بقلم - علي هيثم الميسري
منذُ أن فقهنا في هذه الدنيا وبالتحديد منذُ أن دخلنا المدارس حتى تخرجنا منها ونحن نردد في الطابور الصباحي شعار تحقيق الوحده اليمنية، حتى أنها كانت حلم يراودنا في النوم واليقظة، وكان السواد الأعظم من شعب الجنوب يترقب اللحظة التي تلتحم فيه قلوب الشعبين الشمالي والجنوبي ويلتئم تمزقهم ويجتمع تشرذمهم بتحقيق الوحدة اليمنية .
كان 22 مايو 1990م هو اليوم الذي تحقق فيه حلم الشعب الجنوبي قبل الشعب الشمالي، ولكنه للأسف تحقق على أيادي شرذمة جنوبية فرت من فشلها في إدارة الدولة الجنوبية وإرتمت في أحضان عصابة شمالية وتوحدت معها بوحدة مركزية دون ضمانات تضمن حقوق الشعبين الجنوبي والشمالي، فكانت النهاية حتمية وهي الدخول في أتون حرب حصدت الآلاف من كلا الشعبين بالإضافة إلى كراهية شعب الجنوب لهذه الوحدة العشوائية مع بقاء حب الوحدة في قلوب كافة ابناء الشعب الشمالي، فدارت الأحداث منذُ إنتهاء حرب العام 1994م حتى اللحظة التي سنحت فيها تصحيح مسار أو لنقُل شكل الوحدة على يدي حامي حماها والذي إستعادها بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من نهايتها وهو صاحب الفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، فرسم ملامح الوحدة اليمنية الجديدة تحت مسمى اليمن الإتحادي الذي سيضمن حقوق كل أبناء الشعب اليمني .
ويا فرحة ما تمت فعندما أوشكنا أن نصل للحظة التي كان سيُعلن فيها قيام اليمن الاتحادي إنقلبت على هذا المشروع قوى إرتأت بأن قيام هذا المشروع العظيم للشعب اليمني سيفقدها مصالحها ومشاريعها الجهوية والفئوية والتي تريد أن تحكم اليمن من خلال هذه المشاريع الذي لا يمكن أن يقبلها الشعب اليمني بالمطلق، ولأجل ذلك زُهِقَت الأرواح وسُفِكَت الدماء في صفوف أحرار اليمن من مدنيين وعسكريين من خلال الإنقلاب العسكري .
وعندما أوشكنا على القضاء الكلي لمليشيا الإنقلاب في صنعاء وبعد أن تحررت 85 ٪ من الأراضي اليمنية أينعت رؤوس بغيضة في الجنوب في العاصمة عدن وهم على صله وإرتباط وثيق بإنقلابيي صنعاء وهم عبارة عن مليشيا تطمع في إستلام السلطة في الجنوب وأفرادها مجموعة من الأقزام يُعَدُّون من أبناء وأحفاد تلك الشرذمة الجنوبية التي ادخلتنا في الوحدة المركزية العشوائية فسعت للعرقلة دون تحقيق الإنتصار الكامل بل وحاولت الإنقلاب على الشرعية مرتين كانت المرة الأولى في حادثة المطار وإستطاع صاحب الفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي أن يحتويه ويحقن دماء الكثير من أبناء الجنوب في عدن فأفشل الإنقلاب ويخمده في ليلتها .
أما محاولة الإنقلاب الثانية فكانت بحجة إسقاط حكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر التي إدعت هذه المليشيا بأنها حكومة فاسدة، ولم تكُن محاولة الإنقلاب هذه إلا للتغطية على تواجد طارق عفاش في عدن بالإضافة إلى تحركات ونجاح معالي الدكتور أحمد عبيد بن دغر على كافة الأصعدة، ولكن مليشيا الإنقلاب فشلت فشلاً ذريعاً من تحقيق أجنداتها وإندحرت صاغرة إلى أوكارها، وكان السبب الرئيس لهذا الإنتصار على مليشيا الإنقلاب الثلاثي البطل وهم : فخامة المارشال هادي ونائب الرئيس الجنرال علي محسن وسعادة الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي حافظ على رباطة جأشه حينما كان مهدد بالتصفية، بالإضافة إلى آخرين كان لهم دور كبير بوأد الإنقلاب في مهده، وسيكون لنا لقاء آخر سنوضح فيه الكثير من الأسرار حول هذا الإنقلاب .