في ساعة متأخرة من صباح الثلاثاء 27-اكتوبر-2020، كانت العاصمة صنعاء على موعد مع حادثة اغتيال سياسي مدويّة طالت القيادي الحوثي الثقيل حسن زيد.
وكان زيد الذي يرأس حزب الحق ويتولى منصب وزير الشباب والرياضة بحكومة الحوثيين متحركاً بسيارته رفقة ابنته في جسر حدة المدينة وسط صنعاء، قبل ان يباشره مسلحون مجهولون على دراجة نارية بوابل من الرصاصات أدت لمقتله.
وقالت المصادر، إن “زيد” توفي على الفور، وأصيبت ابنته التي كانت تقود السيارة.
من جانبها أكدت وزارة الداخلية في حكومة الحوثي (غير معترف بها ) مقتل وزير الشباب والرياضة “حسن زيد”.
وقالت الوزارة إن زيد قتل “إثر اغتيال نفذته عناصر إجرامية تابعة للعدوان في العاصمة صنعاء”.
ونشر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي صورة قالوا إنها لسيارة “حسن زيد” وقد انحرفت عن الطريق تحت أحد الأنفاق، فيما تظهر في الصورة آثار دماء في الشارع بالقرب من السيارة التي أحاطت بها قوات الحوثيين.
وحسن زيد سياسي يمني ينتمي للحوثيين، ولد في مدينة صنعاء القديمة عام 1954، وهو من مؤسسي حزب الحق وأمينه العام حتى لحظة اغتياله، ومن مؤسسي تكتل أحزاب اللقاء المشترك اليمني، وعين وزير دولة في الحكومة اليمنية عام 2014، وظل في منصبه حتى استقالة الحكومة في يناير 2015، وعين وزيراً للشباب والرياضة في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) بعد سيطرة الجماعة على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.
تم إدراجه في قائمة المطلوبين ضمن القيادات الحوثية في القائمة التي أعدها التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، حيث جاء حسن زيد في المرتبة 14 بقائمة الـ40 حوثيًا، ورصد 10 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات تُفضي إلى القبض عليه أو تحديد مكان تواجده.
حوثيو الكهوف يغتالون حوثيي الطيرمانات
ووصف نشطاء وسياسيون الحادثة بأنها جزء من الصراع بين الأجنحة داخل جماعة الحوثي المسلحة.
وحادثة اغتيال زيد ليست الأولى التي تعصف بجماعة الحوثيين التي تضربها الانقسامات الكبيرة من الداخل، فقد لقي سياسيون ومثقفون وصحفيون وشيوخ دينيون موالون للجماعة مصرعهم عن طريق الاغتيال وبطرق مختلفة، كتفخيخ السيارات أو هجوم انتحاري أو بتسريب مواقعهم للتحالف، أو عبر الاغتيالات المباشرة كما حدث مع زيد وعدد من قيادات الجماعة كعبدالكريم الخيواني وعبدالكريم جدبان.
وقال الكاتب اليمني سام الغباري إن عملية الاغتيال لزيد قص شريط مرحلة تالية من الصراع المحتدم بين من وصفهم بـ “الإماميين” في صنعاء والحوثيين المنتمين إلى صعدة.
وقال الغباري في تصريحات تلفزيونية تابعها عدن نيوز إن جناح حوثيي كهوف وجبال صعدة التي يقودها عبدالملك الحوثي (زعيم الجماعة) نفذ عملية الاغتيال بحق زيد، والذي تربطه علاقات متوترة مع زعيم الحوثيين، حيث يرى أنه أحق منه بقيادة الجماعة بسبب تاريخه السياسي.
وأضاف أن مليشيا الحوثي تتخلص من حسن زيد، أو بمعنى آخر “حوثيو الجبال يصفون حوثيي الطيرمانات”، بنفس الطريقة تم تصفية القاضي “يحيى موسى” في ذمار قبل حوالي سنتين، وقبله أحمد شرف الدين وجدبان والخيواني والمتوكل.
من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي علي الفقيه اغتيال زيد بأنه صراع أجنحة داخل الجماعة في صنعاء، وقال: “ينطلق أفراد العصابات لتحقيق مخطط واحد في البداية، وفي الطريق يأكلون بعضهم”.
الحرس الثوري يدشن عملياته من صنعاء لتصفية التهديدات
وقال الصحفي فؤاد مسعد: “باغتيال القيادي البارز في جماعة الحوثي حسن زيد، هل يمكن القول إن خلية الاغتيالات التابعة للحرس الثوري الإيراني استأنفت نشاطها بالتزامن مع وصول سفير طهران لدى الحوثيين إلى صنعاء؟”.
وأضاف: “بدا القاسم المشترك في المستهدفين وبينهم حسن زيد، أنهم هاشميون لكنهم قدموا من تيارات فكرية وسياسية معلنة وينشطون في المجتمع المدني والإعلام والعمل الأكاديمي (شرف الدين في القانون والمتوكل في العلوم السياسية والعلاقات الدولية)، فيما تحرص جماعة الحوثي على قمع أي صوت يتجاوز صوتها المدوي والداعي إلى الحرب.. الحرب ولا شيء سواها”.
اندثار قيم القبيلة اليمنية
ومع دخول الحوثيين إلى صنعاء بما يحملون من مبادئ وقيم شاذة أصبح المجتمع اليمني موبوءاً فضاعت القيم واندثرت مبادئ القبيلة اليمنية والتي تاتي على الرأس منها تجريم الاعتداء على أي رجل بتواجد ابنته أو زوجته أو أمه أو أخته بجواره.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد جميح: بغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق مع حسن زيد فإن حادثة مقتله بجوار ابنته يمثل عاراً وسابقة غير معتادة في المجتمع.
وأضاف: هذا العمل لا عهد لليمنيين به قبل وصول هذه الجماعة الإرهابية للسلطة عبر الدم والهدم.
قاتل يقتل قاتل
وعلى وقع الحادثة ضجت مواقع التواصل بمنشورات تتعاطف مع زيد وتقول إن التشفي في الرجل أمر معيب.
إلا أن كثيراً من السياسيين والناشطين تصدوا لهذا الخطاب، وأعادوا تذكير اليمنيين بما كان عليه حسن زيد وبجرائمه التي طالت كل بيت في اليمن.
وفي هذا الصدد يقول المسئول في وزارة حقوق الإنسان وليد الأبارة إن الجرائم السياسية تستوجب الإدانية لكن للتذكير ينتمي حسن زيد لجماعة عنصرية تمارس كل أشكال الإرهاب المنظم مع الآخر اليمني المختلف.
وأضاف: هو بدوره مارس التحريض والدعوة لتصفية الخصوم من موقعه السياسي أو العرقي كأحد أبناء الأسرة المصطفاة، وهو صاحب الدعوة الشهيرة بزج الطلاب والمعلمين في محارق الجبهات.