بإطلاق الجيش اليمني والتحالف العربي بقيادة السعودية، عملية عسكرية واسعة لاستكمال تحرير محافظة تعز، وفك الحصار بشكل كامل عنها، عاد الحديث عن الأهمية الاستراتيجية لهذه الخطوة في القضاء على انقلاب ميليشيات الحوثي ومشروعها الإيراني في اليمن.
ولليوم الثاني منذ انطلاق العملية العسكرية، تتوالى الانتصارات الميدانية اللافتة، بغطاء جوي كثيف من مقاتلات التحالف العربي، بتحرير مناطق واسعة واستراتيجية في الجبهتين الشمالية والغربية لمدينة تعز، وسط تفاؤل كبير بأن تطهير كامل المحافظة ورفع الحصار المفروض عليها من ميليشيات الحوثي منذ ثلاثة أعوام بات قريباً.
كسر العمود الفقري للانقلابيين
وصف رئيس مركز الدراسات العسكرية في الجيش اليمني، العميد علي ناجي عبيد، تحرير تعز وفك الحصار المفروض عليها بـ”كسر العمود الفقري للانقلابيين الحوثيين”.
وأكد أن كسر الحصار وتحرير تعز يعني تحرير الحديدة وصنعاء من السيطرة الحوثية، وهو ما سيؤدي في النهاية حتما، كما يقول، إلى سقوط الانقلاب.
ورأى أن إطلاق عملية عسكرية واسعة لاستكمال تحرير تعز، في “عملية مخططة توافرت لها على اﻷقل في الحدود الدنيا وسائل النجاح، لا يعني ذلك بداية النهاية للحوثييين بل النهاية ذاتها”.
واعتبر عبيد أن تعز خلال الفترة الماضية شكلت محرقة للانقلابيين، لكن لأهميتها يستميتون عليها، وأشار إلى أن#تعز لا تشكل حاضنة للحوثيين بأفكارها العنصرية المتخلفة”.
وأضاف “كان هناك تأثير كبير لحليفهم الراحل صالح، وبذلك قدمت تعز لهم موقعها الاستراتيجي الذي أمن لهم مخزونا بشريا وماديا به استطاعوا إطالة أمد الحرب، لكنهم فقدوه بانفراط ذلك التحالف المشؤوم وأصبح وبالا عليهم”.
وأكد رئيس مركز الدراسات العسكرية، أن إطلاق العملية يستند إلى الانتصارات المحققة في جبهة الساحل الغربي والتقدم باتجاه الحديدة، ما نقل الحرب مع الميليشيات إلى “الحسم العسكري”، أو تهيئة الظروف الملائمة لعملية سلام دائمة تعلن فشل المشروع اﻹيراني، وفق تعبيره.
تعز.. مفتاح السيطرة
ويمنح الموقع الجغرافي لمحافظة تعز أهمية استراتيجية لتوسطها خارطة اليمن وربطها شمال اليمن بجنوبه، ما يجعل استكمال عملية تحريرها مفتاحا لسيطرة وتقدم الجيش الوطني باتجاه إب وذمار، وصولا إلى العاصمة صنعاء، وكذا دعم العمليات العسكرية باتجاه الحديدة وتطهير البيضاء.
ويرى مراقبون أن استكمال تحرير تعز إحدى الركائز الأساسية لسقوط الانقلاب، وتلاشي المشروع الإيراني.
ويؤكد المحلل السياسي فيصل علي، أن لتحرير تعز أبعادا عسكرية واقتصادية وسياسية من شأنها تغيير سير المعركة، وترجيح كفة السلطة الشرعية في استعادة الدولة، وتأمين محافظات الجنوب ومثلث الوسط اليمني.
وأشار في تصريحات سابقة إلى أن تعز هي الثقل السكاني والموقع العسكري والاقتصادي الأهم في اليمن، وأن استعادة السيطرة عليها تعني أن الانقلاب “أفل نجمه”.
ثقل سكاني
وتعد محافظة تعز، الواقعة جنوب العاصمة #صنعاء، وتبعد عنها بحوالي 256 كم، أكبر محافظات اليمن سكاناً (12.2%) من سكان البلاد، وتبلغ مساحتها 10 آلاف و321 مربعاً، وعدد مديرياتها 23 مديرية.
وتعز هي العاصمة الثقافية لليمن، وشكلت في مراحل تاريخية هامة مفتاح التغيير السياسي والعسكري في اليمن، ما يضاعف من أهمية استكمال تحريرها وانتزاعها من قبضة ميليشيات الحوثي الانقلابية.
ويتفق الجميع على أن تعز دفعت الثمن الأكبر في حرب الحوثيين عندما عجزوا عن فرض تواجدهم داخل المدينة، وتعرضوا لمقاومة شعبية شديدة، ما جعلهم يتحصنون في حدودها ومرتفعاتها والانتقام اليومي من سكانها بالصواريخ والقذائف العشوائية على المدنيين وارتكاب مئات المجازر البشعة، وتضييق الخناق بفرض الحصار الشامل عليها، ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، قبل أن يتمكن التحالف العربي والجيش اليمني في اغسطس 2016 من فك الحصار جزئيا.