توصلت شركة “هوبي لوبي” الأميركية لبيع الأعمال الفنية واليدوية بالتجزئة لتسوية مع السلطات الأميركية، بعد اعترافها بالخطأ في عملية شراء آثار عراقية تبيَّن أنها مُهربة عبر الإمارات.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أميركيين، ومسؤولي هوبي لوبي أن الشركة وافقت على صنع نسخ من آلاف القطع الأثرية المهربة من الشرق الأوسط، التي حصلت عليها من مهربي آثار من أجل متحف للكتاب المقدس يرأسه مديرها.
وقالت وزارة العدل الأميركية في بيانٍ عن هذه التسوية الغريبة، إن النسخ ستشمل نحو 5500 قطعة أثرية اشترتها الشركة، ويرجع تاريخها إلى العراق، وتم شحنها تحت بيانات مزيفة، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين دولار لتسوية الاتهامات المدنية.
لا تقدر بثمن
وقال أنجيل ميلنديز، الضابط المسؤول عن تحقيقات الأمن الداخلي في نيويورك في بيان “حماية التراث الثقافي مهمة يتولاها (قسم تحقيقات الأمن الداخلي)، وشريكته إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية بجدية شديدة؛ إذ ندرك أنه في حين أن البعض ربما يحدد سعراً لهذه الآثار، فإن شعب العراق يعتبرها لا تقدر بثمن”.
وقالت شركة (هوبي لوبي) إنها كانت جديدة على عالم الآثار، حين بدأت شراء القطع التاريخية لمتحفها للكتاب المقدس عام 2009، وأخطأت حين اعتمدت على تجار وشركات شحن “لم يفهموا الطريقة السليمة لتوثيقها وشحنها”.
ورئيس الشركة ستيف جرين هو رئيس مجلس إدارة ومؤسس متحف الكتاب المقدس، وهو تحت الإنشاء، في واشنطن العاصمة.
وقال جرين في بيانه “خلال فترة زمنية قصيرة اشترت هوبي لوبي قطعاً من تجار بالعراق، أو من أي أحد أشار إلى حصوله على قطع من هذا البلد… تدين (هوبي لوبي) هذا السلوك، ولطالما تحركت بنية حماية القطع الأثرية ذات الأهمية الثقافية والتاريخية”.
ومضى قائلاً “نتحمَّل المسؤولية وتعلمنا الكثير” مشيراً إلى أن الشركة تُطبق الآن “سياسات وإجراءات للاستحواذ تقوم على أعلى معايير الصناعة”.
ويقول ممثلون للادعاء إن (هوبي لوبي)، التي مقرها أوكلاهوما سيتي، حين بدأت تكوين مجموعتها الأثرية نبهها خبير في قانون حقوق الملكية الثقافية إلى توخي الحذر عند شراء الآثار من العراق، لأنها في بعض الحالات سرقت من مواقع أثرية.
وأضاف الادعاء أنه على الرغم من التحذير وتحذيرات أخرى، فإن الشركة اشترت، في ديسمبر 2010، آلاف القطع من وسيط دون أن تلتقي بالمالك المزعوم.
وشحن تاجر مقيم في الإمارات العربية المتحدة طرودا تحتوي على قطع أثرية إلى ثلاثة عناوين مختلفة لشركة (هوبي لوبي) في أوكلاهوما سيتي، تحمل بيانات مزيفة، تصف محتويات الطرود بأنها “بلاطات من السيراميك” أو “بلاطات من الطمي”.
البلاط القادم من الإمارات
من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن الطرود التي كانت تحوي هذه الآثار، والتي قطعت طريقها من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة إلى منافذ البيع بالتجزئة التي يملكها Hobby Lobby، متجر القطع الفنية ولوازم الأعمال الفنية، تم الإدعاء أنها عينات من البلاط.
ولكن وفقاً للشكوى المدنية التي قدمها المدعي العام الفيدرالي يوم الأربعاء في بروكلين، فهي تعتبر أشياء أكثر ندرة وأكثر قيمة: إنها ألواح من الطين عليها نقوش مسمارية قديمة تم تهريبها إلى الولايات المتحدة من العراق.
وقال الادعاء في الشكوى إن شركة هوبي لوبي، التي أظهر مالكوها المسيحيون الإنجيليون منذ فترة طويلة اهتماماً بالشرق الأوسط، المذكور في الكتاب المقدس، قد بدأوا في عام 2009 بتجميع مجموعة من التحف الأثرية من منطقة الهلال الخصيب. حتى إن الشركة أرسلت رئيسها ومستشار الآثار فيها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لتفقد عدد كبير من ألواح النقوش المسمارية النادرة- ألواح الطين التقليدية التي تحمل نقوشاً على شكل مسامير، والتي كتبت في بلاد ما بين النهرين منذ آلاف السنين.
وفي عام 2010، وعلى الرغم من تحذير خبير في قانون الملكية الثقافية تم تعيينه من قبل الشركة، فإن هوبي لوبي اشترت أكثر من 5500 قطعة أثرية، وهي ألواح من الطين وما يسمى بالأختام الأسطوانية، من تاجر لم يكشف عن اسمه بمبلغ 1.6 مليون دولار، في ديسمبر 2010.
وستنشر الحكومة الأميركية إشعاراً عبر الإنترنت يمنح أصحاب القطع الأثرية 60 يوماً للتقدم للمطالبة بها. بعد ذلك، يمكن للحكومة العراقية تقديم مطالبتها الخاصة. وستقرر وزارة العدل في نهاية المطاف إلى أين ستذهب تلك القطع.
كذلك يلزم الاتفاق Hobby Lobby باعتماد سياسات داخلية لتحسين إدارة استيراده للمواد الثقافية، وتوظيف وسطاء الجمارك المؤهلين والمستشارين، وتقديم تقارير فصلية إلى مكتب المدعي العام للولايات المتحدة في بروكلين، تصف بالتفصيل أي مشتريات أخرى من الآثار على مدى الأشهر الـ18 المقبلة.
وقال ستيف غرين رئيس الشركة في بيانٍ، إن الشركة تعاونت بشكل كامل مع التحقيق الاتحادي في صفقة القطع الأثرية.
كان شراء هوبي لوبي لتلك القطع، في ديسمبر عام 2010، مشوباً بالريبة، وفقاً لما قاله المدعي العام. لم تتلق الشركة معلومات متضاربة حول أصل القطع وحسب، بل لم يجتمع ممثلوها أبداً أو يتحدثوا مع الموزع الذي يفترض أنه يمتلكها، وفقاً لما جاء في الشكوى.
وبدلاً من ذلك، وبناء على تعليمات تاجر ثانٍ، أرسلت الشركة ثمن القطع لسبعة حسابات مصرفية شخصية مختلفة. ثم قام الموزع الأول بشحن المواد المصنفة على أنها بلاط من الطين أو السيراميك إلى ثلاثة مقرات تابعة لـHobby Lobby في ولاية أوكلاهوما الأميركية. وقال المدعي العام إن جميع الطرود كانت تحمل علامات تعريف زائفة، تقول إن بلد المنشأ هو تركيا.
وقال غرين في بيان عن هذه الاتهامات، إن Hobby Lobby “جديد في مجال الحصول على هذا النوع من القطع الأثرية، ولم يقدر تماماً تعقيدات عملية الاستحواذ”. وأضاف أن “أخطاء مؤسفة” قد ارتُكبت، وأنه كان يجب عليه أن “يمارس المزيد من الرقابة”.