أعاد استخدام نظام الأسد لغاز “السارين” في دوما الواقعة بالغوطة الشرقية من العاصمة السورية دمشق، ما أوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى، حيث تشير مصادر طبية إلى أن الأعراض التي تظهر على الضحايا هي ناتجمة عن غاز السارين وليس غاز الكلور كما كان يعتقد.
ويأتي استخدام هذا السلاح الكيماوي بعد نحو عام من استخدام الغاز نفسه في مجزرة خان شيخون بريف إدلب. فما طبيعة السلاح الكيمياوي المستخدم، وكيف يمتلكه النظام على الرغم من إعلانه تسليم هذه الأسلحة للأمم المتحدة.
فعقب مجزرة الغوطة التي وقعت بغاز السارين في صيف العام 2013، والتي أدت إلى مقتل 1400 شخص، بحسب الأمم المتحدة، قام النظام بالتصديق على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، ونتج عن ذلك تسليم النظام السوري ثلثي ترسانته الكيماوية تقريباً، بحسب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
ويقول المحققون إن إثبات استخدام السارين “أمر صعب”، لأنه يتطلب وجود عينات من التربة أو الشعر أو الدماء من مكان الهجوم أو المصابين فيه، وهو ما يحتاج إلى أمر دولي؛ لكن موسكو حليف الأسد له بالمرصاد في مجلس الأمن.
وبحسب منظمة السلامة الدولية، فإن سوريا تمتلك أربعة مواقع يعتقد أن فيها أسلحة كيماوية؛ أحدها شمالي دمشق، والثاني قرب المدينة الصناعية بحمص، والثالث بحماة، ويعتقد أنه ينتج غاز الأعصاب (في إكس) بالإضافة إلى السارين و”التابون”، وموقع رابع قرب ميناء اللاذقية.
– ما هو السارين؟
يعود اكتشاف “السارين” إلى العام 1938 في ألمانيا، من قبل اثنين من العلماء الألمان، في محاولة لخلق أقوى المبيدات الحشرية في حينه، لكن وخلال الحرب العالمية الثانية قامت ألمانيا بتطويره لاستخدامه في الحرب ضد قوات الحلفاء المعادية لها.
وغاز السارين، أو “جي بي”، هو أحد عوامل الحرب الكيماوية المعروفة بـ”سلسلة جي للعوامل العصبية”، التي طورتها ألمانيا أيضاً أثناء الحرب العالمية الثانية، وتعد هذه المجموعة من الغازات الطيارة التي تتحول إلى سائل في درجة حرارة غرفة طبيعية، غير أن غاز السارين هو أخفها.
وبحسب الأبحاث التي نشرتها “رويترز”، فغاز السارين الصافي عندما يكون سائلاً يكون عديم اللون والطعم والرائحة، وهو خليط من أربعة عناصر كيماوية هي “دميثيل مثيلفوسفات”، و”فوسفوروس تركلوريد”، و”فلوريد سوديوم”، و”الكحول”، ويكون تأثيره عادة عند ملامسة السائل للجلد، أو عندما يطلق على شكل بخار.
– كيف يقتل؟
تنقل الوكالة عن “سين كوفمان”، الباحث في مركز الصحة العمومية بجامعة “إموري” الأمريكية، أن السارين هو تهديدٌ خطير ولكن قصير الأجل؛ لأنه سريع التبخر، ولهذا السبب- بحسب كوفمان- هو صعب التتبع، ولكنه يترك آثاراً طويلة تبقى في المكان الذي أطلق فيه.
يؤثر السارين في البداية عندما يتداخل مع المحول العصبي الذي يشكل وصلة الربط بين الغدد والعضلات، إذ يعطل هذا المحول فتصبح العضلات تحت تنبيه فوق العادة، وتخضع نسبة التسمم لمقدار الغاز الذي يتعرض له الشخص ولمدة تعرضه له.
ويمكن أن يظهر تأثير بخار السارين بعد ثوان، في حين لا يظهر تأثير السارين السائل إلا بعد عدة دقائق، بل إنه قد لا يظهر إلا بعد ساعات قد تصل إلى 18 ساعة.
ويمكن لجرعة كبيرة من السارين أن تؤدي إلى فقدان الوعي والتشنج والشلل والعجز عن التنفس فالوفاة، أما الجرعة الخفيفة فيمكن أن تؤدي إلى مجموعة من الأعراض تتدرج من سيلان الأنف والدموع إلى الهذيان والتعرق الزائد إلى الدوار والتقيؤ.
*الخليج