من يحكم مناطق سيطرة الشرعية في اليمن؟

محرر 227 نوفمبر 2017
من يحكم مناطق سيطرة الشرعية في اليمن؟

منذ أشهر طويلة، لا يتوقف مسؤولو الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بقيادة السعودية والإمارات، عن ترديد أن ما يزيد على 80 في المائة من اليمن بات تحت سيطرة الشرعية، بحيث يبدو للوهلة الأولى وكأن التحالف، تمكّن من تحقيق ذلك في الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين. لكن تفاصيل وحقائق الواقع، تكشف صورة مختلفة عن هذه السيطرة، التي لم تُمكّن حتى اليوم، أغلب مسؤولي الشرعية من الاستقرار في البلاد.

وكان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وفي مقابلته مع صحيفة “نيويورك تايمز” قبل يومين، أطلق تصريحاً لافتاً من شقين، الأول بالقول إن الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف، تسيطر حالياً على 85 في المائة من البلاد، والشق الآخر، أنه بعد الصاروخ الذي أطلقته جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) وحلفاؤها باتجاه العاصمة السعودية الرياض، فإن “أقل من السيطرة الكاملة للحكومة الشرعية على الأراضي اليمنية سيُمثل مشكلة بالنسبة لبلاده”.

ليست المرة الأولى، التي تصرح فيها قيادة التحالف بهذا الشأن، إذ كان آخر تصريح حول نسبة السيطرة ذاتها، من قبل رئيس الأركان السعودي، الفريق عبدالرحمن البنيان، خلال الاجتماع الذي عقده وزراء خارجية ورؤساء أركان دول التحالف، الشهر الماضي. وفي الاجتماع نفسه، تحدث وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، عن نسبة السيطرة وبأنها تصل إلى 80 في المائة.

وتثير هذه التصريحات جدلاً في الأوساط اليمنية، فمن حيث المبدأ، ترى مصادر سياسية يمنية بحديث لـ”العربي الجديد”، أنه يصح إطلاق هذه النسبة أو أقل منها، على المناطق اليمنية التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين، ولم تخرج من أيديهم بالحرب، فحضرموت ومحافظات أخرى شرق البلاد، تمثّل ما يقرب من نصف مساحة اليمن، لم يصل إليها الحوثيون وحلفاؤهم من القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

وتتلخص المحافظات التي استردها التحالف وقوات الشرعية بعد معارك عنيفة مع الحوثيين وحلفائهم، في محافظات عدن وأبين ولحج وشبوة جنوبي البلاد، بالإضافة إلى أجزاء من مأرب وتعز وحجة وصنعاء بنسب متفاوتة، في حين أن المساحات التي تُوصف بأنها تحت سيطرة الشرعية، أعلنت القوات المرابطة فيها الولاء للشرعية، ولم تشهد مواجهات مع الحوثيين.

وبعيداً عن نسبة السيطرة، فإن تلك المحافظات، يبدو الوصف الأقرب إليها أنها غير خاضعة للحوثيين، وليست واقعة تحت سيطرة الشرعية، فمن المنطقي أن السيطرة على 80 إلى 85 بالمائة من مساحة البلاد، لم تكن كافية منذ أشهر طويلة، للحكومة لتعود بكاملها إلى العمل من داخل البلاد. فما يزال الرئيس عبدربه منصور هادي وأغلب المسؤولين والسياسيين اليمنيين المؤيدين للشرعية يتواجدون في الرياض، في وضع يصفه البعض بأنه “إقامة جبرية”.

وتُعد عدن التي تصفها الحكومة الشرعية بـ”العاصمة المؤقتة”، صورة توجز الواقع في المحافظات “المحررة” (كما يُطلق عليها من التحالف)، إذ تنتشر في المدينة مجموعة من القوى العسكرية والأمنية متعددة الولاءات، وأغلبها للإمارات، بينما يجد الرئيس اليمني عقبات حقيقية في إنفاذ قراراته، بل حتى الاستقرار في المدينة، في مقابل وجود ما يُسمى بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، الذي تأسس بدعم إماراتي، ويتبنى مطالب فصل الجنوب عن الشمال، ويشمل في عضويته محافظي محافظات تُسمى “واقعة تحت سيطرة الشرعية”.

وعلى الجزء الشرقي من جهة حضرموت، حيث المساحة التي تصل لثلث اليمن، والثروة النفطية، فإن السيطرة تعود للتحالف بواجهة إماراتية بالإضافة إلى قوى محلية، في حين تخضع مأرب لسيطرة قوات الجيش الموالية للشرعية والتي تُعبّر عن القوى الشمالية في الغالب، وتبدو في وضع منفصل عن المحافظات الجنوبية، على الأقل من الجانب العسكري. وجاءت الاشتباكات التي شهدتها تعز أمس السبت، لتؤكد هذا الواقع، إذ سُجلت إصابات جراء اشتباكات عنيفة بين فصيلين من فصائل “المقاومة” التابعة للحكومة الشرعية.

يضاف إلى كل ما سبق، أن الأجزاء التي ما تزال تحت سيطرة الحوثيين والقوات الموالية لصالح، تمثّل أغلب المناطق الحيوية ومراكز الثقل السكاني، بما في ذلك العاصمة صنعاء، ومحافظات إب والحديدة وذمار وريمة وصعدة وحجة وأجزاء من البيضاء وتعز، أي أن غالبية اليمنيين ما زالوا يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين، التي أشار بن سلمان، إلى أنها تمثل نحو 15 في المائة من مساحة البلاد.

في محصلة ما سبق، فإن المناطق الواقعة تحت سيطرة الشرعية (كما يقول التحالف)، لا تعيش وضعاً مستقراً ولا تخضع بالمعنى العملي للحكومة، بقدر ما تعيش وضعاً جديداً، مع ولاء غالبية القوى المسيطرة فيها للتحالف، بينما تختلف في كثير ما دون ذلك. على أن جزءاً كبيراً من هذه المحافظات، لم يكن الحوثيون قد سيطروا على أغلبه، قبل تدخّل التحالف. ويبقى السؤال لماذا لم تجد الشرعية موطئ قدمٍ يؤمن وجودها ويسمح لها بالقيام بمهامها، إذا كانت تسيطر على 80 أو 85 في المائة من البلاد؟

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق