تعيش العاصمة المؤقتة عدن وكثير من المحافظات الجنوبية حالة غليان تؤشر إلى إمكانية انفجار الوضع عسكريا هناك مجددا برغم توقيع ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق الرياض مطلع الشهر الفائت.
وقامت منذ ذلك الحين وحتى اليوم مليشيا الانتقالي بممارسات مختلفة تقود نحو التصعيد في الجنوب أبرزها مع بداية شهر ديسمبر/كانون الأول الإعلان عن تشكيل لواء جديد يتبع القيادي في الحراك الجنوبي شلال شائع التابع للإمارات والذي كان سابقا مدير أمن عدن.
ويعتزم الانتقالي كذلك استكمال السيطرة على مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية وجهاز الأمن السياسي في الضالع وعدن ولحج وأبين بتعيين قيادات تتبع لهم في تلك الجهات الرسمية.
كما نزع المجلس الانتقالي معظم الأسلحة الثقيلة من اللواء 33 مدرع التابع للجيش اليمني في الضالع، وسلمها لمليشياته المدعومة إماراتيا.
وتُحكِم إلى الآن مليشيات الانتقالي سيطرتها على عدن والمواقع الأخرى الخاضعة لها، دون أن تنفذ بنود الملحق الأمني والعسكري في اتفاق الرياض.
ترحيل المشكلات:
في صعيد ذلك، يعتقد الإعلامي عبد الكريم الخياطي أن السعوديين كعادتهم يستخدمون نفوذهم ومالهم لترحيل المشاكل وليس لحلها بشكل كامل، وهي سياسة لها بعدها التاريخي، فضلا عن إيجادها المبررات الأمنية الجديدة، فالرياض وأبوظبي وجدتا أرضية قبول وتسليم من قبل النخب الجنوبية.
وقال إن ما يرشح الأمور للانفجار هو أن السعودية أصبحت ولأول مرة، منذ وفاة الملك سعود، تطمع في توسيع نفوذها بالقرب من خليج عدن والمحيط الهندي وبحر العرب، فضلا عن إصرار الإمارات على التحكم بأدوات جنوبية لأسباب اقتصادية وسياسية.
ولفت إلى اتفاق الرياض الذي رأى أنه ظاهريا ينزع فتيل الأزمة، وأن موافقة الإمارات عليه جاء بعد ردود الفعل القوية التي ظهرت بعد ضربها للجيش الوطني وقتل أكثر من 300 جندي وقيادي منه.
لكن الاتفاق في مضمونه يحمل ألغاما كبيرة، وهو يشبه كثيرا من الاتفاقات بين يمنيين يتصارعون لعقود على عدن بمسميات مختلفة منذ السبعينيات وحتى اتفاق عمان قبل حرب 1994، وفق الخياطي الذي أكد خطورة بقاء قوات الانتقالي المقربة من الإمارات بنفس الهيكل التنظيمي له، وكأنه ترحيل للمعركة فقط حتى يتم للتفرغ للمفاوضات السرية بين التحالف والحوثي.
واستطرد “الجدية في الاتفاق كانت ستكون واقعية إن تم إلزام الانتقالي على تسليم السلاح الثقيل، وقيام السعودية بالإشراف على إعادة هيكلة تلك المليشيات المختلفة وضمها لوزارتي الدفاع والداخلية”، مشيرا إلى عدم تسليم قوات الانتقالي حتى اليوم المؤسسات الحساسة للجيش الوطني وخاصة التي تشكل أهمية للإمارات كالموانئ ومطار عدن.
سيناريو متوقع:
من جهته يرى الصحفي عمار زعبل أن عامل الوقت يلعب دورا في تأزيم الوضع أكثر، خصوصا أن اتفاق الرياض لم يجد طريقه إلى التنفيذ أو حتى نية التنفيذ، إذ لا توجد تحركات جادة إلى الآن من قبل السعودية للبدء في ذلك.
وذكر أن الإمارات ما زالت اللاعبة الرئيسية في الجنوب بنفسها، وعن طريق عملائها من يحققون ما خططت وتسعى إلى تحقيقه طيلة السنوات الماضية من الأزمة.
وتوقع زعبل أن يؤدي استمرار استفراد الانتقالي بكل شيء في عدن وغيرها، أن يفجر الوضع في الأخير.
وربما تنتظر أبو ظبي ضربة يحققها الانتقالي على الأرض لا تتدخل هي جويا كما حصل في أغسطس الماضي، فهي تريد تثبيت ما يحصل وأن تبقى الحكومة ومؤسساتها فقط تؤدي دورا مكتبيا بحتا بينما القرار بيدها، وربما سيندفع الانتقالي إلى افتعال حماقات وهو ما سيقابل بالقوة، وفق زعبل.
يُذكر أن وزير النقل صالح الجبواني كشف مؤخرا أن الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن لا تستطيع ممارسة مهامها بحرية تامة في ظل سيطرة مليشيات الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.