بقلم - عادل الشجاع
الهزيمة التي منيت بها عصابة الحوثي الإرهابية في محافظة البيضاء لم توقعها في مأزق فحسب ، بل أوقعت التحالف الداعم للشرعية أمام هزيمة أخلاقية ، فقد حصن نفسه من الشعور بالعار لست سنوات اتسمت بالعجز ، فجاءت معركة البيضاء لتثبت أن عصابة الحوثي الإرهابية لا تستطيع أن تواجه في جبهتين في آن واحد .
لقد سارت البيضاء على منوال مأرب وأذاقت الحوثي الهوان ولقنته درسا بليغا لن ينساه ، وقبل البيضاء أثبتت مأرب أن في جوانبها المحيا وتحت ركامها الممات وعلمت الجميع آيات جديدة من العزة والكرامة والتضحية والثبات والاقتدار والبطولة النادرة ، ومن أراد أن يتعلم كيف يصنع الرجال ، فليجلس متأدبا في حضرة مأرب وأبناء مأرب ، ومن أراد أن يتعلم معنى الثبات والصبر والمرابطة ، فليقصد مأرب وأبناءها ، ومن أراد أن يتعلم البسالة والشهادة ، فليزاحم رجال مأرب في الجبهات .
إن ما صنعته مأرب ليس أمرا عاديا ولم يكن ثباتا عابرا ، فما سطرته مأرب يجب أن يدرس للأجيال ، ولا أبالغ إذا قلت إن من سيكتبون تاريخ مأرب سيكونون في ورطة ، لأن الكلمات لن تسعفهم في وصف تلك البطولات التي عجز عنها تحالف دعم الشرعية بطائراته وصواريخه وبوارجه الحربية ، ولن يستطيعوا أن يحكوا للأجيال القادمة أن رجالا كهؤلاء عاشوا في زمان كهذا الذي تعيشه مأرب اليوم .
وعلى خطى مأرب خطت البيضاء وجعلت عصابة الحوثي تقف مرتبكة وعاجزة أمام ضربات الأبطال الذين أرسلوا رسالة مفادها أن عصابة الحوثي أوهن من بيت العنكبوت وأنها عبارة عن فقاعة لا تستطيع الصمود إذا توحدت الأصابع في الضغط على الزناد .
سأعود مرة أخرى للحديث عن التحالف الذي لم يصنع سوى الهزائم المتتالية ولم يدرك أن اليمن جزء من منطقة الخليج ، لكنه تعامل معها بلا مبالاة ، حيث زعم أنه جاء بهدف إزالة الانقلاب في صنعاء ، وإنهاء المأساة ، لكنه وسع المأساة في عدن وتكشفت المأساة أمام أعيننا في اتفاق الرياض الذي مرت عليه أكثر من سنتين ومازالت المأساة قائمة .
لقد كشفت مأرب تخاذل هذا التحالف بصمودها الأسطوري ووقوفها سدا منيعا أمام الحرب المفتوحة عليها ، وكشفت البيضاء كذب المقاومين الذين يزعمون أنهم يقاومون الحوثي بينما هم في حقيقة الأمر مجرد أتباع لدول إقليمية سعت إلى تدمير الدولة ومؤسساتها ، وسيكشف التاريخ يوما ما كيف بدد التحالف العربي ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا فرصة إرغام عصابة الحوثي على الخضوع للقانون الدولي واستخدام القوة ضدها ووضع حد لانتهاكاتها .
ها هي المقاومة في البيضاء تلفت النظر إلى أن فتح الجبهات جميعها في وقت واحد يجعل عصابة الحوثي الإرهابية تجر أذيال الهزيمة وتجعل من حولها يتخلى عنها ، بل ويوجه سلاحه إلى صدرها ، فنحن بحاجة إلى توحيد المقاومة إذا أردنا أن نحرر قرارنا الوطني وإذا أردنا أن نثبت أننا وطنيون فعلينا أن نجعل مصلحة اليمن فوق كل المصالح .