تتواصل ردود الفعل المحلية والدولية إزاء التصريحات الأمريكية الأخيرة التي تطالب بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن خلال الـ30 يوماً المقبلة ومنح مليشيا الحوثي الانقلابية حكم ذاتي لجزء من البلاد مقابل تخليها عن منظومتها الصاروخية.
والثلاثاء الماضي دعا وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس كافة أطراف الصراع اليمني إلى وقف إطلاق النار خلال 30 يوما والدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب في البلاد دون توضيح مغزى الـ30 يوما.
وجاءت دعوة “ماتيس” خلال مؤتمر الأمن الذي أقيم في البحرين الثلاثاء حيث حدد خارطة الطريق الجديدة للحل في اليمن وتتضمن: “منطقة حدودية عازلة منزوعة السلاح -ربما بين اليمن والسعودية- وضع “الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية” تحت إشراف دولي وحكم ذاتي لجماعة الحوثي المسلحة في المناطق الشمالية”. وهذه النقاط الثلاث أعادها وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان يوم الأربعاء الماضي.
وأثارت هذه الرؤية الأمريكية ردود أفعال محلية ودولية واسعة فيما أكد سياسيون ومراقبون أن هذه الخارطة تتشابه إلى حد كبير مع مقترح وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري والتي انتهت بالفشل لعدم مراعاتها مرجعيات الحل والقرارات الدولية ذات الصلة بالشأن اليمني.
وأبدت الحكومة اليمنية في بيان أول أمس الخميس ترحيبها بدعوات وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل وفق المرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار والقرار الأممي 2216.
فيما أعربت مليشيا الحوثي كعادتها عن استعدادها لـ”التفاعل الإيجابي مع أي جهود دولية وأممية تتسم بالجدية والمصداقية والحيادية لوقف الحرب”.
ترحيب أممي:
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رحب بإعلان الأطراف اليمنية عن استعدادها لاستئناف المشاورات وقال “إن هناك مؤشرات سياسية إيجابية بخصوص السلام في اليمن وعلينا بذل ما نستطيع من جهود لزيادة فرص النجاح.
وأشار غوتيريس في تصريح صحفي أمس الجمعة “هناك بوادر أمل على الجانب السياسي وعلينا بذل كل ما في وسعنا لتعزيز فرص النجاح” لافتاً “تم الاستخفاف بالقانون الإنساني الدولي مراراً وتكراراً في اليمن”.
وحدد الأمين العام للأمم المتحدة أربع خطوات كإجراءات عاجلة يجب اتخاذها في اليمن في وقف العنف بكل مكان بصورة فورية في المناطق الحيوية والتجمعات السكانية وادخال الواردات التجارية والإنسانية والوقود وباقي الضروريات دون قيود.
بالإضافة إلى دعم الاقتصاد بما يضمن تثبيت سعر الصرف ودفع الرواتب والمعاشات التقاعدية”.
مشكلة “غريفيث”:
وفي أول تعليق له عقب الدعوة الأمريكية قال المبعوث الأممي إلى اليمن “مارتن غريفيث” إن العامل الأكثر إلحاحاً الذي يبرر تحرك السياسة الخارجية الأمريكية في اليمن كان تهديد المجاعة معتقداً أن الإدارة الأمريكية تأخذ هذه القضية على محمل الجد لكنه أقر بأن “التحدي الآن هو تحويل هذه الدعوة إلى عمل”.
واعتبر المبعوث الأممي خلال مقابلة مع شبكةCNN الأمريكية أن “الخطوط العريضة لتسوية نهائية واضحة ولكن الوصول إلى هناك كان الجزء الصعب” مضيفا أنه “كالعادة الحل ليس مشكلة إنهاء النزاع” وإن المشكلة تكمن في الحصول على الثقة”.
وحذّر من أن البديل عن السلام سيكون “مدمراً” لأنه سيؤدي إلى ارتفاع المجاعة والإرهاب وزيادة تقليص الاستقرار في المنطقة مما يؤثر على طرق التجارة المستخدمة للوصول إلى أوروبا.
إستهلاك إعلامي:
وتعليقاً على التصريحات الأمريكية بشأن الحل في اليمن قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالله دوبلة إن “التصريحات الامريكية اللافتة بخصوص اليمن مؤخرا لا تعدو عن كونها للاستهلاك الاعلامي ولن يكون بأهم من تصريحات كيري ومبادراته.
وأضاف دوبلة في تغريدة له بصفحته على تويتر “الظروف الموضوعية لوقف الحرب لم تتوفر بعد كما ان امريكا ليست على كل شيء قدير.
أما المذيع والناشط اليمني محمد الضبياني فعلق بقوله إنها “رؤية حل عرجاء بلا أفق سياسي ولا حتى إنساني ولا تعني لليمنيين شيئا ما دامت تقر بالأمر الواقع دون عودة الأمور الى نصابها قبل انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة 2014 م”.
وأضاف الضبياني في تغريدة له “لن نقبل الا بعودة الدولة كاملة إلى كل شبر في اليمن وتحقيق العدالة للضحايا وعودة المهجرين والإفراج عن المختطفين”.
محاولة للاستثمار:
اما الكاتب والمحلل السياسي اليمني محمد جميح فعلق بقوله “يجب فهم التصريحات الأمريكية خلال اليومين الماضيين حول الوضع في اليمن في ضوء المحاولات الأمريكية للاستثمار في دم خاشقجي من جهة ولتنفيس ضغط الكونغرس على إدارة ترامب من جهة أخرى قبيل الانتخابات التشريعية”.
وتساءل “جميح” بالقول “هل تذكرون تصريحات كيري المفاجئة من عمان حول التوصل لحل؟ أين خطة كيري اليوم؟
وفي السياق ذاته أكد الكاتب والناشط اليمني محمد العليمي في تعليق له بصفحته على تويتر أن “أي تسوية سياسية تبقي على قوة مليشيا الحوثي كما هي أو تتعامل مع الانقلاب السياسي كسلطة واقع أو تنتقص من سيادة واستقلال اليمن فهي تسوية فاشلة ولن يُكتب لها النجاح حتى لشهر واحد”.