على إثر التسريب الشهير لجلسات مجلس النواب من قبل وزير الزراعة في الحكومة عثمان مجلي، والذي أثار جدلاً كبيراً في الأوساط اليمنية، طفى إلى السطح، تجاوزات وفساد الوزير مجلي، والذي بلغ حداً كبيراً.
وتقول مصادر حكومية خاصة، أن ملفات فساد الوزير مجلي منذ تسلمه مهام الوزارة يجري التغطية عليها من قبل رئيس الحكومة معين عبدالملك، الذي يرى في مجلي أحد المحسوبين عليه، في مواجهة الأصوات العالية التي تنادي بتصحيح مسار الحكومة وإصلاح الاختلالات وتدارك الضعف الذي لحق بها منذ تعيين معين.
ولفتت المصادر إلى أن معين عبدالملك الذي أقدم حتى الآن على توقيف وزيرين “شريم والجبواين”، فيما يستعد للدفع بثالث “الميسري” خارج أسوار الحكومة، دون أن يثبت عليهم أي قضية فساد، يسعى لتعيين مجلي في وزارة الداخلية، وتصفير ملفات فساده في وزارة الزراعة والري.
وأشارت إلى جانباً من فساد الوزير مجلي، خلال السنتين الأخيرتين فقط، آخرها الاسبوع الماضي عندما سحب 6240 كيس سماد يوريا أدخلت بطريقه مخالفة عبر وزارة الزراعة ومركز سبأ الذي يملكه فهيد بامعيلي والذي يفترض أن يباع للمزارعين في سيئون بسعر 16000 ريال للكيس حيث فوجئ المزارعين بتحويل السماد الى مأرب وتم بيع الكيس بسعر 36000 ريال كما سبق بيع كمية 24000 كيس في فترة سابقة بسعر 35000 للكيس وسحبت جميع المبالغ الخاصة بهذه العملية الى الرياض دون أن تمر بمستندات رسمية علما بأن هذه الكميات دخلت وبحسب الاتفاق مع بامعيلي على أساس دخولها لمخازن المؤسسة العامة للخدمات الزراعية، واتضح أنه لم يدخل مخازن المؤسسة عدا 6000 كيس بيعت من 16000ريال.
وكشفت المصادر عن إجمالي الصفقات التي نفذها مجلي وبلغت بأكثر من مليار ريال، في الوقت الذي قام مجلي بسحب ارباح الشركة العربية للثروة الحيوانية والذي بلغت مليون وخمسمائة ألف ريال سعودي ولم تدخل حسابات الوزارة مدعيا بأنه يتاجر بها في الأسمدة.
في غضون ذلك يسعى مجلي لإدخال شحنه مخالفة (20000 كيس) لشخص يدعى “عوشان” عبر منفذ الوديعة، وكشف مصدر في الوزارة أن الوزير يتابعها شخصيا هو، والزامكي، حيث ستدر العملية عليهم أرباحاً من فارق السعر يصل إلى مليوني ريال سعودي.
هذه آخر ملفات فساد الوزير مجلي الذي سرب اجتماع مجلس الوزراء، لإشغال الرأي العام عما يجري في وزارة الزراعة والري من فساد، أبرز فصوله، السماح بتهريب كميات مهولة من الأسمدة إلى محافظة صعدة وكر مليشيا الحوثي، والتي تستخدم هذه الأسمدة في صناعة المتفجرات، وقبض ثمن ذلك مبالغ مهولة، تضاربت المصادر حول دقتها، لكنها متفقة على هذه الصفقة التي كان بطلها عثمان مجلي.
الوزارة اقطاعية
ومنذ تسلمه مهام الوزارة حولها عثمان مجلي إلى اقطاعية خاصة بدائرته والمقربين منه، حتى من خارج الوزارة، ومارس التسلط دون أن يسمح لأحد من الوكلاء بممارسة صلاحيتهم.
ولعل من الخطوات التي أقدم عليها مجلي، هو استبعاد طاقم الوزارة وقياداتها من التكاليف والمهام والسفريات، واستبدالهم من المقربين منه الذين لا علاقة لهم بالوزارة بتاتاً، ومن ذلك اصطحابه للقيادي المؤتمري المحسوب على الامارات فهد الشرفي للمشاركة في مؤتمرات دولية دُعيت إليها الوزارة، رغم كون الشرفي في منصب مستشار وزير الاعلام.
تاريخ من الفساد
فساد عثمان مجلي لم يبدأ من منصب وزارة الزراعة والري، ولم ينته بتسريب جلسات مجلس الوزراء إلى جهات تستغلها لضرب الشرعية، فتاريخ الرجل القادم من بيئة المليشيات الحوثية ضارب في القدم، في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فقد بدأ مجلي مزاوجة السلطة بالتجارة بأسلوب انتهازي يعرفه كل أبناء صعدة، واستغلته مليشيا الحوثي ذريعة في استقطاب الكثيرين من أبناء صعدة.
واستمر فساد مجلي يتصاعد بصورة قياسية وفي وقت قصير حتى أصبح من أرباب رؤوس الأموال، مستغلاً مناصبه القيادية التي تسنمها.
وحتى في ذروة الحروب الست 2004- 2010 لم يغفل مجلي عن استغلالها في الاثراء، عبر مجلس التضامن القبلي الذي رأسه حينها والذي حظي بدعم لا محدود من قبل الرئيس صالح، لكنه فشل في تحقيق هدفه في تجميع جهود القبائل لإخماد التمرد الحوثي بسبب جشع مجلي الذي استحوذ على أموال المجلس، وهو ما أثار سخط مشايخ القبائل، وفي مقدمتهم المسئول المالي للمجلس الذي اختطفته مليشيات الحوثي وظل لما يقرب من 4 سنوات في معتقلاتها، وكان يشكو من سطو مجلي على أموال الدعم المقدمة للقبائل، ما أدى إلى انتكاسات مكنت المليشيات الحوثية من السيطرة على المحافظة.