دعا مدير معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى رفض ما وصفه بـ”الانقلاب الدستوري” الذي ينفذه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بلاده.
وأوضح بهاء الدين حسين، مدير المعهد، في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن شهر أبريل الجاري “كان شهراً قاتماً على المصريين الذين يسعون إلى حياة أفضل، ويؤمنون بالكرامة والحرية”.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارة السيسي للبيت الأبيض في الرابع من أبريل الجاري، “استقبله استقبالاً حاراً، ومدحه ببعض الكلمات الجوفاء دون أن يشير إلى سجلِّ السيسي المحزن في مجال حقوق الإنسان”.
ووافق البرلمان المصري، في السادس عشر من الشهر الجاري، على التعديلات الدستورية التي تسمح للسيسي بالبقاء في منصبه حتى عام 2030.
ونقل مدير معهد القاهرة لحقوق الإنسان عن اثنين من كبار المسؤولين القضائيين قولهم: إن التعديلات الدستورية “ستمنح السيسي سلطة كاملة على القضاء، وتضفي الطابع المؤسسي على هيمنة الجيش على الحياة السياسية”.
وتبقى الموافقة النهائية على التعديلات خاضعة لاستفتاء وطني بدأ أمس ويستمر حتى غدٍ الاثنين، حيث يشير حسين إلى أنه “لا يشك أحد في أن تلك التعديلات ستمرُّ؛ بالنظر إلى القبضة الحديدية التي يسيطر من خلالها السيسي على الحكومة ووسائل الإعلام وبالعودة إلى سجلِّه السابق في تزوير الانتخابات والتلاعب بها، وفي ظل غياب آليات مراقبة الانتخابات الوطنية والدولية المستقلة”.
وأضاف: “لقد دفعت خمس سنوات من حكم السيسي، مصر إلى مكان مظلم، فمنذ 2013 شهدت البلاد أكبر حملة استبدادية في تاريخها الحديث، حيث استُهدف أعضاء المعارضة السلمية، سواء من الإسلاميين أو العلمانيين، وسُجن 60 ألف شخص لأسباب سياسية، وتُوفي المئات منهم في السجون”.
وتقول الأمم المتحدة إن التعذيب أصبح ممارسة شائعة ومنتظمة في جميع أماكن الاحتجاز بمصر، سواء كانت مدنية أو عسكرية، ووصل الأمر إلى الاعتداء الجنسي، في وقت تشير فيه البيانات الرسمية بمصر إلى أن نحو 2500 شخص حُكم عليهم بالإعدام منذ 2013، وأُعدم أكثر من 160 شخصاً، وأن معظم الضحايا من الناشطين العلمانيين والإسلاميين المسالمين.
ويقول الكاتب إن المرشحين للرئاسة الذين أعلنوا خوض الانتخابات الرئاسية ضد السيسي، تم اعتقالهم أو تهديدهم، وأي شخص يجرؤ على الاعتراض على التعديلات يلقى في السجن.
“ولا تتوقف الوحشية عند هذا الحد”، كما يشير الكاتب، “فلقد بات المصريون أنفسهم في مواجهة ظاهرة الإيجابية الكاذبة، حيث تخطف قوات الأمن مدنيين وتعدمهم في أماكن نائية، لتقول إنهم إرهابيون قُتلوا في العمليات العسكرية، فمنذ 2015 أعلنت قوات الأمن عن مقتل أكثر من 460 شخصاً بهذه الطريقة، في حين لا يزال مصير 300 من القتلى مجهول الهوية، في وقت تؤكد مصادر قضائية وحقوقية أن هناك عمليات إعدام تجري خارج نطاق القضاء، شملت بعضها محتجزين لدى الشرطة عدة أشهر”.
ويؤكد مدير معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن القضاء المصري “سهَّل مثل هذه الجرائم، فلقد اختارت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام أعضاء هذا السلك القضائي، وقد أشارت الأمم المتحدة إلى بعض المحاكمات ووصفتها بأنها سخرية من العدالة”.
وتابع: “لقد تم إسكات الإعلام بالكامل، حيث اعتُقل عشرات الصحفيين بالسجون، وحُظر أكثر من 500 موقع إلكتروني، ويواجه الحقوقيون في مصر كل يومٍ تهديدات بالقتل والملاحقة القضائية والسجن وتجميد الأموال”.
ويعتقد الكاتب أن ما وصفها بـ”جرائم السيسي” لا يمكن مواجهتها إلا من خلال المجتمع الدولي، مضيفاً: “من الجيد أن زيارته الأخيرة لواشنطن سجلت موجة من الانتقادات أثارها الكونغرس ووسائل الإعلام ومراكز الفكر والناشطون”.