عن جزيرة سقطرى والدور الإماراتي فيها، قمت بترجمة المقال الأصلي من الاندبندنت بعنوان:
“جزيرة سقطرى: الجوهرة العربية المحمية من اليونسكو والمختفية وسط الحرب الأهلية في اليمن”
تقدم الاندبندنت النسخة الأولى من سلسلة حصرية عن سقطرى ، جزيرة الفردوس التي تتعرض لتهديد من الاستعمار الجديد ، تقلبات حرب اليمن وشبح التغير المناخي.
بيثان ماكرنان، لوسي تاورز
تقول الاسطورة ان قتالاً حتى الموت نشب بين اخوين “درسه و سمحه” نمت على اثر الدم المسفوح منهما شجرة سميت دم التنين او كما يطلق عليها بالعربية “دم الأخوين” .
تشكل الشجرة الفريدة من نوعها بسائلها القرمزي واوراقها التي تبدوا كأنها تاج أثري شعاراً للجزيرة التي تقع في بحر العرب ولبلدها الأم.. اليمن.
ومثل اسطورة الأخوين القديمة فإن اليمن يتكون من نصفين على صراع مع بعضهم البعض، وقد وضعت الأحداث سقطرى في قلب الصراع بين الحكومة اليمنية الضعيفة والطموحات الجيوسياسية لحليفتها الإمارات العربية المتحدة.
يمكن القول ان سقطرى “جالاباجوس” المحيط الهندي والموطن لـ 700 نوع حيوي متوطن، هي أحدث عملية استحواذ للإمبراطورية المتنامية للإمارات العربية المتحدة، حيث ان لها مشاريع أخرى مثيرة للجدل خارج حدودها في اريتريا،جيبوتي، ارض الصومال وجزيرة بروم اليمنية.
بذلنا قصار جهدنا لتفادي تركيز السلطات الموالية للإمارت بعد رحلة استغرقت يومين على متن سفينة شحن للأسمنت قادمة من سلطنة عمان، وتعتبر الاندبندنت اول مصدر اخبار يدخل الجزيرة منذ اندلاع حرب اليمن قبل 3 سنوات عندما بدأت الإمارات في السيطرة بهدوء على الجزيرة.
وجدنا ان الامارات قد ضمت هذا الجزء السيادي من اليمن لها، حيث قامت ببناء قاعدة عسكرية، انشأت شبكة اتصالات، اجرت تعداداً خاصاً بها للسكان، وتقوم بدعوة سكان سقطرى للسفر الى ابوظبي وتمنحهم تصريحات سفر علاجية مجانية وتصريحات عمل خاصة.
يقول المحللون والناشطون السياسيون ان الامارات تسعى لتحويل الجزيرة الى منتجع عسكري دائم وقد يسرقون نباتاتها وحيواناتها المحمية من قبل منظمة اليونيسكو، وكنا قد طلبنا من السلطات الاماراتية الرد على هذه الادعاءات فرفضت الاجابة.
سابقاً، قالت حكومة الإمارات إنها تقدم “يد العون” للمناطق الفقيرة في اليمن التي تحتاج للمساعدة، وان الامارات -وهي جزء من ائتلاف عربي يساعد الحكومة اليمنية المنفية على قتال المتمردين الحوثيين- “ليست محتلة ولا تصنع المشاكل” وتطمح إلى “السلام والاستقرار في المنطقة”، وقال وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش عن تدخل بلاده في اليمن: “من بين قواعد العمل السياسي ، يجب أن تبني الثقة مع حليفك، وأن تضع المصلحة العامة أمام المصالح الشخصية”.
يعيش سكان سقطرى البالغ عددهم 60000 في تناغم مع الطبيعة معزولين تقريباً عن العالم الخارجي اما الآن الحرب الأهلية والاحتلال الأجنبي والشبح الذي يلوح في الأفق لتغير المناخ يعني أن عاصفة كاملة من الأخطار قد وصلت أخيرًا إلى شواطئ الجزيرة حيث ستؤثر التهديدات المتداخلة بسرعة على طريقة الحياة المحلية والنظام البيئي الدقيق للأرخبيل.
جائرة لا تقاوم لغراب الشرق الأوسط الثرثار
لقد فاجأت الإمارات الجميع- بما في ذلك نفسها- بأدائها العسكري في اليمن. وقال فارع المسلمي وهو زميل غير مقيم في تشاثام هاوس في لندن: “لقد كان لديهم تحكم حر تقريبًا -كنتيجة للسيطرة والتواجد- في كل ما يريدونه في البلاد ، بما في ذلك موانئ اليمن ، إنها جائزة لهم”.
بعد ثلاث سنوات من الحرب ، أصبحت الدولة اليمنية المتفتتة الآن مشاعاً للجميع، وقد اكتشفت الإمارات التي تهيمن عليها المملكة العربية السعودية ذات الوزن الثقيل منذ فترة طويلة ، أن هذا البلد الذي تمزقه الحرب هو أرض اختبار مثالية لطموحات ما بعد الربيع العربي لحاكمها الفعلي ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
تعتقد العديد من النصوص القديمة أن سقطرى هي الموقع الأصلي لجنة عدن: اسمها يأتي من السنسكريتية “الجنة”. فقد سحرت المغامرين من الإسكندر الأكبر إلى ماركو بولو إلى السندباد الأسطوري بأشجار دم الأخوين ، وأنواع نادرة من البخور وورود الصحراء الوردية وجبال حاجر المرتفعة والمياه المليئة بالشعاب المرجانية.
وكما كانت قديماً في قلب طريق الحرير التجاري وتجارة والتوابل بين العالم العربي وأفريقيا وآسيا ، تقع الجزيرة اليوم في منتصف واحدة من أهم قنوات تجارة النفط في العالم، ولذلك تجتمع المصالح العسكرية والتجارية للإمارات فيها.
في حين ان ميناء جبل علي في دبي هو بالفعل أكثر الموانئ ازدحاما في الشرق الأوسط ، فقد بدأت الإمارات في احتكار موانئ أخرى في البحر الأحمر والخليج ، مما أدى إلى خنق المنافسة واسقاط المشاريع الحوثية العدوة للسيطرة على قنوات التجارة العالمية ، والتي تعتبر مشاريع إيرانية تخدم نفس الهدف.
على مدى السنوات القليلة الماضية ، أصبحت الإمارات ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم وواحدة من 11 دولة فقط تحتفظ بقواعد عسكرية دائمة خارج حدودها، وقد ظهرت الفرصة الاستراتيجية للحصول على موطئ قدم في سقطرى في نفس الوقت الذي اندلعت فيه حرب اليمن.
الإمارات ترفع علمها وسط الأنقاض
لقد تغيرت طريقة الحياة السقطرية قليلا جدا خلال قرون: لا يزال البدو يجوبون وديانها وهضابها الكلسية للبحث عن مأوى من الشمس في موسم الجفاف ومن المطر والرياح خلال الرياح الموسمية، و حتى وقت قريب ، كانت الغارات العرضية من قبل القراصنة الصوماليين والدبابات السوفييتية الغير مستخدمة هي التذكير الوحيد للناس عن عالم يقع خارج المحيط. هناك عدد قليل من أجهزة التلفاز وشبكة واي فاي تعمل فقط بشكل جيد أحياناً لإرسال رسائل الواتس اب.
لجأ السكان المحليون الى الإمارات لمساعدتهم في اعادة بناء المدارس والمستشفيات والطرق بعد عاصفتين عنيفتين ضربتا الأرخبيل في نوفمبر 2015 عندما تخلت عنهم السلطات المحلية وعجزت عن مساعدتهم.
بعد عامين ونصف ، لا يزال الإماراتيون في الجزيرة – وليس لديهم نية للرحيل في أي وقت قريب. ويقول سكان الجزر شيئا فشيئا ، أصبح وجودهم جزءا من الحياة اليومية. وقال عبد الوهاب العامري: “لا يوجد حوثيون لتحرير سقطرى منهم الآن”. “لماذا هم هنا؟”.
وقد ظهر العلم الاماراتي مرفرفا في العديد من القرى، على واجهات المباني وفي الجبال الى جانب رسائل اخرى تشكر محمد بن زايد على كرمه.
وتكثر الشائعات بأن الإمارات تخطط لإجراء استفتاء حول ما إذا كان السقطريون يرغبون في الانفصال عن البلد الأم وأن يصبحوا رسمياً جزءاً من الإمارات في تصويت على غرار ما حدث في شبه جزيرة القرم ، وهو تطور نددت به الحكومة اليمنية.
ووفقاً للعديد من سكان الجزيرة ، فإن مسؤولين إماراتيين ذهبوا من بيت إلى بيت في الصيف الماضي لإجراء تعداد سكاني خاص ، لم تشهده مدينة سقطرى منذ عام 2004. وقد تم إخبار السكان أنهم إذا صرحوا بأسمائهم ومعلومات أخرى تم طلبها منهم ، فسيتم تقديم الأموال لهم لاحقاً، وقد أدى انعدام الشفافية إلى إثارة المخاوف في جميع أنحاء سقطرى واليمن حول الخطط الاماراتية في الجزيرة.
ويعتقد على نطاق واسع في وسائل الإعلام اليمنية أنه قبيل مغادرة الرئيس عبد ربه منصور هادي العاصمة صنعاء بعد سيطرة الحوثي عليها عام 2015 ، كان قد اجر الجزيرة لأبو ظبي لمدة 99 عامًا ، لكن لا أحد يعرف بالتأكيد صحة تلك المعلومات، وكما هو الحال مع كل الأخبار تقريباً في اليمن ، فإن المعلومات المغلوطة والشائعات منتشرة ، لكن كل من الحكومة اليمنية المنفية في الرياض ومسؤولي أبو ظبي رفضوا مراراً وتكراراً تأكيد أو نفي هذه التقارير.
بداية تغيير الحياة على الجزيرة
حاول الإماراتيون أيضًا منع تناول القات- الذي يقلل الانتاجية- في الجزيرة، وهو تسلية وطنية يمنية محبوبة ويصل للجزيرة قاربان يحملان القات كل اسبوع وفي اكتوبر الماضي احتجز الاماراتيون شحنة احد القوارب وافرغوها على الطريق بين الميناء وقرية حديبو واضرموا فيها النيران. “كانوا يصبون البترول على اغصان القات ثم اندلعت اعمال شغب واخذ الناس يلتقطون اغصان القات ويضعونها في افواهم وهم يهتفون: تسقط الامارات” يفيد احد الشهود.
بعد حادثة القات ، أصبحت الاحتجاجات ضد تواجد الإماراتيين في الجزيرة أكثر تواتراً.
لم يتم اعتراض شحنات القات منذ ذلك الحين ، لكن الرجال العسكريين ذوي القبعات الحمراء وشعار النسر للقوات المسلحة الإماراتية ما زالوا يخرجون في عربات دفع رباعي بيضاء لامعة مع نوافذ سوداء ليتمكنوا من التجول حول حديبو.
وقد تم ارسال اماراتيين اخرين ترجع اصولهم الى عائلات من سقطرى -وبعضهم يجيد اللغة المحلية غير المكتوبة- إلى الجزيرة كمبعوثين لحسن النوايا.
تعتبر “اتصالات” المملوكة إماراتياً أفضل شبكة للهاتف المحمول هناك كما ان المنتجات الإماراتية وضعت في رفوف سوبر ماركت جديد منتجاته مكلفة للغاية بالنسبة لمعظم السكان المحليين، فيما الأطفال يسألون الزوار الأقلام والحلويات والدراهم الإماراتية.
يقول سكان محليون إن 70% من الجزيرة أراض محمية تم تجريفها بالفعل استعدادا لبناء فنادق ومسابح وبنية تحتية سياحية أخرى للإماراتيين القادمين، وقد تم بالفعل استصلاح بعض من منحدرات الحجر الجيري والجرانيت على طول الطرق الساحلية في سقطرى من قبل شركة JCBs الإماراتية المستوردة ، ويبدو أن أعمال البناء جارية.
لا تخبر الأجانب بأي شيء عن الإمارات في الجزيرة
“الإماراتيون هنا الآن” قال أحد السكان المحليين، لكن شخصًا آخر كان سيصل دائمًا لاستخدام الجزيرة لتحقيق غاياته الخاصة. لقد حاولت روسيا والولايات المتحدة وقطر ذلك من قبل. وقال مازحا: “ربما الصينيون هم القادمون”.
لكن الاستحواذ كان هادئًا.
لم تضع دولة الإمارات العربية المتحدة أي خطط مستقبلية واسعة النطاق أو سياحة جماعية عامة الى سقطرى ، واعترفت فقط في مايو الماضي بإرسال مجندين عسكريين إلى الجزيرة اليمنية للتدريب على مهارات القتال المكثفة ، والتعامل مع الأسلحة ، والتدريب على الإسعافات الأولية. وتقول وزارة الدفاع الإماراتية إن العديد من هؤلاء الجنود انتهى بهم المطاف في الخطوط الأمامية في المعارك على الأرض.
بالإضافة إلى رحلتين من الخطوط الجوية اليمنية إلى البر الرئيسي في الأسبوع ، منذ أبريل 2017 ، قامت روتانا جيت المملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة بتشغيل خدمة أسبوعية بين مدينتي حديبو وأبو ظبي ، متجاوزة السلطة والرقابة المركزية اليمنية.
في حين أن إنشاء مهبط للطائرات في عام 1999 سمح لسقطرى بالبدء باستضافة رجال أعمال، فضلاً عن علماء بيئة دوليين ، وناشطين بيئيين وسائحين، لم يتم إصدار اي تأشيرة لزيارة الجزيرة تقريبا منذ بدء الحرب في عام 2015 مما اضطر شركات السياحة الداخلية إلى إغلاقها والبحث عن أنواع أخرى من العمل وسيعود دخلهم من النقل السياحي للجزيرة الى جيب شركة روتانا جيت التي تجلب الزوار الإماراتيين حسب قول احد السكان المحليين.
الأجانب الوحيدون الذين وصلوا إلى شواطئ الجزيرة كانوا قلة من السياح المغامرين ، يصلون على متن اليخوت الخاصة بهم أو يدفعون مقابل نقلهم في سفن شحن صغيرة من صلالة في جنوب عمان ، في رحلة تستغرق يومين ونصف اليوم.
وقال رجل اعمال اماراتي إنه كان يبني فنادق فاخرة من فئة الخمس نجوم على الشواطئ الرملية البيضاء النقية والشعاب المرجانية في سقطرى، وبعد ذلك بوقت قصير ، ربما ندم على تفاخره ، فأعطى السائق الذي يقلنا رزمة من الريالات تبلغ قيمتها حوالي 100 دولار (72 جنيهاً إسترلينياً) وأكد عليه: “لا تخبر الأجانب بأي شيء عن الإمارات في الجزيرة”.
وعند الاتصال عبرالواتس اب للاستفسار عن هذا الأمر فإن رجل الأعمال هذا لم يستجب.
الاستثمار ولكن بسعر
خلال 150 سنة الماضية ، تنقلت تبعية الجزيرة من سلطنة المهره ، بريطانيا ، جنوب اليمن وصولاً الى اليمن الحديث.
ولكن الجزيرة التي ظلت مهمشة منذ زمن طويل من قبل الحكومة المركزية كانت علاقتها بالدولة متناقضة في أحسن الأحوال، ففي حين أن سكان الجزيرة يتمتعون بالمظهر اليمني، إلا أنهم يتحدثون السقطرية ، وهي لغة أقدم من العربية ، بينما يحمل الرجال والأولاد هنا عددًا أقل من الأسلحة من نظرائهم في البر الرئيسي وعدد قليل جدا منهم سافروا إلى بقية اليمن ، ناهيك عن الخارج.
ولا يزال سكان الجزيرة البالغ عددهم 60.000 نسمة ، موزعين على 600 قرية ،معتمدون في الغالب على مخزونات الأسماك في الجزيرة وأشجار النخيل والماعز للبقاء على قيد الحياة. اما الوظائف وفرص الدراسة فهي نادرة.
منذ افتتاح مهبط الطائرات في مطلع الألفية ، ازدادت التجارة والزيارات بين سقطرى وباقي اليمن ، لكن نشطاء محليين يقولون إن زيادة التعرض للبر الرئيسي أدى إلى “تعريب” الثقافة المحلية.
قبل عشر سنوات ، لم يكن القات والثياب الإسلامية المحافظة للنساء جزءاً من نسيج الحياة في الجزيرة.
الآن ، هذه السمات اليمنية في البر الرئيسي موجودة في كل مكان. هناك أيضا مخاوف بالنسبة لمستقبل اللغة السقطرية.
الجزيرة حاليا هي الجزء الوحيد من البلاد خارج الحرب الأهلية – ولكنها معزولة ، منسية وفقيرة من قبل اندلاع الحرب ، وأدى العنف في البر الرئيسى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.
بالنسبة للبعض ، الحياة أفضل منذ وصول الإماراتيين، فوفقاً لوسائل الإعلام اليمنية ، فإن القاعدة العسكرية قد وفرت فرص عمل لما يصل إلى 5000 جندي تم تجنيدهم حديثًا ، وتفيد التقارير أن الإمارات تصرف رواتب الشرطة والموظفين الحكوميين.
تمتلك سقطرى مرافق رعاية صحية محدودة للغاية وعدد قليل جداً من الأطباء المتخصصين – لكن سكان الجزر قالوا إن العديد من الأشخاص يتلقون الآن علاجاً طبياً على مستوى عالمي في أبو ظبي ، مجاناً. وهناك الكثيرون الآن في الإمارات يتمتعون بتعليم مدعوم وتصاريح عمل تم إنشاؤها خصيصًا للجزيرة دوناً عن اليمنيين.
لم تكن لدى حديبو كهرباء في الليل حتى قام الإماراتيون بتركيب شبكة كهرباء عاملة ، على الرغم من أنها لا تزال مكلفة للغاية بالنسبة للكثير من الناس، وتساعد ابوظبي شباب سقطرى على الزواج ، وتغطي تكاليفه من خلال تنظيم حفلات الزفاف الجماعية.
“هذه المبادرة السخية تعكس العلاقات العميقة بين الإمارات واليمن ، وتدعم الاستقرار الاجتماعي والنفسي لشبابها ، وتعزز الشراكات المجتمعية” ، قال محافظ الجزيرة المعين حديثا رمزي محروس.
تأتي الفوائد بسعر يعتقد البعض أنه مرتفع للغاية.
غاضبون من المحافظين المتعاقبين الذين يعتقد أنهم ودودون جدا للامارات ، العديد من السقطريين يحتجون في شوارع حديبو أو على وسائل الإعلام الاجتماعية للتنفيس عن غضبهم. ولكن في مناخ لا يعرف فيه من هو المسؤول ، يخشى معظمهم التعبير عن مخاوفهم من أن الجزيرة تفقد التحكم في مصيرها، قال أحد السكان المحليين عبر فيس بوك ماسنجر: “الناس خائفون من التحدث، ليس واضحاً ما يمكن أن يحدث.”
وتقول التقارير اليمنية إن هناك ما لا يقل عن 18 سجناً سرياً تديره الإمارات ، حيث تم اعتقال وتعذيب المئات من الرجال في عمليات البحث عن متشددي القاعدة. وقد تم نقل بعض المعتقلين جوا إلى معتقلات سرية في إريتريا عبر البحر الأحمر.
لا توجد وسائل إعلام تسلط الضوء على سقطرى ، والصحفيين من الخارج لم يتم الترحيب بهم لمعرفة ما يحدث في الجزيرة.
تفكك دولة ميتة
مع ضعف السلطات اليمنية -بعد ثلاث سنوات من القتال- وعدم قدرتها على تأكيد سيطرتها على العاصمة المؤقتة عدن، راكمت القبائل المتناحرة مطالبتهم بأقاليم على الأرض، وبينما فقد تنظيم القاعدة اماكنه في العام الماضي ، فإنه لا يزال لاعباً هائلاً في القتال.
إن حكومة الرئيس هادي لا تملك إلا القليل من الطاقة والقدرة على حماية أطرافها من الأعداء ، ناهيك عن الحلفاء وكانت الحكومة المدينة لقوات الإمارات التي تقاتل نيابةً عنها على الأرض قد خفت في البداية من انتقاد النشاط الإماراتي على أراضيها اذ لا ترغب في معاداة حلفائها في زمن الحرب، لكن مع نمو دور الإمارات -وهي جزء من التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن- في بناء تحالفات أكثر جرأة فقد بدأ الموقف الحكومي في التغير.
في الصيف الماضي ، انفصلت الإمارات عن كل من هادي والسعودية من خلال دعم تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي ، الذي يريد تجديد استقلال جنوب اليمن. أدت هذه الخطوة إلى قيام الرئيس اليمني بتسمية الإمارات “بالمحتل” بدلاً من “المحرر”.
وقد تعرض استقرار التحالف الذي يقاتل الحوثيين لمزيد من الخطر في وقت سابق من هذا العام عندما قام مقاتلو المجلس الانتقالي الجنوبي بالقتال ضد القوات الحكومية.
إن احتلال سقطرى جنباً إلى جنب مع إمكانية تشكيل جنوب اليمن الجديد – “إمارة تابعة ثامنة”- يجعل اليمن ينحدر الى مصاف الدول الفاشلة، ويبدوا الأمر الآن وكأن اليمن قد يخسر سقطرى بالكامل ، والغضب ينمو ، والسياسيون اليمنيون يتكلمون.
في وقت سابق من هذا العام ، أرسلت وزارة السياحة اليمنية شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي تطلب من الهيئة الدولية تسريع قرار يمنع “قوات الاحتلال” من تدمير جمال الجزيرة الطبيعي.
“في حدث غير مسبوق ، دعت دولة الإمارات سكان الجزيرة للتصويت على استفتاء لتقرير المصير للانضمام إليهم ، وهذه هي أخطر خطوة” ، كما جاء في الطلب.
في الوقت الذي بدأت فيه السلطات اليمنية في التعبير عن مخاوفها ، يبدو أن قوة الدفع عند الإمارات لا يمكن وقفها اذ ظهرت تقارير حديثة تزعم ان الإمارات ، المسؤولة عن مطار عدن ، رفضت وصول الرئيس هادي إلى البلاد في الاسابيع الماضية.
إن السقطريين يواجهون الآن مخاوف في حال-وهو امر غير محتمل- قررت الامارات التخلي عن الجزيرة ، آخذة أموالها وعمالها في مجال الرعاية الصحية ووظائفها معها.
فقدان الجنة
“إن نباتات سقطرى تتسم بالمرونة إلى حد ما ، على الرغم من التأثيرات الزاحفة للتغير المناخي” قال فابيو أتور ، عالم الأحياء بجامعة سابينزا في روما ، الذي أجرى عملاً ميدانياً مكثفاً في سقطرى بين عامي 2004 و 2011: “إن ما يقلقني هو التطور دون إشراف مناسب”.
“بدأ الضغط على التخلي عن طرق المعيشة التقليدية في سقطرى وإدارة الأرض عندما فتح مهبط الطائرات ثم تسارع الأمر. من الأهمية بمكان أن تقوم الإمارات بإدارة جهود الصيانة بشكل صحيح ، لكننا لا نعرف ما إذا كانت كذلك بالفعل. “
لقد تعرض النظام البيئي المغلق في سقطرى ، وهو آخر بقايا الغابات شبه الاستوائية المعمره منذ 20 مليون سنة للتهديد في السنوات الـ200 الماضية بسبب النشاط البشري مثل قطع الأشجار والرعي الجائر للماعز والأبقار.
وقد أدى التهديد الناشئ عن تغير المناخ إلى تسريع وتيرة التأثيرات في أقل من جيل، لذا فإن المياه العذبة في المناخ الجاف أصبحت الآن مصدراً متلاشياً.
قتلت العاصفتان الضخمتان في العام 2015 نسبة غير معروفة – ولكنها كبيرة – من الشعاب المرجانية بالجزيرة ، وقامت باقتلاع مئات من أشجار دم الأخوين القديمة.
يحاول السكان المحليون إصلاح الأضرار التي لحقت بالمشاتل ، ولكن الأمر يستغرق عقودًا حتى تنمو الأشجار حتى مرحلة النضج. يقول الصيادون أنه لم يتم بعد فهم التأثيرات على مخزون الثروة السمكية المتنوعة في سقطرى.
وقد تفاقمت هذه المخاوف بالنسبة للأنواع المهددة بالانقراض في الجزيرة بسبب ادعاءات بعض النشطاء بأن الإمارات تأخذ عجائب سقطرى الطبيعية بشكل غير قانوني إلى بلادها ويعتقد العديد من السقطريين أن الرحلة الجديدة إلى أبو ظبي – التي تعمل دون أي إشراف يمني – تغادر كل أسبوع مع عدد قليل من كنوز الجزيرة.
كما عزز الميناء الذي تم توسيعه و تجديده حديثاً من قبل الإمارات بتكلفة تقدر بـ 1.6 مليون دولار (1.2 مليون جنيه إسترليني) ، روابط النقل بين الإمارات وغزوها الجديد. يقول السقطريون أن العمال المحليين غير مسموح لهم بالتواجد على رصيف الميناء عندما تملأ الإمارات حاويات الشحن الفارغة للسفن الناقلة المملوكة لمواطنين اماراتيين، ويعتقد الناشطون أن النباتات وصخور من الجزيرة معبأة هناك، متجهة إلى الإمارات.
وقال أحد عمال الموانئ في صلالة بجنوب عمان لصحيفة “الإندبندنت” إنه رأى أشجار دم الأخوين تنفّذ في حاويات وصلت من سقطرى، كما قالت ناشطة إنها شاهدت الشعاب المرجانية والصخرية من الجزيرة المستخدمة في المباني في مدينة الشارقة الإماراتية. وقدمت صوراً لم تصرح بنشرها، وقالت: “لا أعرف من أعطى الإذن بذلك”. “ربما كان عقدًا بين الإمارات والسكان المحليين”.
ونفت الإمارات جميع هذه الادعاءات في الماضي ولم ترد على طلبات جديدة للتعليق عليها.
“لقد سرقوا كل شيء ، الماء من أفواه الناس والنور من عيونهم” ، قال أحد المعارضين السقطريين لنفوذ الإمارات، “تاريخنا هو التالي.”
رابط المقال الانجليزي:
https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/socotra-island-yemen-civil-war-uae-military-base-unesco-protected-indian-ocean-a8331946.html