“لا نعرف مصير نواف وهل ما زال على قيد الحياة أم لا، لقد كانوا يعذبونه بوحشية، في كل مرة كانوا يتصلون بأسرته يهددون بقتله، ويسمعونها صرخات تعذيب نواف بهدف إجبارها على دفع فدية”هذا ما قاله صديق نواف النبهاني المختطف لدى عصابات التهريب في ليبيا حيث تلاشت الدولة وحلت محلها الجماعات المسلحة.
هناك في البعيد تنشط عصابات الإتجار بالبشر الذين يباعون من عصابة لأخرى، وبوحشية منقطعة النظير تُقطّع أطرافهم، وتمزق أجسادهم رصاصات وسكاكين وسياط وهراوات المهربين، إذ يبدون في نظر هذه الشبكات الإجرامية مجرد سلعة وتجارة مربحة يساومون أهاليهم على ثمن حريتهم وحياتهم وكرامتهم.. من يملك المال ينال حريته وينقذ حياته، أما الغالبية الفقيرة كالشباب اليمنيين المحتجزين لدى تلك العصابات في ليبيا ومثلهم آلاف الأفارقة فهم لايملكون ثمن حريتهم وثمن الإبقاء على حياتهم، ولا خيار أمامهم سوى الإنتظار.. انتظار الموت، أو علّ معجزة إلهية تخلصهم من عذاباتهم.
من جحيم الحرب في اليمن إلى جحيم الهناجر في ليبيا، قصص مأساوية لشباب يمنيين أجبرتهم الحرب على مغادرة اليمن أملاً في الوصول إلى أوروبا، وكانت ليبيا مجرد نقطة عبورهم إلى أحلامهم، لكنهم وقعوا بين براثن وحوش متعددة الجنسيات تسومهم سوء العذاب، استيقظوا على كابوس مرعب (هناجر ليبيا) أو مراكز الاعتقال، بعضهم من هول ما لاقى من تعذيب وإذلال لم يعد يحلم سوى بالعودة إلى الوطن وبأن ينجلي ليله الطويل في الهنجر.
نواف النبهاني (27 عاما) متزوج منذ عام، كان يعمل في ماليزيا وفقد عمله، لم يفلح في الحصول على عمل آخر، شعر باليأس والإحباط فقرر الهجرة إلى أوروبا، كانت وجهته السودان، وهناك وفي منتصف رمضان الفائت فقدت الأسرة أثره.. لقد اختفى.
أواخر رمضان الماضي جاءهم اتصال من مجهول ومن رقم خارج اليمن وغير معروف، قال المتصل مهدداً: ولدكم نواف لدينا في ليبيا ادفعوا مقابل إطلاقه وإلا سنقتله.
ستة أشهر والأسرة تعيش وضعاً نفسياً سيئاً زاده انقطاع اتصالهم معه منذ ما قبل عيد الأضحى، ومن ذلك الحين لا يعرف مصيره، طالبت الأسرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة اليمنية بمساعدتهم من أجل إطلاقه لكن أحداً لم يتفاعل.
يقول منير وهو أحد أقرباء النبهاني لـ”المصدر أونلاين”: عندما كانوا يتصلون بنا كانوا يتعمدون إسماعنا صرخات وأنين نواف وهم يعذبونه، طلبوا أربعة آلاف دولار فدية، وأردف قائلاً: “بسبب الوضع الذي وصلنا إليه في اليمن ومع انقطاع المرتبات لا نستطيع دفع هذا المبلغ، حاولنا معهم من أجل تخفيضه لكنهم لم يقبلوا، بل طالبوا بالضعف(ثمانية آلاف دولار).
تعذيب ممنهج بحق الرهائن
بحسب المنظمة الدولية للهجرة عام 2017م فإن 20 ألف مهاجر تحتجزهم عصابات إجرامية في مراكز احتجاز غير قانونية في ليبيا.
الازدحام وانعدام التهوية وسوء التغذية وانتشار أمراض مميتة..ليس هذا فقط مايعانيه المهاجر في مراكز الاعتقال، بل هناك ماهو أبشع.
مهاجرون قتلوا وعذبوا بالضرب والصعق بالكهرباء والحرق بالسجائر وإجبارهم على الجلوس تحت أشعة الشمس الحارقة وتعليقهم على الأشجار وتقييدهم وضربهم وهم مقيدون.
يحدث هذا للمحتجزين في مراكز إيواء حكومية وعلى مرأى ومسمع السلطات(أو بتواطؤ منها) فكيف بأولئك البعيدين عن أعين السلطات الحاكمة والمنظمات الأممية والدولية وفي قبضة عصابات إرهابية!
ينتحل المهربون صفة موظفي المنظمات للإيقاع بالمهاجرين. في سبتمبر من العام الماضي أكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قيام مهربين بانتحال صفة موظفيها، وتم رصدهم في نقاط نزول المسافرين ومحاور التهريب وهم يستخدمون سترات ومواد أخرى تحمل شعارات مماثلة لشعاراتها.
تقارير حقوقية وإعلامية قالت إن شخصاً حاول الهروب قام المهربون بربط عنقه بقدميه وضربوه بوحشية (حين يحاول أحدهم الفرار لايعاقب وحده بل كل الذين يحملون جنسيته وأحيانا جميع الرهائن) يضربون بآلات حادة وبالعصي ولا فرق بين النساء والرجال، وان كانت المرأة حاملاً لا يعصمها ذلك من التعذيب والاغتصاب.
بسبب التعذيب بالصعقات الكهربائية منهم من فقد عقله وآخرون فقدوا الذاكرة.
تؤكد تقارير أممية تعرض المهاجرين في مراكز الإيواء للتعذيب والإغتصاب، والعمل القسري والاستغلال الجنسي وهو ما وثقته “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها الصادر هذا العام، أشار التقرير إلى أربعة مراكز احتجاز قاموا بزيارتها تخضع (شكلياً) لسلطة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، حراسها يمارسون انتهاكات بحق المهاجرين؛ الأمر الذي أكده الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة في إحاطته أمام مجلس الأمن مطلع سبتمبر من العام الحالي.
تحتجز عصابات الإتجار بالبشر في مناطق مثل (الكفرة، وأجدابيا، وبني وليد، وبراك الشاطئ وتازربو) وهي مناطق خاضعة للمشير حفتر وحلفائه “الحكومة الانتقالية” آلاف المهاجرين بينهم ستة شباب يمنيين: نواف النبهاني، مروان الحارثي، وعباس، ويحيى، ويمني آخر دفع 2000دولار وأفرج عنه بعد خمسة أشهر من الاحتجاز ومحمد لم نعرف اسمه كاملاً، ورجل مسن يدعى منصور أطلق سراحه دون التواصل مع أسرته لطلب فدية وحسب السفارة تم نقله إلى طرابلس لدى إحدى الأسر هناك؛ صديق وهو مهاجر سوداني تعرض للتعذيب من قبل المهربين وبترت أطراف قدميه يقول: بترت أطراف كثير من المهاجرين، ويؤكد وجود شاب يمني في الكفرة يدعى حسن (لم نستطع التأكد من صحة وجود محتجز بهذا الإسم).
وبرغم أن السلطات الليبية تسمح لمفوضية شؤون اللاجئين بتسجيل طالبي اللجوء من 9 دول بينها اليمن إلا إن ذلك لم يحمِ المهاجرين من التعذيب وسوء المعاملة.
مهاجر سوري: أنقذوا يحيى
“يحيى وضعه سيئ أنقذوه” بهذه المناشدة بدأ المهاجر السوري (ب.س) (أطلق سراحه بعد دفع فدية وبعد أن استمرت العصابة لفترة بابتزاز عمه).
يسرد لـ”المصدر أونلاين” تفاصيل معاناته ورفاق رحلة العذاب في مراكز الإحتجاز، مارواه يؤكد مايرد في التقارير حول التعذيب الذي يتعرض له المهاجرون سواءً كانوا في قبضة العصابات أو لدى الحكومة.
يقول: صادروا منا كل شيء، أموالنا وهواتفنا المحمولة وجوازات السفر لقد رأيت الموت أمامي مرات كثيرة.
لثلاثة أشهر احتجز(ب.س) في منطقة “الكفرة” لدى شخص ليبيي يدعى فوزي أبو سكران تعرض خلالها للتعذيب الشديد، ثم بيع وآخرون لشخص ثانٍ لا يعرف اسمه ولم يكن الوضع لديه أفضل، بعد أسبوع نقل إلى منطقة تازربو، وهناك وجد كثيراً من المختطفين وآثار التعذيب على أجسادهم.
ظلوا ثلاثة أيام قبل نقلهم إلى أجدابيا، وحرموا لـ42ساعة من الطعام والشراب، ثم نقلوا إلى بني وليد واحتجزوا في هنجر كبير مليء بالمهاجرين من جنسيات مختلفة يملكه شخص ليبي يدعى “عبد المنعم” في “بني وليد” تعرف على ثلاثة شباب يمنيين يحيى وعباس ومحمد، نقلوا إلى “براك الشاطئ” (التي يحتجز فيها حالياً يحيى وعباس) وظل محمد ببني وليد.
قالوا لهم لقد اشتريناكم من مهربين في “الكفرة”، وعلى كل شخص دفع خمسة آلاف دولار ليطلق سراحه.
يقول المهاجر السوري: رأيت أفارقة يُعذبون، وتوفي أناس وفقد آخرون عقولهم؛ لقد شهدت وفاة شاب صومالي في الكفرة!
(هذه الحادثة تؤكد ما جاء في تقرير بعثة الأمم المتحدة الصادر في 2016 أنه في 29 نوفمبر، تم دفن28 جثة لمهاجرين في بني وليد، وقد تم العثور على الجثث في المنطقة ويبدو أن الضحايا لقوا حتفهم جراء سوء التغذية؛ كما يتم العثور على جثث مهاجرين بشكل أسبوعي في المنطقة).
حلموا بجنة أوروبا فوجدوا أنفسهم في جحيم الهناجر
يحيى أحمد(26 عاماً) كان يملك متجراً لبيع العطور في السعودية، وبسبب قرارات سعودة هذه المهنة لجأ إلى توظيف فتاة سعودية في المتجر، ويذهب هو لشراء بضاعة للمتجر من سوق الجملة، انتهت إقامته ولم تعطه السلطات السعودية فرصة لتجديدها، ألقي القبض عليه وتم ترحيله إلى عدن.
وجد يحيى نفسه وقد خسر كل شي، عاد مرحلاً إلى بلد مدمر، لا أمان ولا مستقبل فيه، فكان قرار الهجرة إلى أوروبا.
غادر يحيى أحمد عبدالعزيز وصديقه عباس علي حسن عدن إلى السودان ومنها إلى ليبيا.
يقول عبد العزيز عم يحيى لـ”المصدر أونلاين” : كانت رحلة يحيى وعباس إلى الخرطوم يوم 7-11-2018م بقيا لأيام في الخرطوم قبل مغادرتهما عبر الصحراء إلى ليبيا، في ليبيا أقاما في منزل أحدهم لأسبوعين لم يتعرضا خلالهما لأي تعذيب، وبعد الأسبوعين لم تصلنا منهما أية أخبار، حتى اتصل بي يحيى وأخبرني أنه محتجز في هنجر كبير مليء بالمحتجزين لدى عصابة وتطلب فدية عشرة آلاف دولار من أجل إطلاقه وعباس، وهددونا بإيذائهم لقد ضربوهم، كنت أسمع صراخهم على الهاتف، يتم تجويعهم، وصب الماء البارد عليهم وهم نائمون، أول هنجر وصلوا إليه في ليبيا تعرضوا للتسمم مرض الجميع وتوفي شاب صومالي في العشرين من عمره بسبب رفض أحد السجانين (سوداني الجنسية) إعطاءه الدواء رغم أنه كان يرى جسد الشاب يتورم ظل يتألم لعشرة أيام إلى أن توفي، يحيى وآخرين قاموا بغسله ودفنه هناك.
أثناء وجود عباس ويحيى في السودان، حذرهما شاب سوداني من المغامرة لكنهما لم يستمعا إليه وبحسب “فضل” الشاب السوداني الذي ساعدهما فإن شخصاً يدعى محمد السوداني هو من كان يحتجزهم.
يسرد فضل التفاصيل لـالمصدر أونلاين” يقول: التقيت بيحيى وعباس في مطعم يمني، اخبراني عزمهما على السفر بمعية مهرب، حذرتهما، لكنهما أصرا وغادرا مع المهرب السوداني.. بعد فترة قصيرة جاءني اتصال منهما يخبراني أنهما محتجزان في دار السلام بذلت جهوداً لإطلاقهما وعادا إلى السودان بعد وعود بعدم إعادة المحاولة.
يضيف: قلت لهما أنتما في ضيافتي وبأني سأتكفل بإقامتيهما في السودان، وعليهما عدم السفر إلى ليبيا، وان أردا العودة إلى اليمن سأتكفل بتذكرتيهما وكل ما قد يحتاجان إليه، لكنهما قررا المحاولة مرة أخرى.
وقع الصديقان في قبضة العصابة بمنطقة الكفرة اتصلا بالشاب السوداني، ثم أغلقت العصابة الهاتف ليومين وبعد يومين عاودت الاتصال بفضل وطلبت المال منه (عشرة ألاف دولار عن كل شخص) اتفق مع العصابة على دفع المبلغ وإرسال شخص لاستلامه، بعد ساعات اتصل الشخص قائلاً: لن آتِ إلى مكتبك (المكان الذي حدد فيه اللقاء) ضع المال في مكان وسوف أمر لأخذه، أنا لا أثق بنواياك. وهو مارفضه فضل.
نصب وابتزاز
كلما دفع مبلغاً اتفق عليه، تعود العصابة وتطلب أكثر .. هذا ماحدث مع أسرة يحيى وكثير من أهالي الضحايا.
تواصلت العصابات مع أسرة يحيى طالبة فدية من أجل إطلاقه، تجاوب عمه خصوصاً بعد تعرض يحيى وصديقه للتعذيب، وبدأ بمساومتها طلبت خمسة آلاف دولارعن كل شخص، وتم الاتفاق على تحويل ثلاثة آلاف دولار عن كل شخص (مبدئياً) وتحويل الأربعة آلاف دولار المتبقية عقب الإفراج عنهما.
تم تحويل المبلغ ليفاجأ باتصال من شخص أخر يطلب عشرة آلاف دولار، مبرراً ذلك بأن الشخص الذي اتصل به سابقاً وأرسل إليه المبلغ ليس من أفراد العصابة.
تأكد عبد العزيزأن العصابة ستستمر بابتزازه ولن تلتزم بما اتفق عليه، وأبلغهم بأنه لن يرسل لهم أي مبلغ مالي بعد الآن، استمروا بإرسال رسائل عبر الواتساب، وأحياناً يتصلون من أرقام أخرى ولديهم عروض جديدة: مثل أن يتم إرسال مبلغ مقابل الإفراج عن عباس وإرساله من الكفرة إلى طرابلس وبعد خروج عباس يتم تحويل بقية المبلغ ويتم الإفراج عن يحيى وهكذا تتواصل العروض والاتصالات كل يوم تقريباً لكنه يتجاهلهم لأنه كما يقول لايثق بهم.
السفارة لأهالي الضحايا: لاتخضعوا للابتزاز
يقول صديق نواف لـ”المصدر أونلاين”: “حاولنا التواصل مع السفير اليمني في ليبيا وطلب منا ألا نتفاوض مع العصابة ولا نرد على اتصالاتهم، وأن السفارة سترى ما الذي ستفعله، لفترة انتظرنا وتواصلنا مرة أخرى بالسفير، قال لنا: لايوجد حل غير دفع المال وأنهم، أي السفارة، كانوا يبحثون عن جهة تضمن أموالهم مقابل خروج نواف وقد وجدوا.
أردف: صدمنا بكلام السفير، العصابة كانت تعلم بتواصلنا معه وزادت تهديداتهم ورفعت المبلغ إلى ثمانية آلاف دولار، ولم يتم تجميع سوى الـ2000 دولار.. باعت زوجته كل ما تملك من أجل توفيره، وأرسلناه إلى شخص كان لديه ابن خالته محتجز لدى العصابة وأطلق مقابل فدية، العصابة قالت تريد المبلغ كاملاً أو سيكون لها تصرف أخر، وانقطع التواصل من حينها ولا نعلم شيئاً عن نواف.
ينصح الدكتور حسن الحرد السفير اليمني بليبيا أهالي الضحايا بعدم التعامل مع الخاطفين لأنه وحسب تأكيده رداً على تواصل المصدر أونلاين معه حول هذه القضية “إذا تم تجاهلهم فإنهم سيضطرون لإطلاق المختطفين، لكن التواصل معهم يشجعهم ويجعلهم يطمعون في إبقاء المختطف لديهم من أجل الاستمرار في ابتزاز أسرته لدفع الفدية ومن ثم يخدعونها ولا يطلقون سراح ابنهم، بل يسلمونه إلى عصابة أخرى”. وينفي صحة الرواية التي أوردها صديق نواف.
يضيف الحرد: تردني الكثير من الاتصالات من أهالي المختطفين، وأرد عليهم وأعمل على تطمينهم.
وواصل: بالطبع نحن لا نتعامل مباشرة مع الخاطفين ولا نعرفهم ولا أين هم بالضبط ولا نطلب من أهالي المختطفين دفع الأموال كفدية وإنما تواصلنا يتم مع المؤسسات الرسمية؛ تواصلنا مع وزارة الخارجية الليبية لحكومة الوفاق الوطني، ومع إدارة حقوق الإنسان التابعة للبعثة الأممية لدعم ليبيا ومفوضية اللاجئين ومنظمة الهجرة، إضافة إلى المنظمات الأهلية المهتمة بحقوق الإنسان المتواجدة على التراب الليبي ونطلب منهم المساعدة لتخليص مواطنينا “الذين يدخلون بطرق غير شرعية والمختطفين من أيادي تجار البشر”.
وأشار السفير إلى أن نعمان حاتم نائب رئيس الجالية قام بالنزول إلى “الكفرة” في محاولة للبحث عن المختطفين ومعرفة مكانهم وأكد: “لكنه لم يجد أي شيء”.
عجز أم تواطؤ
بين حين وآخر تعبر الحكومة الليبية عن عجزها في حماية المهاجرين، وتقول بأن الجماعات المسلحة أقوى من السلطات!عصابات خارجة عن القانون أم جماعات مدعومة من الحكومة؟ شبكات أم شبكة واحدة متعددة الجنسيات والانتماءات تدار من السودان وليبيا وتشاد والنيجر حسب إفادة مهاجرين مفرج عنهم؟
يؤكد المهاجر السوري أن من كان يتزعم العصابة التي اختطفتهم سوداني الجنسية ويقيم في السودان .. الأموال ترسل له إلى هناك، أما الذين في ليبيا فهم بقية أعضاء الشبكة ومن جنسيات مختلفة.
يغير المهربون أرقام هواتفهم باستمرار، ويتواصلون مع عائلات الضحايا عبر الواتساب، رجل سوداني الجنسية هو من تواصل مع بعض الأسر، يطلب من الضحية الاتصال بأسرته وطلب الفدية، ويقوم المهرب بتسجيل المكالمة أو فتح ميكرفون الهاتف لسماع ما الذي ستقوله الأسرة.
في تقريرها للعام 2016م والمعنون بـ”محتجزون ومجردون من إنسانيتهم” تؤكد بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا تلقيها معلومات (موثوقة) تفيد بأن بعض المسئولين الحكوميين وبعض المسئولين المحليين شاركوا في عملية التهريب والإتجار بالبشر، وبتورط “مجموعات موالية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في عمليات اختطاف المهاجرين”!
وفي سبتمبر 2018 اتهم فريق الخبراء الأممي في تقريره إلى رئيس مجلس الأمن لواء “سبل السلام” (وهو لواء في الجيش مكلف بمكافحة الإتجار بالبشر) بتوفير الحراسة للمهاجرين من الحدود مع السودان مقابل عشرة آلاف دينار ليبي لكل شاحنة صغيرة، و يقوم اللواء باحتجاز المهاجرين وابتزازهم، وذكر التقرير ثلاثة مواقع تم التركيز عليها وهي (الكفرة، وتازربو، وبني وليد).
لكن المجلس البلدى ومجلس الحكماء والشورى في “الكفرة” نفيا في بيان لهما ماجاء في التقرير وأكدا أن مهام الكتائب تتمثل في بسط الأمن والسلم ولن تسمح بمصادرة تضحيات سكان مدينة الكفرة المنضوين تحت هذه الكتائب في الذود عن حماية الوطن، واستبدالها بمغالطات!
يؤكد(ب.س) إن شرطيين شقيقين هما(احمد وحميد) أثناء فترة احتجازه كانا يعملان ضمن عصابات الاتجار بالبشر.
تقول هيومن رايتس “هناك أدلة كثيرة على أن المهربين يعملون بدرجات متفاوتة من التواطؤ مع مسؤولين حكوميين وميليشيات، مستندة إلى تقرير سري لفريق خبراء الأمم المتحدة في شباط 2018 سرب للإعلام والذي خلص إلى أن أغلب جماعات التهريب لها صلات بمؤسسات أمنية رسمية”.
ثم ماذا؟
منتصف العام 2017 أعلنت “فاتو بنسودا” المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية أن مكتبها يدرس إمكانية فتح المحكمة تحقيق بخصوص تهريب مهاجرين من ليبيا ووصفت ليبيا بسوق الاتجار بالبشر وأن جرائم مثل القتل والاغتصاب في مراكز احتجاز أصبح أمراً شائعاً.
منتصف العام الماضي أعلن مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات بتجميد أصول وحظر سفر ستة أشخاص في ليبيا يتزعمون عصابات الإتجار بالبشر وارتكبوا عدد من الجرائم بحق المهاجرين وبعضهم لديهم ارتباطات بقيادات سياسية وأمنية ليبية وهم “مصعب أبو قرين، ومحمد كشلاف”، وعبد الرحمن ميلاد (قائد وحدة لخفر السواحل في مدينة الزاوية)، وأحمد الدباشي، والإرتيريان “إيرميا غيرماي، وفيتيوي عبد الرزاق” وبالتزامن مع ذلك أيضا فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات عليهم .
لاشيء تقدمه الأمم المتحدة ومجلس الأمن سوى الوعيد والضجيج الإعلامي ولا أحد ينتصر للضحايا أو ينقذهم لا حكومة ولا منظمات، ويبقى آلاف الضحايا في مراكز الاعتقال بليبيا ينتظرون الخلاص.