نشرت مجلة “كومبيوتر أوي” الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن قصة “الواي فاي”، الذي ما زالت العديد من المعلومات مجهولة عنه. وفي الواقع، لم تنته مسيرة نجاح “الواي فاي” بعد، بل لا يزال يتمتع بآفاق واعدة من شأنها أن تحدث ثورة في عالم التكنولوجيا.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن “الواي فاي” الذي يشبه إلى حد ما الجندي الخفي، يلعب دورا جوهريا في عالم التكنولوجيا والشبكات. ومع ذلك، لا يتصدر واجهة الشهرة في عالم التكنولوجيا إلا شبكة الإنترنت والهواتف الذكية، التي لا تكتسي أي أهمية من دون “الواي فاي”.
وأضافت المجلة أن “الواي فاي” ليس نتاج شخص واحد، مثل سائر الاختراعات العظيمة عبر التاريخ، وإنما ساهم العديد من النوابغ في تجميع أفكارهم وبلورتها، ليكون نتاجها ما يسمى اليوم تقنية “الواي فاي”. ويعود تاريخ هذا الاختراع إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، علما بأنه يمكن اعتبار مخترعي الهاتف والراديو بطريقة ما من المساهمين في استنباط المبادئ الأساسية التي تقوم عليها تقنية “الواي فاي”.
وذكرت المجلة أن الممثلة هيدي لامار تحولت من نجمة في هوليوود إلى مخترعة “الواي فاي”.
فخلال خمسينات القرن الماضي، عرفت لامار بجمالها وموهبتها في التمثيل، بالإضافة إلى ذكائها الخارق. درست لامار الهندسة، وكانت عصامية التكوين، وحصلت على براءة اختراع في العديد من الاكتشافات، بما في ذلك المشروبات الغازية، وتحسين تشغيل إشارات المرور.
سنة 1942، نالت لامار رفقة الملحن جورج أنثيل، براءة اختراع تقنية لتشكيل الإشارات في الطيف الموسع، وهو الإصدار الأول لما يُعرف بالقفز الترددي. وقد استخدمت الممثلة زوجا من الطبول المحفورة والمتزامنة لنقل المعلومات عبر الهواء دون أسلاك.
وأكدت المجلة أن دوافع هذا الاختراع كانت عسكرية بحتة في بادئ الأمر، إذ استخدم هذا النظام في صنع أجهزة التحكم عن بعد للتعامل مع العوامات البحرية. وفي الحقيقة، هذا هو الأساس الذي تعمل عليه جميع أنظمة نقل البيانات اللاسلكية، مثل الواي فاي، والبلوتوث.
وأوردت المجلة أن المخترعين، في فترة ما بعد اختراع تقنية “الواي فاي”، ابتكروا تقنيات الإرسال عبر موجات الراديو. لكن المحاولات الأولى لاستخدام هذه الموجات لأغراض معلوماتية لم تؤتِ أكلها حتى سنة 1971. خلال هذه السنة، دعت شبكة الكمبيوتر، التي أنشأتها جامعة هاواي، إلى ربط العديد من جزر هاواي ببعضها من خلال إرسال حزم البيانات عبر موجات التردد فوق العالي، التي تم استخدامها للقنوات التلفزيونية.
وقالت المجلة إن سنة 1985 مثلت محطة هامة في تاريخ “الواي فاي”؛ فقد أطلقت هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية العنان لنقل البيانات اللاسلكية دون الحاجة إلى الحصول على ترخيص. ويغطي هذا النطاق العديد من الترددات، بما في ذلك الترددات 2.4 و5 جيغاهيرتز، التي تستخدمها شبكة الواي فاي. وسنة 1991، اخترعت شركة “ناشيونال كاش ريجيستر”، نظام نقل لاسلكي لأجهزة الصراف الآلي.
وأضافت المجلة أن النسخة الأولى من مجموعة عمل الشبكات المحلية اللاسلكية، المعروفة برمز آي تربل إي 802.11، أطلقت سنة 1997، وقد أنشئت بهدف وضع معايير للإرسال عبر الشبكة المحلية اللاسلكية. ويحدد هذا البروتوكول سرعة تتراوح بين واحد واثنين ميغابايت في الثانية باستخدام إشارات الأشعة تحت الحمراء، لكن ليس لديه أي تطبيق عملي.
وبينت المجلة أنه طرأت جملة من التعديلات المتتالية على إصدارات “الواي فاي” المختلفة، لعل أكثرها استخداما الشبكة المحلية اللاسلكية آي 802.11، التي أنشئت سنة 1999، وتستخدم نطاق تردد 5 جيغاهيرتز بسرعة قصوى تصل إلى حوالي 54 ميغابايت في الثانية. كما شهد الواي فاي تعديلات أخرى سنة 2003، على غرار تعديل مواصفات جي 802.11 التي تعمل على زيادة سعة الإرسال إلى 54 ميغابت في الثانية باستخدام نطاق الموجة 2.4 جيغاهرتز ذاته.
والجدير بالذكر أن أكثر الإصدارات استخداما اليوم هو تعديل إن 802.11، وهو تعديل يحسن بناء معايير 802.11 السابقة، ويساعد على نقل البيانات بسرعة 2.4 جيغاهرتز بمعدل سرعة يصل إلى 600 ميغابايت في الثانية. ولكن تقوم أجهزة التوجيه بتقسيم الإشارة إلى تدفقات تبلغ 150 ميغابايت في الثانية، وذلك لتجنب التداخل والقدرة على توصيل الإشارة إلى العديد من الأجهزة في الوقت ذاته.
وأشارت المجلة إلى أن شبكة “الواي فاي” طورت من قبل مجموعة من الأشخاص والمؤسسات المختلفة. وعلى المستوى النظري، يعتمد الواي فاي على مبادئ وبروتوكولات الشبكة السلكية ذاتها. وبعبارة أخرى، يعد نقل البيانات عبر شبكة الواي فاي شبيها بتقنية الإيثرنت أو شبكات الإنترنت المحلية. ويكمن الفرق الوحيد بينهما في استبدال الكابل بموجات الراديو، وهذا يعني أنه يمكننا إيصال شبكة الواي فاي بشبكة محلية أو الإيثرنت مباشرة.
وأبرزت المجلة أن “الواي فاي” يقوم بتحويل الوحدات الأساسية للحوسبة، وهي الأرقام التي تتكون من واحد وصفر، إلى موجات راديو. في الأثناء، يتلقى جهاز التوجيه الإنترنت عبر كابل الإيثرنت، ثم يقوم بتحويل البيانات إلى موجات راديو وإرسالها إلى جهاز الاستقبال، الذي عادة ما يكون مزودا بشريحة واي فاي، التي تستقبل تلك الموجات لتفكيكها وتحويلها إلى أرقام تتكون من صفر وواحد، وهي البيانات التي تفهمها أجهزة الكمبيوتر والهواتف الجوالة.
وأفادت المجلة بأن الواي فاي أصبح من بين التقنيات التي تحل العديد من المشاكل في حياتنا اليومية، وهو منخفض التكلفة وسهل الاستخدام؛ لأنه يجنبنا مشقة سحب الكابل في جميع أنحاء البيت.
وخلافا للتقنيات الأخرى التي تستخدم الموجات، مثل أجهزة التلفزيون أو الراديو، يمكن إنشاء الواي فاي حتى عبر جهاز محمول بسيط. وبهذه الطريقة، يمكننا التمتع باتصال لاسلكي مجاني وبسعر ثابت.
وفي الختام، أكدت المجلة أنه على الرغم من كونه تكنولوجيا حديثة نسبيا، إلا أن الواي فاي تمكن في فترة تزيد عن عقد من الزمان من أن يتحول إلى تكنولوجيا عالمية، لدرجة أنه لا يمكننا العيش من دونها. لكن الواي فاي يمكن أن يكون له نهاية مفاجئة، لأنه مهدد بتقنيات الإنترنت عبر الهاتف النقال مثل تقنية الجيل الخامس.