تعتبر ثورة 1948 الدستورية التي قادها عدد من القادة الأحرار، ضد نظام الإمام يحيى حميد الدين، أم الثورات، والتي نتج عنها اغتيال الإمام يحيى، ثم مبايعة الإمام عبدالله الوزير قائد عام جيوش الإمام يحيى، ومحافظ الحديدة آنذاك خلفا للإمام بموجب بيعة شرعية من علماء اليمن.
حينها أصدرت الحكومة الجديدة بلاغا عاما باسم مدير الدعاية يوضح فيه سير الأحداث التي جرت خلال الأيام التي سيطرت الحكومة الجديدة فيها على الوضع العام.
وقد تشكلت حينها الحكومة الدستورية التي أصدرت قرارات تتعلق بمستقبل الشعب اليمني ورفاهيته كان أهمها:
1.المسارعة إلى إنشاء مجلس شورى حتى تتخلص اليمن من حكمها الاستبدادي.
2.اعتماد مبلغ ضخم لإنشاء مجموعة من المستشفيات تكون كشبكة طبية ف جميع أنحاء البلاد واستدعاء مجموعة ضخمة من الأطباء العرب لإدارتها بمرتبات مغرية.
3.اعتماد مبلغ آخر لإنشاء أكبر عدد من المدارس الابتدائية والثانوية والصناعية واستقبال المدرسين من جميع أنحاء العالم العربي وإرسال البعوث الكبيرة من أبناء اليمن وشبابه لإتمام تعليمهم في مصر.
4.إنشاء شبكة من الطرقات الممهدة تصل جميع أطراف الدولة بعضها ببعض وتختصر المسافات الطويلة التي يقطعها المسافر وذلك بإنشاء الكباري والجسور فوق الأودية في الطرق الرئيسية.
5.إقامة محطات كهرباء في المدن العامة مثل صنعاء والحديدة وتعز لإضاءتها بالكهرباء لأول مرة في تاريخ.
6.الاتفاق مع شركات عربية وأجنبية لاستغلال مناجم الفحم والنحاس التي توجد بوفرة في بلاد اليمن.
7.التعاقد مع إحدى الشركات لخلق ميناء كبير في خليج الكثيب المجاور لمدينة الحديدة.
8.إطلاق سراح الرهائن من أبناء شيوخ القبائل الذين كان يحتفظ بهم الإمام يحيى حتى لا يخرج آباؤهم على طاعته.
9.سن تشريع سريع للقضاء على استعمال السم الأخضر المعروف بالقات واقتلاع جميع أشجاره.
وبخصوص الحكومة الجديدة، فقد تشكلت من أربع هيئات، وهي كالتالي:
الهيئة الأولى : أعضاء مجلس الوزراء
علي بن عبد الله الوزير – الإمام ورئيس مجلس الوزراء.
حسين بن محمد الكبسي – نائب مجلس الوزراء ووزير الخارجية
محمد أحمد نعمان – وزير الداخلية، ثم تم تكليف علي بن عبد الله الوزير.
حسين بن علي عبد القادر – وزير الدفاع
عبد الرحمن حسين الشامي – وزير الشئون الاجتماعية
القاضي محمد راغب بك – مستشار عام
عبد الوهاب نعمان – وزير الصحة
علي بن حمود شرف الدين – وزير العدل
القاضي أحمد بن أحمد الجرافي – وزير الاقتصاد والمناجم
الحاج الخادم بن أحمد غالب – وزير المالية / الخزانه
عبد القادر بن عبد الله – وزير الأوقاف
القاضي محمد محمود الزبيري – وزير المعارف
أحمد بن أحمد المطاع – وزير التجارة والصناعة
أحمد محمد نعمان – وزير الزراعة
حسين بن علي الويسي – وزير المواصلات
علي بن إبراهيم – وزير الأشغال
علي بن يحيى – وزير دولة
القاضي عبد الله عبد الآله الأغبري – وزير دولة
الشيخ علي بن محسن – وزير دولة
الهيئة الثانية: مدراء الوزرات “الوكلاء”:
• محمد بن حسن عبد القادر مدير وزارة العدل
• زين بن علي الموشكي مدير وزارة الداخلية
• محي الدين العنسي مدير وزارة الخارجية
• أحمد بن حسن الحورش مدير وزارة المعارف
• أحمد بن محمد باشا مدير وزارة الزراعة
• محمد صالح المسمري مدير وزارة الشئون الاجتماعية
•القاضي أحمد بن قاسم العنسي مدير وزارة المالية
• ناشر عبد الرحمن مدير وزارة الصحة
• يحيى بن أحمد زبارة مدير وزارة المواصلات
• عبد الله حسن السنيدار دير وزارة الأشغال
• عبد العزيز بن منصور نصر مدير وزارة الأوقاف
• محمد مكي بن يحيى زكريا مدير وزارة الاقتصاد والمناجم
•الرائد / جمال جميل مدير وزارة الدفاع.
الهيئة الثالثة: الموظفون الشوريين “لبرلمانيون”ك
•الأمير سيف الحق إبراهيم رئيس مجلس الشورى
•الشيخ حسن الدعيس وكيل أول
•القاضي عبد الرحمن الأرياني سكرتير أول لمجلس الشورى
•القاضي محمد أحمد الجرافي سكرتير ثاني لمجلس الشورى
• أحمد البراق مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء
•العلامة أحمد الكحلاني رئيس هيئة كبار العلماء
•محمد بن محمد زبارة وكيل
•العلامة قاسم الوجيه الحاكم الأول
•محمد الذاري الحاكم الثاني
•يحيى محمد عباس رئيس الاستئناف
•القاضي محمد ابن أحمد الحجري رئيس ديوان المحاسبة
•الشيخ عبد الله عثمان مدير الأمن العام
•عبد الله بن عبد الوهاب نعمان سكرتير الأمن العام
•القاضي أحمد بن علي العنسي مدير دار الكتب
•عبد الله بن علي الوزير مدير الدعاية والنشر
•محمد أحمد المطاع وكيل الدعاية والنشر
•أحمد محمد الشامي سكرتير مجلس الوزراء
•محمد بن محمد بن إسماعيل سكرتير الشئون الاجتماعية
•القاضي حسين بن أحمد السياغي وكيل أملاك الحكومة
•أحمد عبد الرحمن الشامي مدير أملاك الحكومة
•القاضي عبد الله الشماحي وكيل
•الحاج علي محمد السنيدار مدير الجمارك
•الشيخ جازم الشيخ مدير جمارك تعز
•عبد السلام صبره مدير بلدية صنعاء
•الأستاذ زيد عنان مدير إدارة المهاجرين
•القاضي يحيى السياغي مفتش وزارة العدل
•حسين الحبشي مفتش التجارة والصناعة
•الحاج عزيز يعني رئيس الحرس الملكي
•الصفي أحمد محبوب رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الهيئة الرابعة: كبار الموظفون التنفيذيين :
•القاضي عبد الله حسين العمري وزير دولة
•العلامة زيد عقبات محافظ صنعاء وأمير لوائها
•محمد بن أحمد الوزير أمير لواء عمران
•محمد بن حسن الوادعي أمير لواء الشام
•حسين الحوثي أمير لواء حجة
•القاضي حسين بن علي الحلالي أمير لواء الحديدة
•محمد بن أحمد باشا أمير لواء تعز
•الشيخ علي محمد نعمان أمير لواء رداع والبيضاء
•القاضي محمد عبد الله الشامي أمير لواء إب
وقد بدأت الحكومة فعليا بممارسة مهامها، إلا أن أحمد حميد الدين “أمير لواء تعز حينها”، لم يكن قد بايع الإمام الجديد، وناصب العداء للثورة الوليدة، وتوجه من تعز إلى لواء حجه ليجمع أنصاره من أجل إسقاط الثورة، ولا بد من الإشارة إلى أنه كان داهية، كما أن هناك عوامل أخرى ساهمت في فشل الثورة، منها قلة خبرة رجال الدولة في ممارسة السياسه والحكم وكذلك الإعتماد على الجامعة العربية في تأييد الثوره حيث كان موقف أغلب الدول العربية يتسم بالعداء من ثورة اليمن، باستثناء لبنان وسوريا التي أبدتا بعض التعاطف مع ثورة اليمن.
فقد صرح رئيس وزراء لبنان أنه رأى إمام اليمن الجديد في موسم الحج فأعجب برجولته وحبه للإصلاح، وأن اليمن بدأت في عهده تفتح أبوابها للبعثات العربية ورجال الصحافة، وأبدى أسفه لظروف وفاة الامام يحيى، ويضاف إلى ذلك العديد من الأسباب التي أدت في النهايه إلى سقوط الحكومة والثورة في فترة أقل من شهر .
سقوط صنعاء ونهاية الثورة
في يوم 13/3/1948 جاءت ساعة النهاية، وسقطت صنعاء في أيدي قوات القبائل، حيث أذاع راديو صنعاء أن القوات الموالية لسيف الإسلام أحمد دخلت العاصمة حوالي الساعة التاسعة صباحاً، وعلى ضوء ذلك كان سقوط صنعاء هي النهاية الحتمية المتوقعة، فقد فشلت كل محاولات الحكومة اليمنية الوليده لإنقاذ الموقف سواء علي الصعيد الدبلوماسي، أو علي صعيد الوضع العسكري وكذلك فشلت آخر محاولة قامت للصلح بين الامام الوزير والامير أحمد .
ومن حيث بدأت الثورة، كانت نهايتها، حيث نجح أبناء الإمام يحيى في الإطاحة بالإمام الجديد عبدالله الوزير، في قصر غمدان، بعد أن استطاعوا التواصل مع بعض الموالين لهم في القصر وفي صنعاء، كما اتصلوا بالأمير أحمد، وتم تنفيذ الانقلاب علي الامام عبد الله الوزير داخل القصر، ووقع القصر تحت سيطرة أولاد الامام يحيى، بعد أن قطعوا خط التليفون بين قصر غمدان ومقر جمال جميل، وأطلقت المدفعية من جربة المدافع، وهو مكان استراتيجي كان يوجد في قصر السلاح على مقر الإمام عبد الله الوزير، الذي استسلم مع رفاقه.
وتم إشعال النيران من قصر غمدان، كإشارة للنجاح في التغلب على الإمام الجديد، ثم تلى ذلك إشعال النيران من على أسطح منازل أتباع الأمير أحمد في صنعاء، وصاحب ذلك إطلاق النيران، وترديد الهتافات بدخول الأمير أحمد إلى قصر غمدان، والقبض علي الامام عبد الله الوزير، وقد أدي خبر القبض علي الامام عبد الله الوزير، وإشاعة دخول الأمير أحمد قصر غمدان إلى انتشار الرعب والخوف في أوساط من تبقى من الحاميات الموالية للثورة، على الأبواب والأسوار، ما دفعهم إلى إعلان الولاء للأمير أحمد، واندفعت القبائل داخل صنعاء تمارس السلب والنهب وتهاجم البيوت والمحلات، ولم يستطع إلا القليل من رجال الثورة النجاة، وتم القبض علي قيادات الثورة، وعلى رأسهم الامام عبد الله الوزير وجمال جميل والكبسي.
كما جرى اعتقال ما يقرب من ألف شخص من الضباط والعلماء والأدباء والمثقفين والتجار والمشايخ وطلاب الكلية الحربية بالإضافة إلي بعض الفدائيين الذي قدموا من عدن لمناصرة الثورة ، وقد أرسلوا إلى سجن حجة، وهناك كان يؤتى بالواحد منهم تلو الآخر في ميدان عام، حيث يشد وثاقه ويميل برأسه قليلا ويوضع على عمود ذي شعبتين ثم يأتي السياف بسيفه ليضرب على عنق الضحية وسط جموع الناس .
وقد تم إعدام قرابة 32 من الثوار، على رأسهم الإمام عبد الله الوزير، وجمال جميل وحسين الكبسي ومحيى الدين العنسى والحورش وزيد الموشكي وأحمد البراق ومحمد المسمري (بعضهم أعدم في ميدان شرارة / ميدان التحرير حالياً)، والبعض الآخر في حجة، وكذلك سيف الحق إبراهيم أبن الإمام يحيى، بينما مات الأخ غير الشقيق للإمام أحمد مسموما في السجن، بينما أمر الإمام أحمد بالإفراج عن أربعة من المشاركين في الثورة وهم زيد عقبات والصفي الجرافي ، وعلى لطفي وحسين مظهر.
وبحسب بعض الروايات فقد كانت جثث الثوار تصلب، بينما يتم إرسال رؤوسهم إلى القبيلة والعشرية التي ينتمي إليها الثائر الشهيد، في حين صلب الإمام الامام عبد الله الوزير في صنعاء في ميدان شرارة لسبعة أيام، بعد ذلك تم إعدام الحاج الخادم غالب وعلي بن عبد الله الوزير، وفي شوال 1367هـ تم إعدام كل من أولاد الحسيني و مصلح هارون و سنهوب ، وريحان ، و العتمي في صنعاء .
وفي أول العام 1368هـ وصل سجناء جدد إلى حجة وهم الشيخ أحمد ناصر القردعي وابن عمه على طالب القردعي والذي مات في سجن نافع ، كما وصل محمد بن حسين عبد القادر من سجن صنعاء، وبعد مضي عام على قتل الإمام يحيى تم إعدام كل من الحاج عزيز والشيخ محسن هارون، وفي نفس الشهر تم نقل الرئيس جمال جميل إلى صنعاء وحبسه في سجن الرادع، وأعدم في رمضان ( 1949م ) وقبل إعدامه خاطب طلابه في الكلية الحربية قائلا : “لا يرهبكم مصرعي ، عيشوا مبادئكم وقضية وطنكم وموتوا من اجلها فالموت في سبيل الواجب شرف وخلود”، كما أعدم الشيخ محسن هارون في ميدان شرارة المسمى الآن بميدان التحرير.
أما عن المعتقلين زج في السجن بالكثير من الثوار، والذي قدر لبعضهم أن يلعب دوراً في تاريخ اليمن في ما بعد اليمن مثل “عبد الله السلال وأحمد الثلايا وحمود الجائفي وعبد الرحمن الأرياني وأحمد المروني “، وفي ليلة العيد من عام( 1368هـ) صدرت أوامر الإمام بالتشديد على المساجين وإضافة قيود إلى ما يحملونه، وعدم اختلاطهم بالآخرين وعددهم ستة عشر وهم “أحمد محبوب ، عبد السلام صبره ، حسن العمري، عبد الله السلال، أحمد محمد النعمان ، محمد الطاع ، أحمد الشامي ،عبد الله الشماحي ، العزي صالح السنيدار ، أحمد المروني ، عبد الرحمن الإرياني، محمد عبد القادر، غالب الشرعي، النقيب محمد حمود قائد الضلعي، علي محمد السنيدار، عبد القادر أبو طالب، محمد عكارس، وغالب سري، وحمود الجائفي، وحزام المسوري “.
ومن هؤلاء الستة عشر، أمر الإمام بجلد أربعة منهم ثلاثين جلدا يوميا وهم، “أحمد المروني- أحمد الشامي- العزي صالح السنيدار ومحمد عكارس”، كما صدرت أوامر بمصادرة أملاك بعض هؤلاء وأراضيهم وهدم بيوتهم وهم “الصفي محبوب وحسن العمري ومحمد عكارس”، وقد ظلوا في سجن حجة إلى أن جاءت ثورة 1955م، والتي أعدم فيها المقدم أحمد الثلايا وعدد آخر من الأبطال الجمهوريين.
المصدر/ الموسوعة الحرة – كتاب ليلتان في اليمن – تأليف عبد القادر حمزة .