الحرة أم مزراح اليمينة حالها كحال مئات الآلاف من الأمهات والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية باليمن.
في مستشفى الصدقة في عدن سجل ميزان الطبيب 38 كيلوغراما فقط هو وزن الأم اليمنية البالغة 25 عاما.
أما ابنها مزراح ابن الـ 17 شهرا فلم يتجاوز وزنه 5.8 كيلوغرامات وهو حوالي نصف الوزن الطبيعي للأطفال في هذا العمر.
هذه الحالة هي جزء من تقرير لوكالة أسوشيتد برس سلط الضوء على قضية سوء التغذية في اليمن وأشار إلى حالات في عدة مناطق التقى بها فريق الوكالة باليمن.
يعاني مزراح من “سوء التغذية الحاد” يداه وقدماه متورمتان فهو لا يحصل على البروتين الكافي لنموه السليم. أم مزراح لا تتناول ما يكفي من الطعام وتنام لتتخلص من ألم الجوع وتخفي عظام وجهها البارزة وجسدها الهزيل خلف عباءة وحجاب.
تضطر وزوجها إلى تقليص عدد الوجبات إلى وجبة واحدة غالبا ما تكون عبارة عن خبز وشاي من أجل توفير الطعام لبناتهما الثلاث بالإضافة إلى مزراح لكن هذه التضحية ليست كافية فحياة ابنها أصبحت مهددة والجوع صار مميتا بحسب الأطباء في المستشفى.
وفاة الطفل فضل:
صورة للطفل فضل التقطتها طبيبة في أيامه الأخيرة قبل وفاته بسبب سوء التغذية الطفل فضل نموذج آخر للمعاناة في أيامه الأخيرة نحل جسده وبرزت عظام صدره كان يبكي بلا دموع بعد فقدان جسمه السوائل وانتفخ بطنه.
لم تقدر أمه التي تعاني من الجوع مثله على إرضاعه من ثدييها كانت تعطيه ما تحصل عليه من لبن الماعز والجمال لكن ذلك لم يكن كافيا فمرض وأخذته إلى مستشفى مدينة المخا لكن المستشفى لم يساعده لغياب الإسعافات الطبية اللازمة ولعدم قدرة العاملين على التعامل مع حالات سوء التغذية.
في ظل هذا الوضع لم يستطع الأطباء تقديم ما يلزمه من عناية فتدهورت حالته وتوفي بسبب سوء التغذية.
في آخر زيارة له في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي كان وزنه 2.9 كيلوغرام فقط بعمر ثمانية أشهر وهو ثلث معدل الوزن الطبيعي ومحيط ذراعه العلوية سبعة سنتيمترات أي أقل بنحو ثلاث بوصات عن المعدل الطبيعي.
لم يقدر الأب والأم على دفع فاتورة العلاج فاضطرا إلى رعايته في المنزل ولم يمر وقت طويل حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
أمه فاطمة حلبي جاءها المخاض وحيدة في نيسان/أبريل من العام الماضي وولدته تحت شجرة فقد كانت مختباة في البرية مع أطفالها الأربعة في واد قاحل بعيدا عن آلة الحرب المستعرة بين الحوثيين والقوات الحكومية.
الخوخة:
تقرير الوكالة سلط الضوء أيضا على معاناة مدينة الخوخة في محافظة الحديدة رغم انتزاعها من الحوثيين في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
المستشفى الرئيسي في المدينة يفتقر للمواد الطبية اللازمة منذ أسابيع بعد أن كانت متوافرة خلال سيطرة الحوثيين لأنهم ربطوها مباشرة بميناء الحديدة الذي تدخل منه المساعدات.
المستشفى الآن بحسب أحد كوادره الطبية ليس فيه تطعيمات ويعاني من نقص الأدوية بعد انفصاله عن ميناء الحديدة وقد تم فض احتجاج لأمهات اقتحمن مركز التغذية فيه للمطالبة بحصص غذائية.
40 في المئة من أطفال المدينة يعانون من سوء التغذية الأطفال الحفاة هزيلو الأجساد يملئون أروقة مركز التغذية المستشفى يستقبل أيضا حالات مصابة بالملاريا والكوليرا.
جليلة إحدى تلك الحالات تعاني الطفلة اليمنية التي لم تتجاوز تسعة أشهر من سوء التغذية والملاريا وزنها 4.5 كيلوغرامات فقط بهذا العمر.
أمها عيشة لا تأكل سوى وجبة واحدة يوميا مثل الكثير من الأمهات اليمنيات اللائي يوفرن الطعام لأبنائهن.
قرية قبلي لا تجد الطعام:
التقرير أشار أيضا إلى معاناة سكان قرية قبلي البالغ عددهم حوالي 450 شخصا سكانها إما جنود انقطعت عنهم الرواتب منذ شهور أو عمال مزارع لا يجدون وظائف أقرب سوق يبعد حوالي 13 كيلومترا ما يضيف أعباء أخرى للحصول على الطعام.
في أحد منازل القرية جلست شيرين لإطعام طفليها قطعا من الخبز والبسباس اليمني (صلصة طماطم وثوم) حارمة نفسها لقلة الطعام.
ابنتها البالغة عاما تعاني من سوء التغذية ولا تستطيع الوقوف تعتمد العائلة كليا على الخبز والشاي لم تصل المساعدات إلى القرية منذ عام 2016 أربع عائلات فقط على قائمة برنامج الأغذية العالمي للحصول على معونات غذائية.
أم ملهم لا تحمل ابنها أصيبت أم ملهم بالضعف الشديد حتى أصبحت غير قادرة على حمل ابنها البالغ 13 شهرا والذي ذهبت به إلى مستشفى ابن خلدون بمحافظة لحج لإسعافه من القيء والسعال والإسهال لم تستطع العائلة تحمل تكلفة إعطائه حليبا مجففا سوى مرة واحدة يوميا فأصيب بالضعف والمرض وأدخل المستشفى وانتظر هناك طويلا حتى يجد من يساعده.
التقرير أشار إلى أن 2.9 مليون امرأة وطفل يمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد وهناك حوالي 400 ألف آخرين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة.
وقالت الوكالة إن حوالي ثلث اليمنيين (8.4 ملايين من 29 مليون) يعتمدون كليا على المساعدات وهذا الرقم ازداد بمقدار الربع العام الماضي.
18 مليون طفل في اليمن لا يعرفون من أين ستأتيهم وجباتهم التالية حسب التقرير تقديرات منظمة “أنقذوا الأطفال” تشير إلى وفاة 50 ألف طفل في 2017 بسبب شدة الجوع أو المرض ومدير برنامج الغذاء العالمي في اليمن ستيفن أندرسون قال إن اليمن هو “أكبر أزمة طوارئ إنسانية” في العالم.