مثلت القبيلة اليمنية احد مكونات المجتمع اليمني على امتداد تاريخ البلاد ، كما لعبت القبيلة أدواراً متعددة في الواقع السياسي والعسكري، غير أن واقع ما بعد العام 2014 وانقلاب جماعة الحوثي المسلحة غير وضع اليمن عموماً ومعه وضع القبيلة التي عاشت اسوأ مراحلها مع الإنقلاب او ما يمكن تسميتها بـ النكسة القبلية.
فبعد أن تمكن الحوثي من استخدام مشايخ واعيان معظم القبائل لتحشيد المقاتلين ومساندة إنقلابه على الشرعية بدأ بتصفيتهم واحداً تلو الآخر، في سلوك يعكس حسب مراقبين تصرف الجماعات الإرهابية من خلال نكث العهود والتنكيل بالخصوم والحلفاء على حد سواء.
مؤخراً أقدمت مليشيا الحوثي على قتل وتصفية الشيخ القبلي الموالي لها والذي ساهم في سيطرة المليشيا على مديرية أرحب، علي حزام ابونشطان، بطريقة بشعة، حيث تمت تصفيته الى جانب شقيقته وطفلها الرضيع واثنين من اخوانه، الحادثة أعادت الى الواجهة مسلسل فتك المليشيا بأبرز مشايخ القبائل الداعمين لها، وهو سلوك توارثته الجماعة منذ سنوات طويله ونحاول الإحاطة به في سياق هذا التقرير.
سُنّة حوثية متواتره
تشير الكثير من المصادر والكتب التي أرخت فترة اندلاع ثورة سبتمبر 1962 التي اطاحت بالحكم الإمامي وحصار السبعين الذي اعقبها، الى قيام قوات الإماميين- التابعة لبيت حميد الدين الذي يرجع نسب الأسرة الحوثية اليه- بأسلوب تصفية بعض حلفائها الذين شاركوها في حصار صنعاء.
حيث عمد الإماميون آنذاك الى تصفية الشيخ الغادر، الذي انسحب من معسكر الإمامة الذي يحاصر صنعاء، بعد علمه بخطط الإماميين الرامية لإستعادة الحكم وحصره في بيت حميد الدين واستبعاد مشائخ القبائل الموالين لها.
وامتد هذا الأسلوب ليشمل داعمي الجماعة وحلفائها حديثاً من المشائخ ورجال القبائل، الذين طالتهم يد الجماعة قتلاً وتصفية واعتقالاً واضطهاداً، إضافة الى مصادرة اموال آخرين وممتلكاتهم.
جزاء سنمار
“مكافئة نهاية الخدمة”، او “جزاء سنمار” هكذا يطلق اليمنيون على مصير مؤيدي الحوثي وداعميه من المشائخ والوجاهات والسياسيين، والتي طالت المئات بحسب تقارير صحفية.
على رأس القائمة كان الحليف السياسي والعسكري للجماعة الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي تخلص الحوثيون منه في العاصمة صنعاء بعد أن مكنهم من صنعاء، وسلمهم الجيش وكل مؤسسات ومرافق الدولة.
تطول قائمة الحلفاء الذين شملهم مسلسل التصفية، غير أن أبرز من تصدرها خلال الأعوام الماضية، الشيخ سلطان محمد الوروري (37 عاماً) أحد مشائخ قفلة عذر بعمران، ومهندس إسقاط عمران و«اللواء 310» بقيادة حميد القشيبي قبل اقتحام صنعاء، إضافة الى الشيخ مجاهد قشيرة، الذي شاهد اليمنيون جميعاً نهايته عبر مقاطع مصورة أظهرت قيام الحوثيين بقتله والتمثيل بجثته وسحلة وإحراق منزله.
تصفيات داخلية
لم تقتصر عمليات القتل والتصفية على مؤيدي الجماعة وحلفائها القبليين، بل شملت قيادات داخل الأسرة الهاشمية نفسها، وذلك ما حدث مع القيادي في الجماعة، ورئيس حزب الحق حسن زيد اواخر العام 2020 في صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيا، حيث أشارت معظم الدلائل الى وقوف جناح داخل مليشيا الحوثي خلف عملية اغتياله.
وسبق اغتيال حسن زيد، تصفية عدد من القيادات الحوثية ابرزهم، أحمد شرف الدين، عبد الكريم جدبان، عبد الكريم الخيواني، المرتضى المحطوري، محمد عبد الملك المتوكل، يحي موسى وآخرين ممن كانوا قيادات مع الحركة الحوثية خلال حروبها السابقة وتمت تصفيتهم في ظروف غامضة، ولم يعلن الحوثيون نتائج لأي عملية اغتيال .
احصائيات
حاول محرر موقع تعز بوست، رصد أبرز عمليات التصفية التي طالت مشائخ قبائل حلفاء للحوثيين خلال عامين فقط، واظهرت النتائج تصفية مليشيا الحوثي خلال العام 2019 لأكثر من 12 شيخاً قبلياً، أغلبهم ممن مهدوا لها الطريق لإسقاط الدولة اليمنية نهاية 2014.
في حين شهد العام 2020 مصرع 38 قيادياً ، توزعوا ما بين قيادات ميدانية ومشائخ موالين وسياسيين في 11 محافظة، وقائع التصفية زادت بعد ارتفاع حد الصراع بين اجنحة المليشياعلى ثلاثية النفوذ، والسلطة، والمال.
اسماء بارزة
في السياق حاولنا في الموقع رصد ابرز اسماء المشائخ والوجاهات ممن تم تصفيتهم، ومنهم الشيخ محمد الشتوي أحد وجهاء مديرية سفيان بعمران، ومن أبرز الموالين للمليشيات الحوثية،
ويليه الشيخ أحمد سالم السكني، المكنى “أبو ناجي المربي” وهو عضو المجلس المحلي وعضو حزب المؤتمر الشعبي العام في عمران، خالد علي جمان وهو شيخ قبلي ساعد الحوثيين، قبل أن يقتل على يد “أمين عامر جمان” وهو قائد آخر للحوثيين من نفس العائلة.
في قائمة من تم تصفيتهم ايضاً محمد الشطي، أحد القادة المحليين الموالين للحوثي، قتل على يد قيادي آخر من المتحوثين يدعى “مجاهد قشيرة”، والأخير تعرض في اليوم التالي الى السحل والتمثيل بجثته وتفجير بيته.
كما تمت تصفية القيادي المتحوث عبدالقادر سفيان: أحد قيادات الحوثي البارزة بمحافظة إب وكان يشغل منصب نائب المحافظ، ونفس المصير واجه كذلك محمد عبد الكريم هيجان، القيادي المتحوث الذي عمل مع الحوثيين، وساعدهم في الاستيلاء على المحافظة في عام 2014م.
ماذا بعد؟
وفي ظل التصفيات المستمرة لأغلب المشائخ الذين عملوا كحصان طروادة للحوثيين، يتسائل ناشطين عن مصير بقية الوجاهات الذين لا زالو في صف المليشيات وتنتظرهم مكافأة نهاية الخدمة كسابقيهم.
ومع استمرار الحرب التي تخوضها المليشيا المصنفه إرهابياً تستمر حاجتها لدماء جديدة وهو ما يدفعها مراراً لإستخدام ابناء القبائل ومشائخها وقود لحربها التي لا يبدو انها ستنتهي قبل انهاء كل مخزون القبائل اليمنية المؤيدة لها، وتصفيتها في نهاية المطاف لكل الحلفاء الداعمين لها.