أكثر من 300 قطعة نادرة .. معرض إسباني يستكشف تاريخ الفنون المعدنية في الأندلس

6 يناير 2020
أكثر من 300 قطعة نادرة .. معرض إسباني يستكشف تاريخ الفنون المعدنية في الأندلس

طوال نيّف وسبعة قرون، لمعت الحضارة الإسلامية مثل خيوط الذهب في المشهد الثقافي الأوروبي، لكن هذه الحضارة التي ما زالت شواهدها تُذهِل في العديد من المناطق الإسبانية وبعض أنحاء البرتغال والجنوب الإيطالي، بقيت طوال قرون محجوبة عن الحفريّات الأثرية الواسعة التي تستدعيها المعلومات الموثّقة التي وصلتنا عنها، ومهمّشة في الدراسات العلمية لمعاهد البحث الكبرى التي تُعنى بسبر أغوار المسارات الفكريّة والفنّية والعلمية والاجتماعية في القارة الأوروبية.

ثمانية قرون ترك العرب المسلمون خلالها بصماتهم في شتّى نواحي الحياة الإسبانية، من المعمار إلى الفنون والعلوم، ومن اللغة إلى الزراعة والصناعة، وكانوا همزة الوصل بين أوروبا وحضارات الشرق القديمة. ومن أهم المجموعات الأثرية الموجودة الشاهدة على تألق الحضارة الإسلامية، ومدى تأثيرها في الغرب، تلك التي يختزنها المتحف الأثري الوطني في العاصمة الإسبانية الذي يعتبر من أغنى المتاحف في العالم. وقد افتتح هذا المتحف أخيراً معرضاً خاصاً تحت عنوان «فنون المعادن في الأندلس»، يضمّ مجموعة نادرة من القطع الأثرية التي تحكي تاريخ المعادن في الأندلس، من استخراجها إلى معالجتها حتى تصنيعها النهائي في أشكال وأدوات تبهر بجمال تصاميمها وإتقانها ودقّتها الفنيّة.

وبإمكان الزائر أن يستعرض في قاعات مبنى المتحف الكلاسيكي في قلب مدريد، شتّى مراحل إنتاج الأدوات المعدنية على مدى المراحل التاريخية الرئيسية، منذ الحقبة الأميريّة التي بلغت ذروة شأوها خلال خلافة قرطبة ثم تفككت بين ممالك الطوائف، إلى عصر المرابطين ثم الموحّدين، وصولاً إلى مملكة الناصريين مع بني الأحمر في غرناطة الذين انطفأت معهم شعلة الأندلس في عام 1492.

وقد تعاونت إدارة المتحف الوطني للآثار مع عدد من المتاحف الإسبانية والعالمية لإنجاز هذا المعرض الأول من نوعه، بمشاركة عشرات الأكاديميين والأخصائيين في العلوم والفنون الأندلسية.

أكثر من 300 قطعة نادرة تشهد على أهمية الفنون المعدنية ودرجة إتقانها في الأندلس، من أدوات الاستخدام في الحياة المنزلية، إلى النقود والجواهر الفضيّة والذهبية، ومن أسلحة الصيد والقتال إلى الأدوات العلمية في الفلك والملاحة البحرية التي اعتمد عليها كريستوف كولومبوس في رحلاته إلى بلاد الهند التي انتهت باكتشافه القارة الأميركية.

يقول سرجيو فيدال آلفاريز، المفوّض المسؤول عن المعرض، إن الفكرة نشأت في قسم آثار العصر الوسيط في المتحف الوطني: «تلبية لضرورة قديمة وإتماماً لواجب علمي عند المتاحف الإسبانية. صحيح أن بعض المؤسسات الأجنبية سبق واهتمّت بالفنون المعدنية الإسلامية، لكن جهودها انحصرت دائماً ضمن حيّز جغرافي عام شمل كل أراضي الإسلام من العصور الوسطى إلى الحديثة، من غير التركيز على الدور المحوري للأندلس في نشأة تلك الفنون وتطورها. وقد دلّت الأبحاث والتنقيبات الأخيرة على أنه كان لبلاد الأندلس الدور الأساسي في الصناعات المعدنية الإسلامية».

تتناول المرحلة الأولى من المعرض مراحل استخراج المعادن الذي كان ناشطاً في شبه الجزيرة الإيبيرية قبل نزول المسلمين فيها، ثم حركة المبادلات التجارية التي كان المسلمون يحصلون من خلالها على المعادن اللازمة، من برونز وفضّة وذهب، التي كان معظمها يأتي من البلدان الواقعة على الضفاف الشرقية للبحر المتوسط، قبل أن يقوموا بصهرها وتصنيعها في محترفاتهم.

أما المرحلة الثانية، فهي تستعرض شتّى الأدوات التي كان الحرفّيون والصنّاع الأندلسيّون يقومون بإنتاجها، والتي تعطي فكرة شاملة ومفصّلة عن مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية في الأندلس، من الاقتصاد والنقود المعدنية، إلى الدين والعلوم والجراحة، مروراً بأدوات الاستخدام الشخصي والمنزلي، وما يتصّل منها بالأنشطة الإنتاجية والدفاع والأسلحة.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق