كشف مصدر سياسي رفيع عن استراتيجية إماراتية جديدة وصفها بـ”الخطيرة”؛ لإعادة ترتيب وضع الشرعية اليمنية، وتقليص صلاحيات الرئيس عبدربه منصور هادي.
وقال المصدر في تصريح خاص لـ”عربي21″: نشطت أبوظبي في الآونة الأخيرة، دعما للجهود السعودية بشأن تنفيذ اتفاق الرياض، وأبلغت حليفها، المجلس الانتقالي الجنوبي، بالموافقة على الآلية الخاصة بذلك.
وأضاف المصدر السياسي أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، أرسل مبعوثا خاصا للسعودية، قبيل أيام من الإعلان عن آلية لتسريع اتفاق الرياض. مشيرا إلى أنه قبل وصول المبعوث الإماراتي سعيد المهيري، المكنى بـ”أبا خليفة”، كان المجلس الانتقالي رافضا المقترح السعودي الأخير.
وبحسب المصدر، فإن الاستراتيجية الإماراتية الجديدة عنوانها “طي صفحة الرئيس هادي”، ونقل الصراع إلى أروقة الرئاسة والحكومة المقبلة التي سيشارك فيها المجلس الانتقالي بـ”4 حقائب وزارية”.
وتابع: “الترتيبات الإماراتية تهدف إلى تغيير المعادلة في المشهد، وإفراغ شرعية الرئيس هادي تماما، وتوزيعها على قوى مختلفة”.
وأكد أن التوجه الإماراتي تتناغم معه المملكة، وتشاطرها الرؤية، في أن الشرعية اليمنية بصيغتها الحالية تشكل عبئا ثقيلا لها.
ونقل المصدر عن مسؤول في وفد المجلس الانتقالي المتواجد في العاصمة السعودية، أن الترتيبات التي تخطط لها أبوظبي تبدأ بممارسة الضغط على القيادة اليمنية لمنح الحكومة المقبلة صلاحيات واسعة، بعد ضمان تمثيل الانتقالي فيها وقوى سياسية أخرى اشترت ولاءها.
واستطرد قائلا: هناك اتساق إماراتي وسعودي، على ضرورة أن تحظى الحكومة المزمع تشكيلها برئاسة معين عبدالملك -الذي تحوم حوله الشكوك بسبب ضعفه وتماهيه مع سياسات الرياض وأبوظبي- بموجب الآلية الأخيرة، بصلاحيات واسعة وغير محدودة.
وأفصح أن الترتيبات التي تدار في الغرف المغلقة تستهدف بشكل رئيس” الرئيس هادي واستلام صلاحياته من الحكومة المقبلة”، بعد إعدادها لهذه المهمة التي تمهد لإزاحة الرجل من المشهد.
وأوضح المصدر أن وفد الانتقالي وافق على المضي قدما في تنفيذ اتفاق الرياض، بعد تلقيه تطمينات وضمانات غير معلنة أن هذه الخطوة ستتلوها خطوات تعيد ترتيب الشرعية، وتتجاوز تركيزها في يد الرئيس الذي أصبح عائقا حتى أمام تحالف دعم الشرعية.
وذكر أن وفد المجلس الانتقالي، الذي غادر رئيسه، عيدروس الزبيدي، اليوم السبت، الأراضي السعودية نحو أبوظبي، عمم على الهيئات القيادية في المجلس بتكثيف التواصل مع أنصارهم، وتطمينهم.
ويقول إنه تم إبلاغ هيئات المجلس الجنوبي أن أي تنازلات مهما كانت في ظاهرها مؤلمة فإنها ستكون مقابل طي صفحة الرئيس هادي إلى الأبد، وإعادة توزيع الشرعية بين المكونات المشاركة في الحكومة المقبلة، بما في ذلك الانتقالي الذي سيكون له نصيب الأسد. موضحا أنه سيتم تدعيم “الانتقالي” بتحالفات مع أحزاب يسارية وفصيل حزب المؤتمر الشعبي العام التابع لعائلة الرئيس الراحل، علي صالح، بدأ دخانها في التسرب على السطح.
ومنتصف تموز/ يوليو الفائت، كشفت “عربي21″، نقلا عن مصدر حكومي، عن اجتماع أداره السفير السعودي لدى اليمن بالعاصمة الرياض، “تنازل فيه الحزب الاشتراكي بحصته (حقيبة وزارية واحدة) في الحكومة المقبلة للمجلس الانتقالي.
وبين المصدر السياسي اليمني أن الحكومة المزمع الإعلان عنها في الأسابيع المقبلة، ستكون آخر حكومة يشكلها الرئيس هادي -كما تم إبلاغ الانتقالي- إذ سيسدل الستار على عهده نهائيا، وضمان تحركاتهم بأريحية، مؤكدا أن هذه الترتيبات تتم بإيعاز من قوى دولية.
وأفاد المصدر اليمني بأن الإمارات أبلغت حلفاءها في المجلس الانتقالي بالعمل من داخل السلطة الشرعية، وقضم قطعة كبيرة منها، مؤكدا أن هذه الجزئية هي بداية اللعبة التي تديرها أبوظبي ضد هادي والقوى المساندة له.
وتشير التوجيهات الإماراتية للانتقالي، وفقا للمصدر، بأن بقاءهم خارج إطار الشرعية يبقيهم متمردين في نظر الداخل والخارج، وبما يضفي على تحركاتهم وممارستهم شرعية، في تحقيق الانفصال التدريجي لجنوب البلاد عن شماله.
وتستند الرؤية الإماراتية إلى مقولة يرددها أبو بكر العطاس، أول رئيس وزراء لليمن بعد تحقيق الوحدة بين الشمال والجنوب عام 1990، ويشغل حاليا مستشارا للرئيس هادي، وتنص على أنه “لا انفصال إلا من داخل الشرعية”، وبناء على ذلك، يلفت المصدر إلى أن ولي عهد أبوظبي يسعى لتكرار تجربة الانقلاب من داخل السلطة، كما حدث في مصر وليبيا، وتدعيم حضور حلفائها في الجنوب والشمال.
وأردف قائلا: وهو السيناريو الذي يرتب له في اليمن، بعد تمثيل المجلس الانتقالي وقوى أخرى، في الحكومة الشرعية، بحيث يتم سحب البساط تدريجيا من الرئيس هادي، واستبدال صيغة توافقيه به، بحيث لا تظل الشرعية مركزة بيده.
يضيف المصدر: “خدمة لأجندتها، جند الإماراتيون فريقا سياسيا وإعلاميا من الداخل والخليج، بينهم سعوديون، لترذيل الرئاسة، وتعطيل سير اتفاق الرياض في مدينة عدن، وإعاقة أي تقدم لا يخدم التوجه القادم، وبحجج جاهزة ومعلبة”.
ويؤكد المصدر السياسي اليمني أن “ابن زايد انتدب شخصيات متغلغلة داخل السلطة الشرعية، لضمان تدفق المعلومات بانتظام لشيطنة وتشويه الرئيس هادي وقيادات أخرى موالية لها”.
والأسبوع المنصرم، أعلنت الرياض عن آلية لتسريع العمل على تنفيذ اتفاق الرياض، أعقبها قرارات صادرة عن الرئيس هادي، قضت بتكليف رئيس الوزراء الحالي ليتولى تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوما.
كما أصدر هادي قرارا بتعيين أحمد حامد لملس محافظا جديدا لمحافظة عدن، خلفا لأحمد سالم ربيع، كما تم تعيين العميد محمد أحمد الحامدي مديرا عاما لشرطة محافظة عدن ويرقى إلى رتبة لواء.
ولملس هو عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، ويشغل الأمين العام للمجلس المدعوم إماراتيا.
في مقابل ذلك، أعلن المجلس الانتقالي تخليه عن ما يسمى “الإدارة الذاتية”؛ استجابة للمبادرة السعودية.