هل تساهم الخلافات السعودية – الإماراتية في تمزيق اليمن وإغلاق الباب أمام السلام؟

محرر 214 سبتمبر 2023
هل تساهم الخلافات السعودية – الإماراتية في تمزيق اليمن وإغلاق الباب أمام السلام؟

تتضارب المصالح السعودية – الإماراتية في اليمن، وتظهر على هيئة خلافات تخْفت وتعود إلى السطح، وصفتها الإدارة الأمريكية بأنها “خطر يهدد مصير حل الأزمة اليمنية، ويعقَّد ملف الجهود الأمريكية للتفاوض”.

وكالة أمريكية كشفت، في تقرير لها، أن الخلاف بين السعودية والإمارات يتصاعد حول مصير اليمن، ويسعى كل طرف منهما للسيطرة على البلد، موضحة أن الخلاف الرئيسي يشمل السيطرة على محافظة حضرموت، التي تنظر الرياض إليها على أنها جزء لا يتجزأ من أمنها.

ويرى مراقبون أن الخلاف السعودي – الإماراتي، في خضم الأزمة التي تعيشها اليمن اليوم، يظهر حجم المأساة التي تعيشها البلاد، وكيف حولتها دولتا التحالف، منذ سنوات، إلى ساحة حرب مستعرة.

– سلام قادم

يقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني: “إن التقرير، الذي نشرته الوكالة الأمريكية، ليس التقرير الوحيد الذي يتحدث عن الخلافات العميقة بين السعودية والإمارات”.

وأوضح: “الخلافات بين السعودية والأمارات مردها إلى الدور السعودي المتنامي في المنطقة، لا سيما عقب الحرب الروسية – الأوكرانية، التي زادت من أهمية السعودية لدى المجتمع الدولي، وتوسيع علاقاتها مع الشرق والغرب، وإدارة ملف “أوبك”، والكثير من القضايا التي ساهمت في تعزيز الدور السعودي إقليميا ودوليا، الأمر الذي يثير قلقا كبيرا لدى الإمارات، باعتبارها دولة صغيرة، وتقع بين دولتين إقليميتين كبيرتين (إيران – السعودية)”.

وأضاف: “أي نمو أو تعاظم لدولتي السعودية وإيران الكبيرتين يشكِّل معضلة للدول الصغيرة المجاورة لهما، كدولة الإمارات، لذا حينما تدخلت الإمارات في حرب اليمن كان لها بُعد واضح وهو إضعاف السعودية، وتحويل اليمن إلى مستنقع لها، لذا ذهبت إلى إنشاء مليشيات في المحافظات الجنوبية والساحل الغربي، لخلق الانقسامات والصراعات داخل صف الشرعية، وإيجاد بيئة غير مناسبة للمعركة التي تقودها السعودية، ويبدو أن السعودية تنبَّهت مؤخراً، وظهر الخلاف”.

وتابع: “الولايات المتحدة الأمريكية تتعمَّد نشر هذه التقارير، التي تكشف عن وجود خلافات بين الدولتين، لأن هناك رغبة لديها لاستغلال هذه الخلافات”.

واعتبر أن “المصالحة الإقليمية مع إيران فوّتت على الولايات المتحدة الأمريكية استغلال الأزمة الإقليمية، التي كانت تسترزق منها، ومن ثم كانت مبررا لتواجدها في المنطقة، وبيع الأسلحة، وغير ذلك”.

ويرى أن “التقارب الإقليمي مع إيران، ودخول الصين في الملف، جعل الولايات المتحدة تبحث عن نقاط خلاف لتبقى ويبقى دورها والحاجة إليها كبيرا، لذا تجد في الخلاف السعودي – الإماراتي منبرا تعبِّر عنه بشكل مستمر”.

وبيَّن: “الأهمية الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية لدى الخليجيين تغيرت، ولم تعد كما في السابق، فاليوم هناك لاعب إقليمي كبير، ومعسكر شرقي يتمثل بالصين، دخل بقوة، واستطاع أن يوجد حلا للمشكلة والمعضلة الإقليمية بين إيران والسعودية، وهذا يعد تحديا كبيرا لواشنطن”.

وأضاف: “تمكن الصين من إدخال السعودية والإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران مع البريكس شكَّل منعطفا جديدا في العلاقة مع الغرب”.

وأردف: “الصين حاضرة بقوة في الملف الإقليمي، وفي المسألة اليمنية، فالعنوان الأبرز، بخصوص اليمن، اليوم، هو السلام، والذي على وشك أن يعلن في الأيام القادمة”.

وزاد: “زيارة محمد بن سلمان إلى عُمان تركِّز بشكل أساسي على السلام في اليمن، وأتصوَّر أن هناك لقاء مع مليشيا الحوثي، وأنه سيتم الإعلان عن اتفاقية، وهذا السلام يمثل سلاما إقليميا، وإن كان لا يمثل تطلعات اليمنيين، إلا أنه سينعكس على الحالة اليمنية”.

– تداعيات

يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، الدكتور علي الذهب: “تأثير الخلافات السعودية – الإماراتية على اليمن ناجم عن التنافس بين الدولتين في إطار المصالح أو تقاسم المكاسب داخل الأراضي اليمنية”.

وأوضح: “تقاسم المكاسب بين السعودية والإمارات في اليمن أفرز خريطة متباينة، بسبب الانحراف، الذي حصل للتحالف العربي، حيث تغيَّرت أهدافه، وطالت أمد الحرب، لذا لجأت السعودية إلى خلط الأوراق، وأدارت ظهرها للجميع، بما فيهم الإمارات”.

وأضاف: “الخلافات السعودية – الإماراتية سيكون لها تداعيات داخلية على مستوى اليمن، وستنعكس أمنيا على المستوى الإقليمي والعالمي”.

وتابع: “هذا التنافس الجيوسياسي بين السعودية والإمارات ليس حديثا، فقد كان هناك تنافس بين الدولتين قبل عهد الملك سلمان، لكن مع لحظة الانتقال السياسي التي تمر بها السعودية، في الوقت الراهن، اكتشفت بأنها كانت مغيبة، فهي لديها امتداد جغرافي على ربوع الجزيرة العربية كلها، ولديها إنتاج نفطي يفوق الإمارات بأربعة أضعاف، وكانت اليمن ميدانا لمن يثبت نفسه، سواء بحجمه الجغرافي، أو السياسي، أو تطلعه للريادة في المنطقة وفي العالم”.

وأردف: “عملية السلام في اليمن ستمضي، وستدفع السعودية الثمن غاليا؛ لأنها اقتنعت بأن لا مجال للحرب، وقد مضى عامان على أجندتها أو مشروعها الإستراتيجي (رؤية 2030)، وترى أن مرور عامين يعد خسارة كبيرة لها؛ لأنها لم تستطع أن تقطع شوطا في مجال الحرب، لذلك غيَّرت الرئاسة اليمنية، وجاءت بمجلس رئاسي جديد”.

وزاد: “الولايات المتحدة ليست مغيبة عن التقارب السعودي – الإيراني، فهي مطلعة عليه، لكن يبدو أن لها وجهة نظر إزاء التنافس الحاصل بين السعودية والإمارات داخل اليمن، لذلك التحركات الأمريكية واضحة، التي تقول إنها هي من يرسم خريطة النفوذ ومكاسب الحرب، لا سيما في الإقليم الشرقي، ولهذا كثفت من حضورها السياسي العسكري والأمني، في حضرموت على الساحل والصحراء، وبعض الجُزر والمناطق الأخرى داخل اليمن”.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق