الكشف عن تفاصيل الشبكة الخفية في صنعاء .. المستقبل المضاد للدولة (تقرير)

محرر 230 نوفمبر 2017
الكشف عن تفاصيل الشبكة الخفية في صنعاء .. المستقبل المضاد للدولة (تقرير)

ثمة جانب غير مرئي في صنعاء، أفرزته الحرب ليس على الصعيد الاجتماعي في مجتمع يبدو مغلق من الناحية الاجتماعية لعوامل عديدة من بينها التقاليد ومنظومة التدين المحافظ، الجانب الاقتصادي الخفي في صنعاء وشبكة الخفاء التي تنمو تحت إبط الحرب، كما تنمو الأشياء غير المرئية.

عشرات المليارات الريالات، كان قد كشف “الموقع بوست” عنها وعبر خبراء، وهي تلك التي تجنيها المليشيات شهريا من خلال متاجرتها بالنفط والغاز المنزلي وما إلى ذلك من موارد اليمن التي اختطفتها في هذا السياق.

البدايات الأولى للسيطرة على الشبكة

بعيدا عن هذه القطاعات هناك قطاع خفي، تعمل في إطاره طبقة المليشيا الاقتصادية التي تتشكل، وهو قطاع قد تكون ظروفه والظروف المحيطة به صرفت عنه الأنظار، خصوصا في ظل أنظار اليمنيين التي تنصب في زاوية لقمة العيش والتفكير ليل نهار بالجوع الذي يتهدد الملايين من اليمنيين ويهدد حياتهم على مدار الساعة.

إنه قطاع الكهرباء، هذا القطاع صادرته المليشيات تدريجيا منذ اجتياحها لصنعاء، خصوصا بعد توجه الناس نحو شراء منظومة الطاقة الشمسية وفقدانهم أمل عودة التيار الكهربائي التابع للدولة.

وبحسب “الموقع بوست” الذي تتبع تفاصيل ما جرى لهذا القطاع في صنعاء، وتوصل إلى أن قيام مليشيات الحوثي، باستحداث ونصب محطات كهربائية ومولدات ذات الحجم الثقيل، في جميع أحياء وحارات ومناطق العاصمة صنعاء، وإلى جانبها استخدام جميع المحطات الداخلية التي كانت مساعدة للمحطة الرئيسة التابعة للدولة، ومن ثم توجهت وحسب حديث مواطنين في صنعاء، إلى استخدام الشبكة العامة للدولة، بعد القيام باستقطاعها وإعادة تشكيلها وتشكيل خطوطها وترتيبها على محطاتهم الجديدة ومولدات الكهرباء؛ ما يعني أن شبكة الكهرباء التي خسرت عليها الدولة مليارات الريالات وعلى إنشائها، تم تدميرها ونهبها وفصلها عن خطوطها المنظمة والمرتبة سابقا.

مشروع منافس للطاقة الشمسية

يقول (محمد قائد عبد الله) مواطن بصنعاء ومشترك في هذا المشروع، في حديثه، لـ “الموقع بوست”: “هذا المشروع أصبح منافسا قويا لمشروع الطاقة الشمسية، وقد صار يغطي معظم أحياء مدينة صنعاء والمدن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وأصبحت خدمة أساسية بالنسبة للفئة المجتمع القادرة على تغطية تكاليف هذه الخدمة إلى جانب الطاقة وكذلك شريحة التجار من الدرجة الأولى والثانية”.

وطبقا للرجل، سعت المليشيات إلى مصادرة جميع العدادات من منازل المشتركين، وقامت باستبدالها بعدادات جديدة، وكل عداد يدفع المشترك تكلفته 20 ألف ريال، ومنذ عام ونصف تقريبا، هذا المشروع مستمر في التطور والتشكل وقد أصبح اليوم كبيرا وواسعا، وفي البداية كان قيمة الكيلو 200 ريال للمحلات التجارية و150 و160 للمواطنين، ومع أزمة المشتقات النفطية (الديزل) ارتفع سعر الكيلو إلى 250. – 300″.

خدمة الخط الساخن

وتوصل “الموقع بوست” خلال تحقيقه بهذا الموضوع إلى أن هناك خدمة أخرى في هذا الجانب. اسمها الخط الساخن يقوم المسيطرون على هذا القطاع باستثمار خاص للمشروع محطات الكهرباء العمومية، وذلك ببيع خطوط ساخنة للمستثمرين والتجار والنخبة من المجتمع وقيمة كل خط دفع مسبق 50000 -40000 ألف ريال وقيمة الكيلو 80 ريال، إضافة إلى ذلك هناك رسوم يدفعها المشترك مقابل صيانة.

خبير اقتصادي يكشف تفاصيل خطيرة 

“الموقع بوست” حمل هذا الحديث وهذا الملف الى أحد الخبراء الاقتصاديين المتواجدين في صنعاء، وطلب منه التوضيح لهذا الإجراء، بل ماذا يمثله وماهي أبعاده الاقتصادية؟ وما مصير المشروع الخدمي الكبير بعد ما تعرض؟ ما حجم الخسائر التي ستلحق بمشروع الدولة والشعب؟ استفسارات طرحناها أمام الخبير الاقتصادي والمتخصص بالشؤون الاقتصادية.

الخبير الذي فضل عدم ذكر اسمه، حرصا على سلامته، بدأ رده عن أسئلة “الموقع بوست”، بالقول: “رغم توسع مساحة الفقر بالعاصمة صنعاء بشكل لم يعهد من قبل، برز أثرياء جدد ينضوون تحت مظلة جماعة الحوثيين حققوا ثروات طائلة من احتكارهم للجزء الأكبر من تجارة المشتقات النفطية في السوق السوداء تلاها منظومات الطاقة الشمسية، ومن ثم شراء مولدات كهربائية كبيرة وتشغيلها وتوصيل التيار الكهربائي لسكان الأحياء الراقية مطلع الأمر ثم توسع ذلك ليشمل أحياء متوسطة الدخل”.

وتابع الخبير حديثه “هذا التوجه له أبعاد آنية ومستقبلية وتتمثل الآنية في تجفيف مدخرات المواطنين في صنعاء مقابل الحصول على خدمات آنية، ويترتب على ذلك تحول المواطنين من الإنفاق على لقمة العيش إلى الإنفاق على الطاقة والمشتقات النفطية، وبالتالي عدم توجههم لمواجهة قحط القادم بأي مدخرات سواء نقدية أو حبوب ومواد غذائية وغيرها، وهذا القصد منه جعل مصيرهم بيد الحوثي وأتباعه، واستغلال حاجتهم للبقاء تحت مظلة تأييده وبالذات في قادم الأيام”.

نتائج كارثية

وبحسب هذا الخبير، فإن من الانعكاسات الآنية حرمان خزينة الدولة من أي تدفق للموارد، وتكوين رؤوس أموال مشبوهة، لتمويل حروب الحوثي القادمة، وإلغاء لوظائف الدولة كليا، ناهيك عن تشكيل عصابات اقتصادية متمردة على دفع ما يتوجب عليها من ضرائب ورسوم خدمات، وفي المقابل تسخير كل إمكانات الدولة لاستثمارهم الخاص في المجال هذا، شبكة الكهرباء وإن كانت متهالكة، وهو ما يقود إلى إهلاكها كلياً جراء الاستخدام السيئ.

مضاعفة أعباء للحكومة القادمة

وزيادة على هذا، وطبقا للرجل، مضاعفة أعباء أي حكومة قادمة، حيث سيتوجب عليها معالجة هذا الأثر، وسيكلف ذلك مئات مليارات الريالات، فيما الخزينة العامة ستكون مفرغة كليا، وتعاني عجزا كبيرا للغاية، وهذا سيولد مشاكل جمة وسيضاعف من حدة التدهور الأمني والاستقرار وسيقود إلى تعزيز فكرة أن مناخ الاستثمار في اليمن طارد.

ويتابع الخبير الاقتصادي، حديثه من زوايا علمية واقتصادية دقيقة، بالقول “كما أن هذا يعزز من حالة انفصام المواطن في العاصمة تجاه الدولة وقناعتهم بعدم جدوى خدمات الدولة وهذا سيجر إلى صراع المواطن والدولة في إرساء سيادة القانون وحرمان الدولة من رسوم كثير من الخدمات الحكومية والتي كانت تسهم بنسبة تقارب 2.6 بالمائة من موارد الموازنة العامة وسينعكس تأثير ذلك بصورة مباشرة على الموازنة العامة للدولة ومضاعفة العجز وتعطل البرنامج الاستثماري وهيكل الأجور والرواتب، وسيمتد إلى توقف عمليات التوظيف والتوسع في حالات الضمان الاجتماعي، وسيؤثر بشكل متنامي على برامج مكافحة الفقر والبطالة وتدني مستوى الخدمات الحكومية وغير ذلك”.

استحواذ فردي لمتمردين

وأخيرا، وطبقا للخبير، سيوجد هذا الوضع حلفاء جدد للحوثي غير معروفين على السطح، وهؤلاء سيؤدون دور العدو الخفي وهذه من القواصم الكبرى التي ستجهض وظائف الحكومات القادمة وسيحتاج التعرف إليهم وقت وموارد على حساب البنية التحتية وغيرها.

وبشأن ما يذهب إليه اقتصاديون، بالقول إن ذلك يمكن أن يُدرج ضمن ما يسمى الخصخصة، يوضح هذا الخبير قائلا “هذا التوصيف غير موفق لأن الخصخصة تتم من قبل حكومة قائمة وفي وضع مستقر تمارس فيه الحكومة كامل صلاحياتها، كما أنها تكون نتاج مناقشات ومشاورات، فيما ما يتم من قبل الحوثيين هو استحواذ فردي ومن قبل متمردين على شرعية رئيس وحكومة شكلت بإجماع وتوافق من كافة الأطراف المعنية”.

سمه من سمات الحرب

من جهته قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، لـ “الموقع بوست”: في الحقيقة هذه ظاهرة جديدة ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي الناشئ عن ظروف الحرب سواء ذلك ينطبق على توفير خدمة الكهرباء من قبل مستثمرين صغار أو نافذين أو غيرها من الخدمات التي كانت تتولى تقديمها الدولة بعد أن سقطت مؤسسات الدولة وأصبحت عاجزة عن تقديم هذه الخدمات فتحول الأمر إلى مجموعة عشوائية سواء كان عبر قطاع خاص حقيقي أو عبر نافذين”.

وأضاف نصر “أعتقد أن هذه سمة من سمات الحرب هذه حالة غير طبيعية لكنها مؤشر على ما يمكن القيام به في حال توقفت الحرب وتم استئناف العملية الاقتصادية وهو يتم إتاحة للقطاع الخاص بإدارة كثير من ملفات الخدمات لكن وفق عقود منافسة وشفافة وليس بالطريقة الحالية التي تتم عبر استغلال سواء عبر رفع الأسعار أو عبر عقود حصرية لنافذين مسيطرين على أيضا هناك مغالاة كبيرة في أسعار الكهرباء ونشهد كثيرا في المياه وغيرها”.

*الموقع بوست

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق