مضايقات وتعسفات حوثية مستمرة تدمر العملية التعليمية في صنعاء (تقرير)

عدنان أحمد17 سبتمبر 2019
مضايقات وتعسفات حوثية مستمرة تدمر العملية التعليمية في صنعاء (تقرير)

بدأ طلاب المدارس في العاصمة صنعاء منذ مطلع سبتمبر الجاري عاماً دراسياً جديداً وسط جملة من المضايقات والتعسفات الحوثية المستمرة، والتي أدت بمجملها وفقاً لتربويين الى تدهور العملية التعليمية وهشاشتها الى مستوٍ غير مسبوق.

وتنوعت الممارسات التعسفية التي تفرضها مليشيات الحوثي على العملية التعليمية مع بداية العام الدراسي الجديد، بين فرض الجبايات والتعسفات بحق التربويين بالإضافة الى تجنيد الطلاب وتحويل المدارس الى منصات طائفية.

جبايات مضاعفة
صعدّت مليشيات الحوثي مع بداية العام الدراسي الجديد من فرض الجبايات غير القانونية على المدارس والتربويين ومضاعفة الرسوم الدراسية على طلبة المدراس.

وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر مطلعة لـ”العاصمة أونلاين” إن مليشيا الحوثي فرضت على الطلاب في المدارس الحكومية رسوم تسجيل تتراوح من 1000 إلى 1200 ريال على كل طالب، بالإضافة الى الرسوم الشهرية المقرة 1000 ريال.

كما ألزمت المليشيات مدارس صنعاء بتوريد مانسبته 85% من ايرادات الرسوم الدراسية لصالح مايعرف بالمجهود الحربي للمليشيات، فيما تعد الرسوم الطلابية وفقاً للقانون من المصروفات الخاصة بالمدرسة.

ويشير الطلاب الى أن الرسوم الحوثية أثقلت كاهلهم وذويهم في ظل الوضع المعيشي المتردي جراء استمرار نهب الحوثيين للمرتبات وشحة مصادر الدخل الأخرى.

في سياقٍ متصل، وجهت ميليشيات الحوثي مدراء المدارس في أمانة العاصمة بإلزام جميع الطلبة بدفع مبالغ مالية شهريا، موزعة إياها حسب زعمها على المعلمين وموظفي المناطق التعليمية التابعين لها.

ورغم فرض تلك الإتاوات خلال الفصل الدراسي الفائت، إلا أن عاملين ومعلمين أكدوا أن لاشيء من تلك المبالغ يصلهم وإنها تختلسها المليشيات لصالحها.

تسديد الماء والكهرباء لقبول الطلبة
وفي إمعانٍ للممارسات التعسفية، أصدرت مليشيات الحوثي تعميم يلزم سكان العاصمة صنعاء بسداد اشتراكات الماء والكهرباء كشرط لقبول أبنائهم في المدارس.

وتظهر وثيقة – حصل “العاصمة أونلاين” على نسخة منها، لإعلان التسجيل في إحدى مدارس أمانة العاصمة إدراج شرط تسديد رسوم الماء والكهرباء الى آخر شهر (أغسطس وسبتمبر) كشرط أساسي لقبول الطلاب.

ويشار الى أن خدمة الماء والكهرباء الحكومية أوقفتها المليشيات في العاصمة صنعاء للعام الخامس على التوالي، ويعتمد السكان على الكهرباء التجارية المدفوعة وشراء المياه عبر الوايتات المدفوعة ايضاً.

ورغم ذلك، قامت مليشيات الحوثي مؤخراً بتوزيع فواتير اشتراكات المياه والكهرباء وتشدد على تسديدها الى آخر شهر مع انعدام الخدمة منذ سنوات.

مواطنون اعتبروا هذه الاشتراطات ضمن الأعمال التعسفية لمليشيات الحوثي، مؤكدين رفضهم ربط مستقبل أبناءهم ودراستهم بالاشتراطات الابتزازية الهادفة لاختلاس الناس جبايات نقدية جديدة بذريعة رسوم الكهرباء والمياه الموقوفة منذ سنوات.

منصات طائفية
الى ذلك، واصلت مليشيات الحوثي استخدام بعض المدارس الحكومية في العاصمة صنعاء كمساكن للمستهدفين من الطلاب ضمن ما يسمى بـ”المراكز الصيفية” التابعة للمليشيات رغم بدء العام الدراسي الجديد.

وذكرت مصادر لـ”العاصمة أونلاين” إن المليشيات تواصل استخدام مدرسة نشوان بحي صنعاء القديمة لإيواء أطفال استقطبتهم من محيط العاصمة ومحافظة صنعاء ويخضعون لدورات طائفية في الجامع الكبير منذ تدشين ماتسمى بالمراكز الصيفية بداية يونيو الماضي وحتى الآن رغم دخول العام الدراسي الجديد أسبوعه الثالث.

وأوضحت المصادر إن هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 – 15 عاما، يقضون معظم وقتهم في المدرسة كمسكن للمركز الصيفي والدورات الطائفية الحوثية ولا يعودون إلى منازلهم إلا نهاية الأسبوع طوال فترة الصيف.

ويخضع الأطفال المستهدفين خلال برنامج الدورات الطائفية لتعبئة مكثفة من المحاضرات والدروس الحوثية التي تهدف لاستقطابهم واقناعهم بأفكار الجماعة والقتال في صفوفها.

وفي سياقٍ متصل، أقرت الميليشيات الحوثية، إخضاع الكوادر التربوية في العاصمة صنعاء التي يسيطرون عليها، لدورات تعبوية طائفية مكثفة في جميع مناطق العاصمة.

حيث قامت المليشيات مع بداية العام الدراسي الجديد بإصدار تعميمات تلزم جميع المدارس والعاملين بالقطاع التربوي بحضور الدورات الطائفية التي تقيمها دورياً لتلقينهم أفكار الجماعة ومنهجها الطائفي، حيث لجأت الى استخدام خطاب التهديد والوعيد لمن يتخلف عن حضور تلك الدورات.

والدورات الطائفية الحوثية هي عبارة عن برنامج تعبوي مغلق يستمر لمدة عشرة أيام متواصلة، يخضع خلاله المتلقي لتعبية عقائدية طائفية بواسطة محاضرات مكثفة من ملازم حسين الحوثي وكتب طائفية، وأفلام مرئية تغرس الأفكار المتطرفة لمليشيات الحوثي، ويتوقع من إكمال تلك الدورات تخريج متلقين مدينين بالولاء المطلق للجماعة.

اقصاء واستبدال تربويين
ومع بداية العام الدراسي الجديد، ارتكبت مليشيات الحوثي مجزرة فصل واقصاء واستبدال لعدد من الكوادر التربوية في العاصمة صنعاء، مع حزمة من التعميمات المشددة التي وصفتها الأوساط التربوية بـ”التعسفية والجائرة”.

وبحسب احصائية لـ”العاصمة أونلاين”، أقدمت مليشيات الحوثي على إقصاء أكثر من 30 تربوياً بينهم معلمين ومدراء مدارس ورؤساء أقسام من أعمالهم في مديرية بني الحارث لوحدها، واستبدالهم بآخرين موالين للحوثيين.

كما أفاد مصدر تربوي لـ”العاصمة أونلاين”، إن مليشيات الحوثي التي تسيطر على القطاع التربوي بأمانة العاصمة إقصاء مديرة مدرسة الروضة في مديرية بني الحارث، لعدم انتمائها للجماعة واستبدالها بمديرة أخرى حوثية.

وشملت التعسفات الحوثية كذلك، إصدار تعميمات تضمنت منع غياب أي معلم رغم استمرار ايقاف مرتباتهم ومنع العمل بجدول الطوارئ ووضع البدائل والالتزام بدوام كامل وإمكانية تغطية عجز الغياب من خلال متطوعين تفرضهم المليشيات الانقلابية.

وأكدت أوساط تربوية إن التعميمات الحوثية سلوك تعسفي متواصل تنتهجه المليشيات الحوثية، حيث تلزم المعلمين والعاملين في القطاع التربوي بكل ما تضمنته تلك التعميمات دون أي التزام بصرف مستحقاتهم التي تنهبها المليشيات منذ ثلاثة أعوام.

دعوات للإضراب
ودعا تربويون في العاصمة صنعاء الى إضراب شامل وفعاليات رافضة للتعسفات الحوثية، مؤكدين إن التعميمات الحوثية التعسفية، جاءت كنتيجة صمت القطاع التعليمي والتربوي عن انتهاكات وتعسفات مليشيا الحوثي منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

وأوضحوا لـ”العاصمة أونلاين” إن التعميمات التعسفية تأتي بينما يعايش المعلمين والعاملين في قطاع التربية والتعليم، أوضاعاً معيشية بالغة القسوة في ظل استمرار نهب المليشيات الحوثية لمرتباتهم منذ ثلاثة أعوام، إضافة الى إقصاء الآلاف من مستحقات المنحة الخليجية المقدمة للمعلمين والتي تصرفها يونيسيف.

تجنيد طلبة المدارس
رغم إن تجنيد الاطفال وطلبة المدارس عمل مستمر للحوثيين منذ بداية الحرب، إلا أن الجماعة ركزت جهود مكثفة مع بداية العام الجديد على نهج تجنيد طلبة المدارس قسرياً من خلال مساعيها لفرض تشريع مايعرف بـ”الخدمة الإلزامية بعد الثانوية”، الهادف لضم عشرات الآلاف من خريجي الثانوية سنوياً الى صفوف مقاتلي الجماعة.

وفي هذا السياق، هددت مليشيات الحوثي الانقلابية بحرمان خريجي الثانوية العامة لهذا العام في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها من استمارات التخرج، إلا بعد تجنيدهم وإلحاقهم للقتال في صفوفها.

وبحسب مصدر خاص لـ”العاصمة أونلاين”، قال مدير عام قطاع المناهج الخاضع للحوثيين المدعو “أحمد النونو”، إن استمارات التخرج من الثانوية العامة بقسميه الأدبي والعلمي، لن يتم تسليمها الا بتجنيد خريجي الثانوية في صفوف مليشيات الحوثي وإلحاقهم في جبهات القتال.

ويأتي هذا، ضمن خطة المليشيات الحوثية لتجيد طلبة المدارس وزجهم للقتال في صفوفها وتعويض خسائرها بمواجهة قوات الحكومة الشرعية، حيث تستقبل العاصمة صنعاء باستمرار عشرات القتلى من الاطفال وطلبة المدارس أسبوعياً الذين يلقوا حتفهم اثناء القتال في صفوف المليشيات.

ومع تفاقم التحديات وتزايد سطوة الممارسات الحوثية المربكة للعملية التعليمية في مدارس صنعاء، يواجه جيلاً كاملاً من اليمنيين مستقبلاً غامضاً، يحيل الآلاف من ضحايا ضياع التعليم الى محاربين محتملين في سبيل المشروع الحوثي الكهنوتي.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق