عدن نيوز – متابعات
بدأت كرة الثلج بالتصاعد مجدداً بين الحوثي وصالح حينما بعث حزب المؤتمر رسالة قوية اللهجة تهدد بفض الشراكة مع المليشيا إن لم تتوقف عن ممارساتها القمعية تجاه شريكها في السلطة، وتفردها بالقرار بشكل ينسف معه أية قواعد يمكن أن تنبني عليها شراكة حقيقية بين الطرفين.
جواب الحوثيين لم يتأخر كثيراً، فبعد مرور ساعات قلائل على خطاب المؤتمر سربت الجماعة جواباً رسمياً مطولاً عن مجلسها السياسي برئاسة صالح الصماد، اتسم بلغة تصعيدية أشد وأكثر صرامة من اللهجة التي حملها خطاب حزب صالح، حيث بلغ ذروته بالتأكيد على أن المليشيا لا يشرفها الشراكة الصورية في ظل استمرار المؤتمر في عرقل كافة الخطوات الرامية لسد الثغرات الداخلية واقتلاع الفاسدين.
غير أن كرة الثلج بلغت حجماً يصعب معه تدارك الموقف بين الحليفين الغريمين، حينما قامت الجماعة باختطاف الشيخ منصور سليمان، رئيس فرع حزب المؤتمر بمنطقة همدان القبلية الواقعة الى الشمال الغربي من محافظة صنعاء، تبعها قيام القبيلة باختطاف أحد مشرفي الحوثي بالمنطقة، والتهديد بتصعيد الأمر حتى الوصول الى مواجهات مسلحة مع المليشيا إن لم تطلق سراح الشيخ.
هل تخلت الجماعة بشكل نهائي عن صالح؟!
وفي خضم هذا المعترك الكبير بين شركاء الحرب في صنعاء، تناولت الساح المحلية بمختلف تنوعاتها الفكرية تساؤلات حول احتمالية أن تكون جماعة الحوثي قد تخلت بشكل كلي عن صالح، وبدأت في ترتيب خياراتها العسكرية والسياسية كقوة وحيدة تملك زمام السلطة في العاصمة صنعاء.
وفي هذا السياق قال السياسي البارز، وسفير اليمن لدى المملكة المتحدة البريطانية ياسين سعيد نعمان بشكل حاسم أن جماعة الحوثي تخلت تماماً عن حاجتها الى صالح، وإلى غطائه السياسي كسلطة حاكمة في الداخل تتعاطى مع المجتمع الخارجي ، او حتى وحداته العسكرية للقتال في جبهات القتال ضد التحالف العربي وقوات الشرعية.
وأرجع نعمان، وهو بالمناسبة الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني، سبب تخلي الجماعة عن صالح إلى إدراكها أن المجتمع الخارجي وكذا التحالف العربي سئم الاستمرار في خيار الحسم العسكري، وأدركت جميع الأطراف أن لا قدرة لأي أحد على تحقيق انتصار شامل على خصمه، وهو ما دفع الأمم المتحدة بإيعاز عربي بحسب رأيه الى إعادة مجهودات مبعوثها الدولي في اليمن “ولد الشيخ” لإحياء المفاوضات المتعثرة منذ أكثر من عام.
ويرى نعمان أن الجماعة الحوثية باتت تشعر بأن صالح بات وجوده في صفها يمثل ثقلاً غير محتمل، وأصبحت تدرك أنها لو دخلت برفقته في مفاوضات سلام مباشرة، فإن المكتسبات التي ستحوز عليها ستكون مناصفة بينها وبينه، وعليه فهي ترى أن دخولها للمفاوضات منفردة سيمكنها من تكثيف حجم مكتسباتها بنسبة الضعف.
من جهته يقول السياسي اليمني طلال المأخذي أن جماعة الحوثي لا تزال تشعر ببعض الريبة من شريكها صالح، بالرغم من الضعف الكبير الذي بات يتسم به في الآونة الأخيرة، وزادت شكوكها مع دخول دولة روسيا الاتحادية على خط الأزمة واعتزامها نقل صالح الى خارج البلاد، بحسب تصريحات صدرت من صالح نفسه عقب إجراء فريق طبي روسي عملية له في أحد مشافي صنعاء مؤخراً .
شكوك الجماعة، بحسب المأخذي، تتركز نحو مصير نجله أحمد، والذي لا يزال يقبع رهن الإقامة الجبرية في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ اندلاع الحرب في مارس 2015م، كما أن الجماعة لا تزال تعبر عن ريبتها المتعاظمة من نشاطات نجل شقيق صالح (طارق محمد صالح)، وهو الذي يقوم بحسب تسريبات غير مؤكدة بالإشراف على تدريب عدد من الألوية العسكرية التابعة للحرس الجمهوري بشكل سري في محافظة ذمار جنوب صنعاء، وهو ما يفسره إيعاز الجماعة لأجنحتها الإعلامية بتصعيد الخطاب الإعلامي الحاد نحوه، بشكل غير مسبوق في اليومين الأخيرين.
وتبقى صنعاء أسوة ببقية المحافظات القابعة تحت سيطرة الانقلاب منغمسة أكثر فأكثر في مستنقع أزمة إنسانية عاصفة، فالمرتبات التي كانت تصرف باستمرار في أي فصل من فصول الصراع اليمني سابقاً توقف صرفها منذ أكثر من عام، ما تسبب في أزمة جوع غير مسبوقة لشريحة واسعة من السكان، فيما تسببت الحرب والبيئة المهملة الى تفشي عدد كبير من الأمراض والأوبئة أبرزها (الكوليرا) والذي اجتاح البلاد في الأشهر الماضية محققاً نسب وفيات هي الأعلى في تاريخه.