كشفت صحيفة بلجيكية، الخميس 8 مارس/آذار 2018، عن اختفاء أكثر من 10 مليارات يورو من الأموال الليبية من حسابات مفتوحة في بنك “يوروكلير” بين نهاية سنة 2013 و2017، علماً أن هذه الأموال كانت مجمدة بقرار من الأمم المتحدة سنة 2011. وكانت هذه الأموال خاضعة لرقابة مقربين من الزعيم الليبي المخلوع، معمر القذافي.
وقالت صحيفة La libre البلجيكية إنه بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2013، كان يوجد قرابة 16.1 مليار يورو في 4 حسابات بنكية، مفتوحة من قِبل مؤسسات مالية (وهي المؤسسة العربية المصرفية بالبحرين، وإتش إس بي سي في لوكسمبورغ) لفائدة المؤسسة الليبية للاستثمار أو فرعها، الشركة العربية الليبية للاستثمارات الخارجية (لافيكو).
وفي خريف 2017، اكتشفت السلطات القضائية البلجيكية اختفاء ملياراتها، عندما أراد قاضي التحقيق ميشال كلاز أن يصادر 16 مليار يورو في إطار التحقيق بملف تبييض الأموال. وحالياً، لم يبقَ سوى 4 حسابات مفتوحة تحتوي على أقل من 5 مليارات يورو. وقد اتصلت الصحيفة بمكتب الخدمات المالية العمومية الفيدرالية، الذي أكد أن بلجيكا لم تأذن بـ”إلغاء التجميد” عن هذه الأصول. وبناء على ذلك، يطرح تساؤل عما إذا كانت بلجيكا قد ضمنت بالشكل الصحيح تجميد هذه الأموال فعلياً.
لا تزال الأموال تحت الحجز
وبحسب ما أفادت به النيابة العمومية في بروكسل، لا تزال الأموال تحت الحجز؛ نظراً إلى أن عملاء بنك “يوروكلير”، الذين فتحوا هذه الحسابات لفائدة المؤسسة الليبية للاستثمار والشركة العربية الليبية للاستثمارات الخارجية، لا يستطيعون التصرف فيها أو سحبها.
إلى جانب ذلك، أكد هؤلاء العملاء أنهم لم يحوّلوا أي مبلغ إلى حساب “الجهاز المركزي للحجز والمصادرة” البلجيكي؛ لأن البنك رفض هذا. وهذا يعني أنه من حيث المبدأ، تعتبر هذه الأموال “مجمّدة”.
ومن المقرر أن يقدم بنك “يوروكلير” طعناً ضد قرار قاضي التحقيق الذي حجز هذه الأموال، أمام دائرة الاتهام في غضون بضعة أسابيع، بحسب الصحيفة البلجيكية.
وقد أثيرت هذه القضية في مجلس النواب، خلال شهر مارس/آذار 2018، من قبل النائب جورج جيلكينت. وقد قرأ هذا النائب شفوياً سؤالاً موجَّهاً إلى وزير المالية البلجيكي، يوهان فان أوفرتفيلدت، إلا أن النائب لم يتلقَّ إجابة منذ شهر سبتمبر/أيلول 2017.
في الوقت ذاته، أعرب النائب عن قلقه من الوضع الذي آلت إليه الأصول الليبية، التي أعلن وزير الخارجية، ديدييه رايندرز، تجميدها في سبتمبر/أيلول سنة 2011، وقد كان يقصد في حديثه مبلغ 14 مليار يورو، بحسب الصحيفة البلجيكية.
وفي إجابته، استشهد السيد فان أوفرتفيلدت بلائحة المجلس الأوروبي المسجلة بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني سنة 2016، التي تحل محل لائحة تم اعتمادها سنة 2011. وتنص المادة الـ5-4 على أن الأموال المودعة في حسابات خارج ليبيا، والتي تخضع لسيطرة كيانين منذ 16 سبتمبر/أيلول سنة 2011، لا تزال مجمدة.
وتتمثل هذه الكيانات في كل من المؤسسة الليبية للاستثمار ومحفظة ليبيا للاستثمار. كما أشارت مجموعة “ريليكس” (وهي عبارة عن مستشارين في العلاقات الخارجية ضمن المجلس الأوروبي) إلى أنه يمكن تحرير فوائد هذه الأموال المجمدة منذ سنة 2011.
تفرض اللائحة التزاماً بالسرية
ذكر الوزير البلجيكي أنه “قد تم إرسال مبالغ من الأموال المجمدة التابعة للدولة الليبية إلى ليبيا. وقد تلقت بعض الشركات تعويضات من المبادرة الليبية دون أن تقدم هذه الأخيرة مطالب رفع تجميد الأموال”. وتبعاً لذلك، أفاد الوزير بأنه “لم يصدر أي إذن، ومن المستحيل الحصول على فكرة دقيقة عن المبالغ التي تم سدادها أو الجهات الفاعلة في هذه المعاملات”، بحسب الصحيفة البلجيكية.
وفي يوم 20 فبراير/شباط 2018، طرح جورج جيلكينت سؤالاً جديداً لم يتوقعه وزير المالية، يتعلق بما قدمته مجموعة ريلكس”. ويوم الخميس 8 مارس/آذار 2018، ذكر النائب البلجيكي أن “هناك مؤشرات كثيرة على أن بلجيكا لم تمتثل للوائح الأمم المتحدة التي تتطلب تجميد الأصول الليبية في البنوك البلجيكية، وقد تم تسريح مبالغ هامة من الفوائد.
ولسائل أن يسأل، من سمح برفع التجميد عن الأصول؟ وما الذي يبرر هذا القرار؟ ولمن تم تحويل هذه الأموال؟ ألم توجَّه لتمويل عمليات إرهابية؟ إني أطرح هذه الأسئلة منذ أشهر وأتمنى أن أجد إجابة عنها. ونحن نتحدث على أقل تقدير عن مسألة مصداقية بلجيكا على الصعيد الدولي”.