نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية افتتاحية لفريق تحرير الصحيفة، تطرق من خلالها إلى زيارة الدكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن؛ للتقرب من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أبدى بدوره استعدادا للتعاون مع الرئيس المصري.
وقالت الصحيفة، في افتتاحيتها، إن السيسي يسعى لإقرار بعض التعديلات الدستورية التي ستجعل منه رئيسا مدى الحياة، بينما يكرس بشكل دائم السيطرة العسكرية على النظام السياسي في مصر. ويواصل الحاكم المصري احتجاز عشرات الآلاف من المساجين السياسيين، بما في ذلك عدد من المواطنين الأمريكيين.
وأضافت الصحيفة أن العديد من التقارير تفيد بتوصل السيسي لاتفاق يقضي بإنفاق مبلغ 2 مليار دولار لشراء 20 طائرة روسية مقاتلة، وهو ما يتعارض مع الاتفاقيات الأمريكية، ويعرض مصر للعقوبات، لا سيما مع تلقي القاهرة لمساعدات أمريكية بقيمة 1.3 مليار دولار بشكل سنوي.
من جهته، استقبل دونالد ترامب نظيره المصري في زيارته للبيت الأبيض، الثلاثاء الماضي، من خلال القول إنه: “يقوم بعمل رائع. أعتقد أن مصر والولايات المتحدة لم يكونا على وفاق بالشكل الذي نراه اليوم”. ومن المرجح أن تصريح ترامب نابع عن جهله بمخططات السيسي لتمديد فترة حكمه لسنة 2034، أي عندما يصبح له من العمر 80 سنة.
أوردت الصحيفة أن دونالد ترامب هو شخص يتأثر بالأشخاص الأقوياء، على غرار فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون، لكن دعمه للسيسي يندرج ضمن إطار استراتيجية محسوبة وقائمة على دعم الحكومات العربية السنية المستبدة؛ لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط، والتصدي لتنظيم الدولة ولإيران.
حيال هذا الشأن، عمد العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي إلى الإشارة إلى مواطن الخلل في السياسة التي ينتهجها ترامب خلال خطابهم الموجه إلى مايك بومبيو في اجتماع يوم الثلاثاء. وذكر السيناتورات أولا أن سياسة ترامب تتجاهل عمل السيسي بشكل مخالف للمصالح الأمريكية، وهو ما تجلى في احتجازه لعدد من المواطنين الأمريكيين. وثانيا، يبدو جليا أن القمع الذي يمارسه السيسي وسياسته الاقتصادية المضللة تضع بلاده على مسار ينتهي باضطرابات مستقبلية.
من جهته، دافع بومبيو عن السيسي من خلال القول إنه واجه الجماعات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، ودافع عن الحريات الدينية للأفراد. وكما أشار المحللان آيمي هاوثورن وستيفن ماكينيرني في مقال نُشِر مؤخرا في صحيفة واشنطن بوست، لا يتجاوز دعم السيسي للأقلية المسيحية الكبيرة في البلاد الدعاية، حيث لا تزال القيود المفروضة على تراخيص بناء الكنائس وتشغيل المسيحيين في مصر قائمة.
وتطرقت الصحيفة إلى رأي الباحثة الأولى في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، ميشيل دنّ، الذي يفيد بأنه في الوقت الذي فشل فيه نظام السيسي في وضع حد للتهديد الجهادي، عمد في المقابل إلى مضايقة المدافعين عن حقوق المرأة والناشطين الليبراليين الآخرين، فضلا عن تشويه الاقتصاد من خلال إحداث مشاريع ضخمة وتسليم دفة قيادتها إلى الجيش.
وأشارت الصحيفة إلى مغازلة الرئيس السيسي لفلاديمير بوتين، وهو ما دفع أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري لإبداء مخاوفهم إزاء تحول مصر إلى دولة تابعة لروسيا من جديد.
وفي الوقت التي تخصص فيه واشنطن اعتمادات مالية ضخمة لمشتريات الأسلحة المصرية، يتحدى السيسي قوانين العقوبات التي حددها الكونغرس؛ من خلال سعيه لإبرام صفقات شراء طائرات سوخوي سوـ35 الروسية.
وفي الختام، تتطلب سياسة ترامب غير المسؤولة تجاه الدكتاتور المصري تدخلا من طرف الكونغرس الأمريكي، ويتعين على السيناتورات العمل على توظيف المساعدات العسكرية الأمريكية لوقف صفقة المقاتلات الروسية، وإخراج الأمريكيين من السجون المصرية، وتخفيف القمع في مصر بشكل عام. ونظرا لعدم استخدام ترامب للنفوذ الأمريكي في تعامله مع السيسي، يجب على الكونغرس الأخذ بزمام الأمور، وفعل ذلك بنفسه.