هجمات “ارامكو” تكشف تشارك “حلفاء” الرياض في إضعافها

محرر 216 سبتمبر 2019
هجمات “ارامكو” تكشف تشارك “حلفاء” الرياض في إضعافها

شكلت الهجمات التي نفذت فجر السبت الماضي على معملين تابعين لشركة أرامكو في محافظة بقيق وهجرة خريص شرق السعودية «أكبر عملية في العمق السعودي»، وأدّت، حسب مصادر متعددة، إلى تعطيل كبير لإنتاج النفط السعودي قد يستمر لعدة أسابيع.

إضافة إلى نتائجها الاقتصادية المباشرة على المملكة والعالم، والتي ستدفعها لاستخدام مخزونها النفطي، وهو ما سيؤثر على الدول المستوردة ويرفع أسعار النفط عالميّا، فإن العملية تعتبر أكبر اعتداء بهذا الحجم على الأمن القوميّ السعودي وخرقاً هائلاً بمقاييس التوازنات الدولية الحرجة في منطقة الخليج العربي.

توقع مصادر عديدة أن العملية جرت من العراق لا من اليمن، وأن المسؤول عنها فصيل تابع لـ«حزب الله» العراقي، يزيد عمليا في غموضها، فالحديث جار عن هجوم بطائرات مسيرة من نوع «رقيب»، وهذا أمر غير معقول عسكريا فهذه طائرات صغيرة تستخدم للتصوير السينمائي وتطير 40 دقيقة كحد أقصى، وبسرعة لا تزيد عن 30 كيلومترا في الساعة، وبالتالي فلا يمكنها اجتياز المسافة الفاصلة بين البصرة وبقيق والتي تقدر بـ700 كيلومتر، ولا يمكن التحكم بها من مسافات بعيدة، أما الطائرات المسيرة الباهظة الثمن والقادرة على تنفيذ هجمات بعيدة فتتطلب تقنيات كبرى على الأرض وتنسيقا مع أقمار صناعية في الفضاء، وهذا يعني إما أن الهجمات حصلت بصواريخ وليس بمسيّرات، أو أن العمل استخباراتي وجرى من منطقة قريبة جدا من موقع الهجوم، أو أن من قام بالعملية دولة ذات تقنيات عالية مما يجعل الهجوم يرسو على إيران (كما أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو) لا «أنصار الولاية» في العراق أو «الحوثيين» في اليمن، الذين تقتصر مهمتهم على الافتخار بالمسؤولية عن عمل أكبر بكثير من قدراتهم وإبعاد التهمة عن طهران!

تأتي الضربة على المستوى الداخلي السعودي في وقت حسّاس لوليّ العهد محمد بن سلمان الذي كان يعلّق آمالا على اقتراب طرح جزء من أسهم أرامكو في السوق المالية، ولذلك فقد أبعد وزير الطاقة خالد الفالح، الذي كان يقال إنه ينصح بعدم الاستعجال في هذا الطرح، وعيّن قبل فترة قصيرة أخاه عبد العزيز بن سلمان.

أما على المستوى الإقليمي فإنها تأتي بعد أحداث عدن اليمنية التي قام خلالها حلفاء الإمارات العربية المتحدة من الانفصاليين بطرد الحكومة الشرعية اليمنية من العاصمة الجنوبية لليمن، وكشف الموقف السعودي المتواطئ مع الإمارات ضد حلفائها اليمنيين عن هزالة الأجندة السعودية المضطرة للتراجع أمام خطط الإمارات والتراخي أمام تصفية حلفائها المفترضين، في الوقت الذي استطاعت أبو ظبي تمكين الميليشيات المرتبطة بها على الأرض، وإرضاء إيران بإعلان انسحابها من اليمن، وبذلك ضربت عصفورين بحجر واحد.

ورغم الضغوط الكبيرة التي ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تمارسها ضد إيران فليس متوقعا أن تغيّر الواقعة الأخيرة، رغم خطورتها الكبيرة، مواقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد صار واضحاً بالنسبة لكافة اللاعبين الإقليميين والدوليين أن استراتيجية ترامب الأساسية تقوم على مبدأ الصفقات وليس الحروب، وهي الاستراتيجية المتبعة مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية وكذلك إيران، وبما أن الأمر كذلك فإن طهران تلعب اللعبة نفسها بالتصعيد المتدرّج الخطورة لهجماتها، وقد أظهر الصمت الأمريكي عن كل العمليات العسكرية التي قامت بها حتى الآن، في الخليج العربي وضد السعودية، وكذلك إطلاق الناقلة «أدريان داريا1» ووصولها إلى هدفها، عن نجاح هذه الاستراتيجية.

الخلاصة أن «حلفاء» الرياض، في واشنطن وأبوظبي وأوروبا، لم يتركوها تتلقى الصدمات وأنواع الفشل والفضيحة فقط، بل يشاركون في الوقت نفسه في إضعافها وكشف هشاشة سياساتها الداخلية والخارجية.

*القدس العربي

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق