بقلم - عادل الشجاع
نقف جميعنا لمأرب إجلالا ونقر بحجم التضحيات التي قدمتها وتقدمها نيابة عن اليمن كلها ، فأبناء مأرب أيقونة الصبر والتضحية والشجاعة ، ورمزا من رموز رفض الظلم والطغيان والعبودية ، كيف لا وهم أولي قوة وبأس شديد وأصحاب رأي ومشورة ، أخطر ما ينتظرنا بعد مأرب هو التقسيم ، لكن أبناء مأرب شكلوا المانع أمام مشروع التقسيم والسيطرة على البلاد ، فصمود مأرب أحبط المؤامرة .
ما تعرض له وطننا من ظلم وطغيان على يد عصابة الحوثي الإرهابية ، يدعونا جميعا لمواجهة تلك الجرائم وتقوية المقاومة ، فهذه العصابة ليست سوى نبتة خبيثة عملت الخلافات داخل الصف الوطني على نموها واستمرار بقائها ، وهي تعتمد في معاركها على عنصر التهويل والتضليل الإعلامي وبث الإشاعات بهدف إحداث الرعب ، لكن كل ذلك سقط أمام صمود مأرب وشجاعة أبنائها ومن معهم من أبناء اليمن الذين اختاروا مأرب كأيقونة للحرية والكرامة .
حقق أبناء مأرب القاعدة التي لم يفطن إليها إخوانهم في محافظات أخرى وهي : إما أن نبقى معا أو نهلك كلا على حدة ، فنظموا صفوفهم طوال السنوات الماضية وتصدوا لإرهاب الحوثي وتمرده ، حاربوا بشجاعة ووهبوا حياتهم ثمنا لذلك ، ضحى الآلاف بحياتهم في مواجهة إرهاب الحوثي ، وبفضل مأرب ورجالها ألحقت الهزيمة تلو الهزيمة بعصابة الحوثي .
لم تثبت أي محافظة أنها قادرة على إلحاق الهزيمة بعصابة الحوثي بصورة مباشرة بسبب تفرق أبنائها وتشتتهم في معارك جانبية ، لكن مأرب هزمت إرهاب الحوثي ، وعملت على إيقاف زخمه وغيرت الوضع تماما ، وأضعفت قدرات هذه العصابة بقتل عدد من قاداتها ، وتتكاثر الأنباء عن انتشار هبوط المعنويات في صفوفها ، وكثير من أبناء القبائل يرفضون المشاركة في القتال بصفوفها ، بعد أن أدركوا أن هذه العصابة تزج بهم إلى المحرقة لتجعل منهم ومن بقية اليمنيين عبيدا لها .
نقف لمأرب ورجال مأرب إجلالا وبنفس الوقت نقول لهم ، لاتزال هناك معركة طويلة أمامكم وعلينا ألا نرسم صورة وردية ، لكننا نستطيع القول إن الهالة المحيطة بعصابة الحوثي قد تم إسقاطها وهذا أمر مهم ، فهي التي صورت للآخرين أنها تسقط أي جبهة من المعركة الأولى ، لكنها في مارب سقطت في معارك عدة وستشنق هناك بأمعائها .
لقد أثبت أبناء مأرب أنهم لا يريدون أن يكونوا دمى متحركة تعلق بسلاسل تديرها جهات أخرى ، لم يستهن أبناء مأرب بقوة إعتزازهم الوطني ولا باستقلال وطنهم وسيادة شعبهم ، لقد نسيت مأرب الماضي وانطلقت من الحاضر والمستقبل على عكس المحافظات الأخرى التي سقطت في مستنقع الماضي مما جعل القوى الوطنيةتقود معاركها فيما بينها وأسقطت معركتها مع عصابة الحوثي .
علي أن أهمس في آذان القوى المتصارعة والتي تدعم أطرافا إقليمية مختلفة وأقول لها : من الطبيعي أن يقيم اليمن علاقات مع جميع دول المنطقة بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر وإيران وتركيا ، لكن يجب أن يكون حرا في اتخاذ القرارات السيادية الخاصة به تحت سلطة وطنية تمثل الشعب اليمني .
وتأسيسا على ذلك أقول : عندما يتوحد الصف الوطني في الرغبة بوجود يمن قوي ومزدهر ، ستتضاءل كثيرا احتمالات جره إلى مدار أي دولة أخرى في المنطقة ، لأن هذا من شأنه يمثل الدولة اليمنية المعبرة عن إرادة الشعب اليمني التي لا تقوم في الواقع على التبعية ، وهذا العمل يحتاج إلى تضافر الجهود ونسيان الماضي ، ويبقى النجاح أو الفشل النهائي رهنا بأيدي اليمنيين ، ولكن مع تصميمهم ووقوفهم معا صفا واحدا .
كل الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل حرية وسيادة اليمنيين من الرجال الشجعان كانوا يمثلون اليمن بأكمله ، فجميع اليمنيين مدينون لمأرب بالدعم والتقدير ، فقد ساهمت مأرب بدماء أبنائها وبجهدهم منحت اليمن فرصة أخرى ، وهيئة الأركان مشكورة ومن معها من الجيش الوطني قد استفادت من هذه الفرصة التي منحتها مأرب لاستعادة الدولة واستعادة السيادة والكرامة ، وحدوا سلاحكم أيها الجمهوريون ورددوا بصوت واحد : جاء الحق وزهق الباطل إن الحوثي كان زهوقا .