وحيداً دون أي سند وبجنود محرومين من مرتباتهم لأشهر طويلة وعتاد يكاد يكون الأضعف بين كافة التشكيلات المسلحة الطارئة في اليمن بعد انقلاب الحوثيين في 2014م، يخوض الجيش الوطني ورجال القبائل بإسناد من مقاومة شعبية كبيرة، معركة وجود فاصلة على تخوم مدينة مارب الغنية بالنفط، والحصن الأقوى والأخير للحكومة الشرعية اليمنية، ضد جماعة الحوثيين الإنقلابية.
ففي ساعة متأخرة من مساء اليوم السادس من شهر فبراير الماضي أطلقت قوات الحوثيين أكبر وأوسع عملية عسكرية لقواتها منذ انطلاق الحرب قبل 6 أعوام، وكان الهدف الأساسي إسقاط محافظة مارب الغنية بالنفط والقضاء بشكل كلي على الشرعية اليمنية.
وبلغت العمليات العسكرية والاشتباكات ذروتها خلال الأسبوع الأخير بعد محاولة توغل خطيرة لمليشيات الحوثيين من الجهة الغربية في منطقة جبل البلق القبلي (الشمالي) المطل على سد مارب الشهير بعد تقدمها من منطقة الكسارة على مشارف جبل هيلان، إلا أن قوات الجيش الوطني ورجال القبائل نفذت بعد ساعات قليلة واحدة من أكثر العمليات العسكرية بطولة وفداءً وتمكنت من تحرير الجبل وتطهير المنطقة بشكل كامل وتقدمت إلى منطقة الكسارة، وسط تقهقر وصدمة المليشيات.
واليوم تكاد المعارك في مارب أن تبلغ مدتها شهراً كاملاً، وبنظرة فاحصة على الخريطة العسكرية بمارب ونقاط التماس ومواضع الاشتباكات فيها، وبعد مرور 4 أسابيع على القتال العنيف الذي لم يهدأ ليلة واحدة، فقد فشلت المليشيات في تحقيق أي تقدم في أي جبهة، بالإضافة إلى تعرضها لنزيف بشري مهول، حيث يقدر مراقبون عداد الخسائر البشرية في صفوف الحوثيين منذ بدء القتال الأخير حول مارب بالآلاف.
ويقول خبراء عسكريون لعدن نيوز إن صمود الجيش الوطني في مارب خلال الأيام والأسابيع الماضية أمر خارق وأشبه بكرامة أو معجزة تحققت في ظل الخذلان الذي يتعرض له الجيش وتتعرض له مارب، والحيانات التي تحيط بالمدينة اليمنية التي ظلت رمزاً تأريخياً لعظمة اليمنيين وحضارتهم.
https://www.youtube.com/watch?v=xwr_7i6kxhY
* خيانة الانتقالي (حلف المليشيات)
ومع اشتداد ضروس الحرب في مارب ظهرت بوادر الخيانة من قيادات المجلس الإنفصالي الإنتقالي وبدأوا مرحلة الطعن في ظهر مارب والجيش الوطني، وذلك عبر تصريحات خطيرة أطلقها رئيس مجلس الإنفصال المسنود إماراتياً، عيدروس الزبيدي.
وقال في مقابلة مع صحيفة الجارديان البريطانية إن سقوط مأرب في يد الحوثيين سيفتح باب الحوار مع الانتقالي حول مستقبل الجنوب.
وأشار الزبيدي إلى أن سيطرة الحوثيين على مأرب سيسرع بما وصفه المحادثات الدولية بين الشمال والجنوب.
وبحسب الزبيدي “قد يؤدي ذلك إلى وضع يسيطر فيه المجلس الانتقالي الجنوبي إلى حد كبير على الجنوب وسيطرة الحوثيين على معظم الشمال. في هذه الحالة، سيكون من المنطقي إجراء محادثات مباشرة بين الأطراف المسيطرة “.
وبحسب السياسي اليمني عبدالناصر المودع، فإن مغازلة الإنفصالي للحوثيين هي نتاج طبيعي لشعور جميع العصابات والتشكيلات المليشياوية بأنها في قارب واحد، مشدداً: المليشيات ملة واحدة.
وتابع خلال تصريحات تابعها عدن نيوز: منذ انطلاق معركة مارب يحاول الإنتقالي تشويه النضال الأسطوري للجيش الوطني ورجال القبائل فيها، وخلق هالة تعتيم حول البطولات التي تجترحها مأرب ضد الحوثي.
وتابع: لطالما قلت سابقاً وأعيد تكرارها.. الحوثي من مخرجات المشروع الإنفصالي وللقضاء على السرطان الحوي لابد اولاً من القضاء على المشروع الإنفصالي.
* ما الإسناد الذي تحتاجه مارب؟
على الرغم من نجاح مارب في صد وكسر كل الموجات الهجومية للحوثيين إلا أن استمرار الخذلان لها وبقائها وحيدة في صراع هذا المد الهائل ينذر بما هو أسوأ، وهو ما دفع الكثير من السياسيين وأعضاء من مجلس النواب اليمني إلا دق جرس الإنذار ومطالبة قيادة الحكومة الشرعية بالقيام بدورها في إسناد المقاتلين في مارب بما تتطلبه هذه المعركة المصيرية التي تعد فاصلة.
وأثار يمنيون مسألة خمود جميع الجبهات في عموم محافظات اليمن مع الحوثيين، في الوقت الذي تشتعل فيه كل نقطة تماس في مارب، فعلى الساحل الغربي تبرز جبهة الحديدة التي يقودها طارق صالح، والتي تعرضت لانتقادات شديدة بسبب ما وصف بأنه خذلان لمارب.
كما تبرز أيضاً جبهة مدينة تعز والتي أصبحت جبهة خاملة منذ فترة طويلة، بالإضافة إلى جبهات مريس بالضالع، وكذا المناطق العسكرية الأولى والثانية (الأقرب إلى مارب) والرابعة والخامسة.
وخلال الفترة الماضية أرسلت جلهة الساحل الغربي في الحديدة ولأول مرة قافلة دعم إلى مارب، وعلى الرغم من أن القافلة احتوت على مواد غذائية ومؤن إسعافية، إلا أن كثيراً من اليمنيين اعتبروا تلك الخطوة بأنها تطور لافت قد يحيي مشروع واحدية نضال اليمنيين تجاه هذا الورم الحوثي الخبيث.
وفي ذات السياق يقول الصحفي عادل الأحمدي إن معركة مارب والبطولات التي خلدتها تتطلب إسنادا شاملاً على 4 محاور رئيسية: إسناد سياسي وإسناد شعبي وإسناد إعلامي وإسناد دولي.
وأشار إلى أن القيادة السياسية لا تزال بعيدة للغاية عن دورها المنشود في إسناد المعركة، وأنها مطالبة بإلغاء اتفاق ستوكهولم وإعادة إحياء العمليات العسكرية في الحديدة.
وأضاف: فيما يخص الإسناد الشعبي فإن المرحلة تتطلب تظافراً شعبياً لتعويض الفراغ السياسي المساند للمقاتلين، حيث ستشكل الحملات الشعبية كالتعبئة العامة والاستنفار إلى الجبهات بالإضافة إلى تمويل المجهود الحربي شعبياً علامة فارقة في مسار المعركة.
وعلى الصعيد الإعلامي حمل الأحمدي الوسائل الإعلامية التابعة للحكومة الشرعية مسئولية التقصير فيما يخص معركة مارب، وقال عن كثيراً من المنصات الإعلامية أصبحت تنقل إشاعات الحوثيين وتبث الأكاذيب وتقوم بإحباط معنويات المقاتلين.
أما على الصعيد الدولي فقال إن التحالف العربي لا يزال بعيداً كل البعد عن إسناد معركة مأرب، مشيراً إلى أن السبيل الأقرب والأقصر هو عبر دعم مارب بسلاح نوعي وثقيل وبكميات كبيرة، وسيكون هذا كفيلاُ بنقل مجريات المعركة من مارب على صنعاء.