استعرضنا في الحلقة السابقة أهم القيادات العسكرية والمدنية الجنوبية التي تعرضت للاغتيال من قبل الإمارات، وفي هذه الحلقة نتناول محاولة استهداف واحد من أهم قيادات الشرعية، وهو رجل الأعمال المعروف الشيخ أحمد صالح العيسي، نائب مدير مكتب الرئيس هادي.
اغتيال رجال الشرعية الأقوياء: العيسي أنموذجاً
في أواخر شهر ديسمبر من العام 2018م فجر القيادي وعضو المجلس العسكري بالمقاومة الجنوبية “عادل الحسني” مفاجأة من العيار الثقيل، مؤكداً إن السلطات الإماراتية طلبت منه تصفية الشيخ أحمد العيسي.
جاء ذلك في شهادته على خفايا الدور الإماراتي في عدن وجنوبِ اليمن، وخفايا الاغتيالات ومن ينفذونها ضمن برنامج “بلا حدود” على قناة “الجزيرة”.
تلك الشهادة التي أدلى بها الحسني وهو معتقل سابق لاقى صنوفاً وحشية من التعذيب في معتقلات الإمارات أكدت بحسب مراقبين رغبة الإمارات في التخلص من عقبة وقفت أمام تحقيق أطماعها، بعد أن فشلت كل محاولاتها السابقة في تجاوزه.
ويقول الناشط الصحفي امجد السماوي معلقاً: اللافت في الأمر هو تلك الهبة الشعبية الجارفة التي اندلعت عقب صدور تلك الشهادة، إذ هب اليمنيون من كل حدب وصوب يعلنون التضامن مع العيسي.
التضامن لم يقتصر على إبداء المواقف الشخصية بل عبرت مختلف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الرياضية وغيرها عن إدانتها لهذه الجريمة.
مشروع الهيمنة: الدافع والحافز
في الوقت الذي دخلت فيه السعودية اليمن، بهدف توجيه ضربة غير مباشرة لإيران عدوها الإقليمي، عبر القضاء على حلفائها الحوثيين، فإن الإمارات تسعى لأهداف مغايرة تماما، منها السيطرة على الموانئ اليمنية، ومحاربة جماعة الإخوان المسلمين وأن ذلك بدا جليا عبر تمركزها في جنوب اليمن، وتدريبها للانفصاليين اليمنيين على مدار سنوات.
ومنذ مارس/آذار 2015 دخلت القوات الإماراتية جنوب اليمن وتركزت هناك وبدأت تدريب وتسليح فصائل يمنية من الجنوب والهدف كان واضحاً ومعلناً وهو ضمان تواجد إماراتي ثابت ودائم في تلك المنطقة لضمان السيطرة على باب المندب.
هذا الهدف استراتيجي وجاد تماماً، وسعت أبوظبي لتحقيقه ليس فقط من خلال الاشتراك في التحالف السعودي في اليمن ولكن أيضاً من خلال التنسيق مع مصر والحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، وإنشاء قواعد لوجستية وعسكرية في الصومال وإريتريا لضمان التواجد على جانبي مضيق باب المندب الذي لا يقل أهمية عن مضيق هرمز.
اليمنيون والإمارات: وجه “صديق” وقلب “عدو”
رسمت ست سنوات من المغامرة الإماراتية في اليمن ملامح العلاقة بين اليمنيين (كشعب) وبين الإمارات (كدولة)، وباتت اليوم في أدنى مستوياتها، وبات اليمنيون ينظرون إلى أبوظبي بأنها دولة عدو، على الرغم من الحملات الدعائية الممولة إماراتياً والتي تروّج لفكرة هبة أبناء الإمارات مع أشقائهم اليمنيين لتخليصهم من الحوثي.
وقد زرعت الإمارات في سبيل هيمنها على جنوب اليمن العشرات من الألغام التي من شأنها أن تبقي اليمن وطناً مشتعلاً وغير قابل للاستقرار، وفق ما يطرحه سياسيون، وهي بذلك تحضر لأكبر أهدافها وهو تشطير اليمن وإعادته إلى ما كان عليه قبل العام 1990م.
المثير للدهشة هنا، كما يقول مراقبون، أن حجم الضخ المالي اللامحدود الذي أنفقته الإمارات لإنجاح مخطط التشطير ولّد في المقابل حالة وعي وحالة انتماء غير مسبوقة في الأوساط الشعبية جنوب البلاد لليمن الأكبر، وبات خطاب الانفصال ودعاته منبوذين شعبياً.
الفيديو المعروض تالياً هو لاستطلاع شعبي أجرته صحيفة محلية في عدن، وتضمن سؤالاً وحيداً للمارة فيها: هل أنت مع الوحدة أم الانفصال.
واليوم وبعد مرور نحو شهر من الحادثة الإجرامية في مطار عدن يطالب اليمنيون كافة المنظمات المدنية والإنسانية والمجتمع الدولي بشكل عام للتضامن مع أهالي الضحايا عبر فتح تحقق دولي عاجل وشفاف في الحادثة، ومحاسبة جميع المتورطين فيها.