ما بين الانقلابات العسكرية والاقتتال الأهلي عاشت عدن ومعها الجنوب أحداثاً مروعة خلفت دماراً ورماداً امتدا على الرقعة الجغرافية الاستراتيجية المشاطئة لخليج عدن وبحر العرب وهي الأرض التي تمثل أطماعاً للغازي المحتل أو النافذ الطامع الذي يقف خلف القناع ليدير تبادل الرصاص والنار بين الاخوة الاعداء.
لم تكن المسافات الزمنية المتوشحة بغبار الأحزان والآلام كفيلة بالتوقف عن تناول الدم في الانتصار للأوهام والعنتريات الفارغة معنىً ومدلولاً في جنوب اليمن.
ومن دورة صراع إلى أخرى تتراكم جثث الأحقاد جاثمةً على أي مشهد مستجد.
تحتضر عدن بفصائلها المسلحة ومليشياتها المتباينة والمختلفة في كل شيء إلا في الارتهان والاسراع نحو الصورة الدامية.
الحشد والتموضع والانتشار
منذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل واستفتاحها بتحرير مدينة عدن تشكلت أولى خلايا المليشيات متعددة المسميات كالحزام الأمني بقيادة هاني بن بريك وكتائب العاصفة بقيادة عيدروس الزبيدي وألوية الدعم والاسناد وكتائب مكافحة الارهاب ومليشيات شلال شايع، وحضرت أدخنة الصراعات السابقة لتتحكم بجزء من المشهد الذي يتشكل.
وبصورة تصاعدية يتم الحشد والتجييش والتعبئة ضد الشرعية في الجنوب ليستطيل الشر ويشمل عدن والضالع وردفان وشبوة والمهرة وحضرموت وسوقطرة وتستمر عمليات التجنيد وبناء قوة عسكرية موازية للجيش الوطني وألوية الحماية الرئاسية ما فرض واقعاً معقداً وملتهباً في ذات الوقت يشير إلى نار مدفونة تحت رماد التجاهل واستسهال ما يجري.
وفي هذا الأمر قالت مصادر في المجلس الانتقالي إن هناك عملية تدفق لقوى بشرية يومية من مديريات الضالع الى مدينة عدن في الفترة الأخيرة لغرض التجنيد والتدريب العسكري والقتالي خارج أطر المؤسسة العسكرية الرسمية وتعبئة قتالية مخيفة لهؤلاء تستند إلى جهويات ومناطقية ضيقة على سبيل المثال تعبئة الضالع وردفان ضد ما يسمونهم البدو(أبين وشبوة)
وتحريض على العنف ضد حضرموت وشيطنة للصبيحة إضافةً إلى ذلك آثار الصراعات الجنوبية البينية السابقة.
وقال المصدر إن أكثر ما يشكل خطراً وتهديداً على الجنوب من هذه التحركات أنها تستعد لتفجير حرب أهلية ومع ذلك فهي كما يبدو موحدة لكن في حقيقة الأمر مختلفة ومتصارعة وكل مليشيا تتبع شخص ولها أهدافها الخاصة ولو انفجرت شرارة حرب في الجنوب فلن تتوقف وستتقاتل الفصائل فيما بينها.
دور الامارات في إشعال الفوضى
كان لإيران دور مثير في الجنوب وعملت على استقطاب كوادر دربتهم في لبنان ودعمتهم وصنعت منهم رموزاً للفوضى والاجرام لتنفيذ مهمة تفتيت وتمزيق الجنوب وممارسة الجريمة السياسية والجنائية الكبرى في الاقتتال الجنوبي الجنوبي.
دخلت عوامل ومتغيرات وأصبحت الامارات تبحث عن أطماع ونفوذ تحتمي به فعملت على استخدام أدوات إيران في الجنوب لذات الهدف ونفس المهمة وعلى رأسهم عيدروس الزبيدي.
دفعت الأموال وصنعت المخططات وفخخت المحافظات بالمليشيات وتهندس حالياً لتفجير قنبلة تفتك بكيان الجنوب وتجهز على ما تبقى منه تماماً.
تؤكد المعلومات والوقائع إلى تورط الامارات بتأسيس ودعم المليشيات بمختلف مسمياتها في الجنوب(الأحزمة والنخب والكتائب الأمنية والألوية والوحدات العسكرية)
وتشرف بصورة مباشرة على معسكر كتائب العاصفة في جبل حديد التابع لعيدروس الزبيدي واللواء الخامس دعم واسناد في الحبيلين ومعسكر 20 في كريتر ومعسكر راس عباس في البريقة ومعسكر الفتح في التواهي، وتجهزها لساعة الصفر في معركة صفرية لا غاية لها سوى صناعة الارباك لتحقيق أجندة هدم ما تبقى من حائط الصد الوطني في مواجهة الرياح العاتية.
الانتقالي مليشيات انقلابية.
جاء تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي كغطاء للعمل العسكري المسلح في الجنوب لاشعال حرب أهلية داخلية تقضي على ما تبقى من قضية جنوبية وتعمل على تصفيتها تماماً لصالح إنشاء قوة جديدة ضعيفة وهزيلة ومتصارعة بعد أن يكون قد تم استنفاد القوى القبلية والمجتمعية والحركات الحقوقية وكل القوى الصلبة في الجنوب.
تعيش عدن على صفيح ساخن تدفعها مليشيات الانتقالي الى اقتتال بلا صفة قانونية ولا مشروعية دستورية ما ينقل عدن والجنوب إلى الفراغ لتلعب فيه الأقدام الارهابية السوداء.
ما يجعل انقاذ الجنوب مهمة وطنية كبرى يجب أن يقوم بها الجميع قبل أن تحل الكارثة.