نشر “معهد واشنطن” تقريرا مثيرا حول التغلغل الإيراني في سوريا على مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية والدينية والثقافية.
ورأى التقرير أن هناك مسارين للتغلغل الإيراني، الأول: شراء العقارات وتغيير التركيبة السكانية وتطوير شبكات من الدعم بين دمشق والحدود اللبنانية، مع الهدف النهائي المتمثل في إقامة منطقة سيطرة جغرافية مماثلة لمعقل “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت.
أما الثاني فيتمثل في تطبيق برامج اجتماعية ودينية واقتصادية تهدف إلى استمالة المجتمعات المحرومة التي قد لا تكون متفقة أيديولوجياً مع طهران ولكنها تفتقر إلى البدائل القابلة للتنفيذ.
وتحت عنوان “مصادرة ممتلكات عائدة للسنّة في غرب سوريا”، قال التقرير: “تُستثمر الجهود الإيرانية إلى حدّ كبير من أجل تأمين دمشق وضواحيها والمنطقة الممتدة من مقام السيدة زينب إلى الحدود اللبنانية. ومن وجهة نظر طهران، يتطلب ذلك إجراء تغييرات ديمغرافية منهجية. فعلى مدار العام الماضي، تمّ طرد المجتمعات السنيّة من منازلها التي تشغلها منذ زمن بعيد واستُبدل بها أشخاص موالون لكل من إيران ونظام الأسد”.
وأضاف التقرير: “بغية توفير أساس قانوني لمثل هذه التدابير، أصدر النظام السوري القانون رقم 10 في نيسان/أبريل الماضي. وأعطى هذا التشريع لأصحاب الأملاك السوريين مهلة 30 يوما لإيجاد وكيل محلي وتقديم طلب ملكية شخصي- في محاولة واضحة لانتزاع الأراضي من السنّة الذين يشكلون الجزء الأكبر من لاجئي الحرب وكانوا غير قادرين أو غير راغبين في العودة في الموعد المحدد لتقديم الطلبات. وقد استغل “حزب الله” و”الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني هذا الوضع لشراء عقارات عديدة”. ونقل التقرير عن تقارير مسؤولين سوريين تقول إنه “تم نقل أكثر من 8 آلاف عقار في منطقة دمشق إلى مالكين شيعة أجانب خلال السنوات الثلاث الماضية”.
وعلى ذات الصعيد، يقول التقرير: “تقوم إيران بتحويل المساجد السنّية المحلية إلى مراكز ومقامات دينية شيعية، فضلا عن بناء قاعات اجتماعات ومساجد ومدارس شيعية جديدة. وتشير التقارير السردية إلى أن نظام الأسد أغلق بعض هذه المراكز الشيعية في المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا في البلاد، لكنه فشل في القيام بذلك في المناطق التي تسيطر عليها إيران حول دمشق والسيدة زينب”.
وتحت عنوان “توسيع النفوذ في الجنوب والشرق”؛ قال تقرير معهد واشنطن إنه “خارج معقلها الجديد في منطقة دمشق، تركز إيران جهودها على ترسيخ جسرها الأرضي عبر سوريا والسيطرة على حدود البلاد مع العراق”.
وأضاف: “خلال الأشهر الستة الماضية، أقام عناصر إيرانيون مراكز عسكرية وشبكات أمنية في أنحاء محافظة درعا الجنوبية الغربية. وفي الوقت نفسه، قاموا هم ووكلاؤهم من “حزب الله” ببناء ما لا يقل عن ثمانية مراكز دينية شيعية محلية وخمس مدارس دينية”.
ونقل التقرير معلومات عن قيام إيران بتوفير “فرص عمل للمقيمين السنّة الشباب دون مطالبتهم بحمل السلاح. ولقاء حوالي 200 دولار شهريا”.
وفي الشرق “فقد طبّقت إيران استراتيجية إشراك القبائل في منطقة دير الزور، بشرائها الولاء المحلي وتقديمها المساعدات المادية. فعلى سبيل المثال، يعمل العديد من أعضاء قبيلة “البقارة” – قبيلة سنّية تجمعها روابط بطهران يعود تاريخها إلى عام 1988 – بشكل علني الآن مع الإيرانيين لإنشاء مدراس ومراكز دينية”، وفقا للتقرير.
وتحت عنوان “تأثير تربوي”، قال تقرير المعهد الأمريكي إن “ثمة تطورا آخر يشير إلى هدف إيران المتمثل بضمان تواجد متعدد الأجيال في سوريا، وهو قرار نظام الأسد بفتح أقسام باللغة الفارسية في العديد من المؤسسات التعليمية، بما فيها جامعة دمشق، وجامعة البعث في حمص، وجامعة تشرين في اللاذقية. وتترافق الدروس التي تقدمها هذه الأقسام مع مجموعة واسعة من المحفزات لزيادة إقبال السوريين عليها. ولا يُطلب من الطلاب الالتحاق ببرامج كاملة من أجل حضور الدروس؛ ويمكن للشباب دون سنّ دخول الجامعة أن يحضروها؛ وقد لا تنطبق الرسوم الجامعية العادية؛ وتشمل الدروس رحلات إلى إيران”.
ويضيف: “ما دون المستوى الجامعي، فتحت إيران عددا من مدارس وكليات اللغة في دمشق وحماة ودير الزور. ويتلقى الطلاب المسجلون في هذه البرامج حوافز مالية أيضا”.
*عربي21