قالت مجلة أمريكية “إن اليمن تواجه أوسع كارثة بيئية لا مثيل لها في البحر الأحمر، من ناقلة النفط “صافر” والتي على متنها أكثر من مليون برميل من النفط الخام، ترسو على بعد أربعة أميال قبالة الساحل اليمني، والتي ستوثر أيضاً على المنطقة بأكملها”.
وأضافت مجلة «The National Interest» – في تقرير لها ترجمه “يمن شباب نت” – “إن حالة الناقلة تتدهور باستمرار، وسيكون لتسرب النفط منها أو الانفجار آثارًا عميقة دائمة على اليمن والدول الأخرى على طول البحر الأحمر”.
وأشارت المجلة “على عكس التحديات الأخرى لليمن – الحروب المتشابكة والمجاعة وندرة المياه – يمكن للمجتمع الدولي معالجة محنة صافر بسرعة، وقد تم بالفعل إعداد فريق من الخبراء المدعومين من الأمم المتحدة وهو مستعد للسفر إلى الناقلة”.
وأوضحت “إن حل هذه المشكلة هي أحد القضايا التي يجب على جميع الأطراف المتحاربة في اليمن الاتفاق عليها، وخاصة الحوثيين اليمنيين الذين يسيطرون على المياه التي ترسو عليها الناقلة”.
ومع ذلك، فإن الحوثيين وحكومتهم هم الذين يعرقلون وصول الأمم المتحدة وغيرها إلى السفينة صافر، وقد يكلفهم عنادهم وتهورهم حول هذه القضية سياسيًا وعسكريًا في حالة الانفجار أو التسرب، بحسب وصف المجلة الأمريكية.
تم تطوير سفينة “صافر” كناقلة في عام 1976، حيث ترسوا قبالة ساحل اليمن منذ عام 1988عندما تم تحويلها إلى سفينة تخزين وتفريغ عائمة. وهي بمثابة محطة لخطوط أنابيب النفط الرئيسية في اليمن، وكانت عنصرا رئيسيا في البنية التحتية النفطية في البلاد. ومع ذلك، ومنذ عام 2015، عندما بدأت السعودية وحلفاؤها تدخلهم العسكري في اليمن، لم يتم إجراء سوى القليل من الإصلاحات للناقلة في ظل غياب أي صيانة لها تقريبًا.
وبينما يواصل طاقم يمني شجاع إدارة السفينة صافر، فإن الأنظمة الحيوية للسفينة غير متصلة بالإنترنت إلى حد كبير. وبدون فعالية انظمة التحكم في الحرائق وأنظمة الغاز الخامل، ومحركات الديزل الخاصة بها، يمكن أن تنفجر الناقلة. وتعتبر عملية توزيع الغازات الخاملة في حجيرات الخام المخزن أمر أساسي ومع ذلك فقد مرت خمس سنوات على اخر مرة حدث فيها ذلك.
بالإضافة إلى هذه المشاكل، فإن “صافر” هي ناقلة ذات هيكل واحد عمره أربعة وأربعين عامًا، وقد رست في البحر الأحمر عالي الملوحة لمدة اثنين وثلاثين عامًا.
وقال خبير في تآكل الهياكل، معلقا على الحالة المحتملة لصافر “وضعها يشبه قشر البيض في الخل”. واضاف بالقول: “حتى مع وجود أكثر جداول الصيانة والترقية صرامة، فإن هذه السفينة ستكون خطرًا بسبب عمرها وموقعها وتصميمها”. إذ أن الهيكل والبرج اللذان يربطان السفينة بخطوط الأنابيب والمراسي البحرية متآكلة، ويمكن أن تنهار في أي وقت.
وإذا لم يتم التعامل مع مشاكل الناقلة، فإن التسرب النفطي أو الانفجار الناجم سوف يدمر ليس فقط النظم البيئية البحرية الغنية في اليمن، ولكن أيضًا تلك الموجودة في معظم البحر الأحمر، حيث يعد النفط المخزن على متن الناقلة هو الخام الخفيف القادم من مأرب، وبسبب اللزوجة القريبة من مياه البحر، سوف ينتشر في جميع أنحاء الماء.
ويعتبر ساحل البحر الأحمر اليمني موطن للأنظمة البيئية الطبيعية الفريدة من نوعها، ومن شأن التسرب الكامل للنفط أن يدمر كل شيء من مستنقعات المانجروف الحيوية والمهددة إلى الشعاب المرجانية التي لم تمس لحد الان.
إن مسألة مراقبة وصيانة الناقلة، حتى في حال توفر الموارد اللازمة لذلك – والتي ليست متوفرة حاليا -، ستكون صعبة وغير فعالة، سوف يتم الشعور بتداعيات اي تسرب من الناقلة في جميع أنحاء منطقة البحر الأحمر، ومثل هذا التسرب من شأنه أن يدمر مصايد الأسماك، وحركة الملاحة النشطة، اضافة لإجبار محطات التحلية على الخروج عن خط الخدمة.
ويعد الصيد الحرفي هو شريان الحياة للعديد من المجتمعات الساحلية بمنطقة تهامة في اليمن، وهي المنطقة المتاخمة للبحر الأحمر، وبسبب الحرب المستمرة في اليمن، ازدادت أهمية الصيد كمصدر للغذاء والدخل والعمالة، وعلى الجانب الآخر من اليمن، في إريتريا وجيبوتي، تعتمد المجتمعات الساحلية أيضًا على مصائد الأسماك الضعيفة لدعم سبل عيشهم.
إن موقع الناقلة صافر بالقرب من ميناء الحديدة اليمني يشكل خطراً آخر، حيث يتم استيراد معظم المواد الغذائية والمساعدات اليمنية عبر ميناء الحديدة، ويعاني أكثر من 80٪ من سكان اليمن من انعدام الأمن الغذائي ويعتمدون على المساعدات.
وتستورد اليمن ما يقرب من 90 في المائة من غذائها، وبالتالي فإن تسرب النفط أو انفجاره على متن السفينة صافر سيؤدي إلى إغلاق ميناء الحديدة لأسابيع إن لم يكن لأشهر، ومثل هذا الإغلاق سيضمن المجاعة المنتشرة في اليمن.
وإحدى النقاط الشائكة الأساسية للحوثيين هي القيمة المفترضة للنفط خام على متن السفينة، حيث يطالب الحوثيون بحصة تبلغ 40 مليون دولار تقريبًا من تلك التي ستنتج نظريًا من بيع النفط بمجرد تفريغه، وفي الواقع فالنفط الذي تم تخزينه في ظروف سيئة لمدة خمس سنوات، لم يعد سوى شحم متسخ قيمته أقل بكثير من تكلفة تفريغ النفط الخام المخزن داخل الناقلة صافر.
ومن الأفضل لقيادة الحوثيين ومن يتحالفون معهم أن يفكروا في عواقب التسرب النفطي أو الانفجار، إن المكانة الدولية الصغيرة التي لديهم الآن سوف تتبخر أسرع بكثير من النفط المسرب حيث سيحمل اليمنيون والمجتمع الدولي الحوثيين المسؤولية.
كما أن تداعيات الكارثة البيئية التي ستشبه التسرب النفطي الشهير، فالديز عام 1989 في ألاسكا قد تقلب المكاسب التي حققها الحوثيون في ساحات القتال في اليمن، ويمكن أن تتفكك تحالفاتهم القبلية والسياسية بسبب الضغط الناجم عن نقص حاد في الغذاء، وإدانة واسعة النطاق.
إن منع وقوع كارثة بيئية من شأنها أن يكون لها تداعيات إقليمية بالإضافة الى زيادة تدمير السكان الذين يعانون بالفعل هو فرصة نادرة يمكن أن تنتصر فيها جميع أطراف الحرب في اليمن، حيث إن الانفجار أو تسرب النفط من على متن السفينة سيزيد من مشاكل اليمن الكثيرة، يمكن للمرء أن يأمل فقط من أجل اليمن ومنطقة البحر الأحمر بأكملها أن تظهر قيادة الحوثيين نضجًا سياسيًا.