قاربت الهدنة على نهايتها، في حين انصرف معظمها في محاولات فاشلة لإلزام مليشيا الحوثي بمقرراتها.
انطلق المبعوثي الأممي بدعم دولي لمناقشة آليات تمديدها وجعلها هدنة طويلة.
خلال أشهر الهدنة، تم تحقيق جميع مطالب الحوثيين، لكن المليشيا لم تلتزم بأي من شروط الهدنة، حيث ترفض كل ذلك حتى اللحظة، بل وقامت بشن العديد من الهجمات.
وهو ما يطرح سؤالا ما فائدة هدنة لم يلتزم بها الحوثيون؟ وهل أصبحت آلية أممية لتحقيق مكاسب لصالح مليشيا الحوثي؟
– شروط ووصايا خارجية
وفي السياق، يقول الناشط السياسي، محمد النعماني: “أعتقد أن الهدنة لن تتحقق إلا بالسلام، وذلك بوقف كل العمليات العسكرية، وتطبيع الحياة السياسية لكل الأطراف، بفتح كل المعابر، ورفع الحواجز العسكرية والأمنية”.
وأضاف النعماني لبرنامج “فضاء حر”، الذي بثته قناة بلقيس مساء أمس، “لا نستطيع أن نقول إن الهدنة نجحت، والأطراف الخارجية ما تزال تفرض شروطها”.
النعماني يرى أن الهدنة يجب أن تتحقق برضا اليمنيين، وعدم تدخل الأطراف الإقليمية والدولية.
وفي الوقت ذاته، يشير إلى أن الهدنة الحالية ناقصة، لأن السعودية والإمارات ما زالتا تفرضان عليها الوصاية.
وتابع “لا توجد في اليمن سلطة تستطيع أن تقوم بمهامها”، مشيرا إلى أن “الحكومة الحالية تدار من قِبل السفير السعودي محمد آل جابر”، حسب وصفه.
يذهب النعماني إلى القول إن “الحوثي غير مستفيد من الهدنة، لأنه لم تسمح للرحلات الجوية كاملة حسب الاتفاق، وأيضا السفن المقررة لدخول ميناء الحديدة”، موضحا أن “السيادة اليمنية اليوم مغيّبة”.
ومن وجهة نظره، “الحوثي التزم بالهدنة، وذلك من خلال فتح الطرق والمعابر”، حسب كلامه.
واستدرك، خلال حديثه، “فُتحت طريق دمت من قبل المجلس الانتقالي وليس من قبل الحكومة الشرعية، أيضا في تعز فتح الطريق من قبل طارق صالح، وتم فتح طرق شارعي الخمسين والستين من قبل الحوثي”.
وأشار إلى أن “الأطراف اليمنية اليوم بحاجة إلى الجلوس على طاولة الحوار، وحل المشاكل الداخلية، دون أي وصاية أو تدخل.
وبخصوص تنازل الحوثي للخارج وعدم تنازله للداخل، يقول النعماني إن “الحوثي لا يتنازل للخارج، بل يفاوض السعودية بإشراف أممي”.
واستدل على الوصاية السعودية – الإماراتية بأن “من فاوض بدلا عن الشرعية في السويد هما السفيران السعودي والإماراتي”، كما قال.
وبيّن أن “السعودية تريد فرض أمر واقع، وتترك الأطراف المعنية تتصارع فيما بينها من أجل الصلاحيات والغنيمة”.
وحول ما الذي استفادته أطراف الصراع من الهدنة، لفت إلى أنها “استفادت بإعادة تموضع قواتها، وفرض قواعد اشتباك جديدة”.
– تخدم الحوثيين فقط
بدوره، يقول أستاذ علم الاجتماع عبدالباقي شمسان: “هناك إستراتيجيات في اليمن خلقت واقعا، هذا الواقع تريد الدول المهيمنة على القرار الحفاظ عليه، لإيجاد توافقات”.
وبالنسبة للحوثيين، يشير شمسان إلى أنهم يدركون أن هناك ضغطا دوليا للهدنة، وترتيب توافق بين الأطراف غير المتناغمة، مشيرا إلى أن الحديث عن الهدنة ورفضها أصبح استثمارا إستراتيجيا، حسب كلامه.
ولفت شمسان إلى أن “الهدنة بشكلها الحالي تخدم الحوثيين، لأنها تدور حول هدنة وفتح معابر فقط، بعيدا عن المرجعات الثلاث، وحقوق الإنسان والأزمة الإنسانية”.
وبيّن أن “الهدنة الحالية تعني أن هناك ليس انقلاب، ولا انسحاب من مدن، ولا سلطة شرعية (لا فرق بين الشرعية والحوثيين)، وبقاء الحوثيين في أماكنهم..”، من وجهة نظره.
عبد الباقي شمسان أرجع المشكلة إلى أن الشرعية انساقت مع الخطاب الحوثي باختزال المسألة في “هدنة وفتح معابر”.
وزاد “كان يجب عليها أن تضغط مع العالم باعتبار الحوثيين جماعة إرهابية انقلبت على الدولة، وتعود إلى المربع صفر”.
وحول مدى التزام الحوثيين بالهدنة، أوضح أنهم لن يلتزموا بالهدنة، لأنهم يستثمرون ذلك لصالحهم، مشيرا إلى أن الشعب اليمني هو الخاسر الأكبر، بسبب تحويل القضية اليمنية إلى “هدنة ومعابر”.
وحذّر الشرعية من “أنه إذا تم استيعاب الحوثيين لن تقوم لليمن قائمة، وسيذهب اليمنيون إلى حرب طويلة قادمة لعقود”.
يقول عبد الباقي إن “اليمن لم تعد محل صراع محلي حتى يقال إن اليمنيين يجتمعون..”، موضحا أنه “ليس هناك إمكانية للالتقاء مع الحوثي وهو يعتقد بالحق الإلهي وولاية الفقيه”.
وتابع “أيضا، ليس هناك التقاء مع المجلس الانتقالي لأنه فاقد للإرادة الوطنية، وتابِع للإمارات بامتياز، وكذلك طارق صالح”، حسب كلامه.
ودعا شمسان “إلى تكوين نخبة وطنية تعبّر عن تطلّع الشعب اليمني”.
وأشار إلى أن “المطلوب دوليا، من خلال وجود كيانات منفصلة عن بعضها داخل الشرعية، الحفاظ على الحوثيين كسلطة موحّدة.
ويرى أن الهدنة الحالية لن تقود إلى السلام، لأنها تحقق المصالح الإقليمية والدولية فقط، مشيرا إلى أن الشعب اليمني لن ينعم بالسلام.
*بلقيس