الأميركية بتحقيق في أنباء فضيحة تجسس الإمارات وتورط شركات أميركية مملوكة لأميركيين عملوا في السابق في الاستخبارات الأميركية في هذه الفضيحة”.
قيود قانونية:
وجدير بالذكر أنه لا توجد قيود قانونية على عمل موظفين حكوميين سابقين في شركات خاصة أميركية أو أجنبية ما دام لم يتم الكشف عما يعرفونه من أسرار تتعلق بالأمن القومي.
ويمكّن إلقاء نظرة سريعة على مواقع التوظيف والبحث عن عمل على شاكلة أنديد أو لينكيد إن من التأكد من وجود مئات الطلبات لتوظيف رجال استخبارات سابقين في شركات تعمل مع الحكومة الأميركية أو مع حكومات أجنبية.
يشار إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف.بي.آي) يحقق حاليا في إذا كان مسؤولون استخباراتيون سابقون انتهكوا سرية المعلومات التي يطلعون عليها من خلال عملهم في مشروعات شركة رافين (الغراب الأسود) في الإمارات.