نشرت صحيفة “التايمز” مقالا لمراسلها من مدينة مأرب ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن نساء اليمن خسرن أزواجهن وأطفالهن بسبب الحرب، لكنهن لم يفقدن الجرأة على المطالبة بالحقيقة.
ويقول سبنسر إنه “من الصعب اكتشاف ما يمكن لامرأة أن تفكر به وهي خلف الحجاب، وهذه المرأة غطت عيونها، ومع ذلك أخذت انطباعا بأنها كانت تسخر مني، حيث جلس مترجم معنا، وتحدثت نسوة معها عن أطفالهن وأزواجهن، الذين اختفوا في السجون اليمنية وغرف التحقيق، ولم يكن هذا موضوعا مثيرا للضحك، لكنني شعرت بأن هناك نوعا من المتعة، وسمعت شيئا قلته للمترجم، وقلت لها: (هل تتحدثين اللغة الإنجليزية؟) وهزت رأسها موافقة”.
ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، قائلا: “تفحصت الملف الذي أعطتني إياه، وفيه عدد من التفاصيل حول (المختفين قسريا)، وقلت لنفسي إنها فتاة أصغر من أن تكون أما، وكنت محقا، حيث كانت أسماء محمد (23 عاما) طالبة في جامعة صنعاء حتى سيطرة الحوثيين عليها في عام 2014”.
ويفيد سبنسر بأنه بعد أن أخذوا عمها فإنها قامت بالمساعدة على إنشاء رابطة “أمهات المختطفين”، اللاتي يذهبن من سجن إلى آخر، يطلبن معلومات عن آلاف الأشخاص الذين اختطفوا، وغابوا دون ترك أثر.
ويقول الكاتب إن “اليمن مكان كارثي، ومثل ليبيا وسوريا فإنه تبعت الربيع العربي حرب متعددة الأطراف لم يهتموا فيها، ولا الجماعات الدولية الداعمة لهم بحقوق الإنسان”.
ويشير سبنسر إلى أن الملايين يعانون من الجوع ومرض الكوليرا أو الخناق “الدفتيريا”، لافتا إلى أنه في الجانب الآخر تتهم الإمارات وحلفاؤها بإدارة “سجون سوداء”.
وتنقل الصحيفة عن أم ثائر، قولها: “تركت بيتي في القرية واعتقلوا زوجي قبل يوم”، وتضيف أم ثائر، التي كانت مع مجموعة نساء، إن زوجها توفيق المنصوري (33 عاما)، وكان من بين 9 صحافيين اعتقلهم الحوثيون في حزيران/ يونيو 2015، ولا يزال في السجن، وتقول عائلته إنه يتعرض للضرب بشكل متكرر.
ويعلق الكاتب قائلا إنه دهش من الحكايات التي سمعها، وكيف أنها تختلف عما يتوقعه الشخص من نساء محجبات في أكثر المجتمعات محافظة في العالم.
ويورد سبنسر نقلا عن واحدة من هؤلاء النساء، وهي ألفت الرفاعي، وصفها كيف واجهت الحوثيين واعتقلت لفترة قصيرة، وعندما سألها عما إذا كانت تسمح له بذكر اسمها، فإنها قالت: “لا أختم بما يقولون”، فيما قالت أخرى إن صديقة لها اعتقلت واغتصبت، لكنها لم تقدم دليلا.
ويقول الكاتب إن “النساء القويات لا يشكلن ظاهرة جديدة في اليمن، فملكة سبأ كانت الأولى، وفي الثورة ضد علي عبد الله صالح عام 2011، أدت الناشطات النسويات دورا مهما، وكانت الناشطة اليمنية توكل كرمان أول امرأة عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام، وتدير رضية المتوكل منظمة (مواطنة لحقوق الإنسان) في صنعاء”.
ويلفت سبنسر إلى أنه عندما سأل أسماء عما إذا كان من غير المعتاد في اليمن أن تقود المرأة تظاهرات احتجاجية، فإنها أجابت قائلة: “الثقافة اليمنية مغلقة نوعا ما، لكن إن تحدث الرجال فإنهم يساقون إلى السجن، ولا تواجه المرأة مخاطر كبيرة مقارنة مع الرجل”.
وينوه الكاتب إلى أن “بريطانيا وجدت في أثناء الحربين العالميتين أن الرجال يذهبون إلى الحرب ويموتون، ولهذا فإن المرأة مهمة وحرة، وحتى في الظروف الصعبة، التي تهرب فيها النساء السوريات للجبال وإلى لبنان وتركيا، فإنهن يجدن فرصا جديدة للعمل والتعليم، وهو تعويض قليل عما فقدنه، ولكنه في النهاية شيء”.
ويذهب سبنسر إلى أن “هناك زخما سياسيا جديدا، فمع مواجهة العالم لتنظيم الدولة فإن حقوق المرأة أصبحت أساس قبول الأنظمة، وفي العام الماضي ألغى لبنان والأردن قوانين تسمح للمغتصبين بالفرار من العقاب، من خلال الزواج بضحاياهم، وتناقش تونس قانون المساواة في الميراث، وهذه هي البداية”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه كونه غربيا فإنه يصعب عليه التوصل إلى نتيجة، ويسيء تقدير الرعب والاتجار بالجنس وزواج الفتيات الصغيرات بسبب حروب الشرق الأوسط، لكن “أسماء وصديقاتها يلفتن إلى أن شيئا ما يتغير”.