صراع الأجندات.. مشاورات السويد إلى أين؟!

محرر 28 ديسمبر 2018
صراع الأجندات.. مشاورات السويد إلى أين؟!

بعد توقف دام أكثر من عامين من المشاورات بسبب التلاعب الحوثي ورفضه حضور جنيف3 بدأت الجولة الأولى من مشاورات السلام في السويد الخميس وسط إعلان المبعوث الأممي إحراز تقدم فيها من خلال اتفاق وفدي المشاورات على إطلاق سراح المختطفين والأسرى ولكنه في انتظار التطبيق.
حيث تسود المشاورات حالة من الحذر وعدم الثقة بين الجانبين وترقب الشارع العام لما ستسفر عنه تلك المشاورات تجلى ذلك من خلال منشورات رئيس وفد المليشيا الحوثية محمد عبدالسلام التي حرض فيها مليشياته المسلحة على اليقظة والاستعداد في الجبهات، وتهديد محمد الحوثي بإغلاق مطار صنعاء.
المبعوث الأممي أعلن أن أجندة المشاورات ستتطرق إلى خفض العنف وإيصال المساعدات الإنسانية، حيث تشمل أجندة المشاورات ست قضايا هي إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين والمحتجزين من الجانبين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والوضع في مدينة الحديدة، بما في ذلك تسليم الحوثيين للميناء، بالإضافة إلى رفع الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مدينة تعز منذ ثلاث سنوات، وفتح مطار صنعاء، والملف الاقتصادي وخصوصاً وضع البنك المركزي.
وقدم وفد الشرعية للمبعوث الأممي مقترحا ينص على “انسحاب الحوثيين من ميناء ومدينة الحديدة، وتسليم الميناء إلى وزارة النقل والمدينة إلى قوات وزارة الداخلية وتعاون الأمم المتحدة في العملية، على أن يتم تحويل واردات الميناء إلى البنك المركزي في عدن”.
ويتمسك وفد الحكومة الشرعية بالمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن 2216 ومخرجات الحوار الوطني، غير أن المليشيا الحوثية تسعى لإسقاط هذه المرجعيات الثلاث بما في ذلك إسقاط شرعية الرئيس هادي وتريد أن تكون المشاورات عبر مرجعيات جديدة.
وتحدث المبعوث الأممي عن المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن دون الإشارة إلى مخرجات الحوار الوطني في تصريحين مختلفين وما إذا كان أمراً مقصوداً أم عفوياً إسقاط المرجعية الثالثة من حديثه.
ويقول محللون سياسيون إن الهدف الرئيسي من هذه المشاورات هو منع معركة شاملة في مدينة الحديدة، وهو ما أكده غريفيث في مؤتمره الصحفي في الجلسة الافتتاحية في استوكهولم، حيث قال إنه يسعى لإخراج مدينة الحديدة ومينائها من المعركة في اليمن، ولا يسعى لإنقاذ الحوثيين في الحديدة بل وقف المعارك..
ويظهر المبعوث الأممي تحيزاً كاملاً للمليشيا الحوثية وأجندتها، حيث عمل على تكوين هيئة مستشارين مصغرة له لتسيير هذه المشاورات تتكون كلها من عناصر انقلابية ومعظمها عناصر حوثية دون وجود أي عنصر من طرف الشرعية أو من طرف محايد، الأمر الذي اعتبره محللون سياسيون دعماً مباشراً للمليشيا الانقلابية.
ففي الوقت الذي رفض مشاركة أي من الإعلاميين التابعين للحكومة الشرعية حمل معه 42 عنصراً إعلامياً للمليشيا الحوثية الانقلابية بطائرته الخاصة التي غادرت إلى استكهولم يقضي فيها ساعات طوال مع هذه المليشيا منفردين سيتم فيها تبادل الكثير من الحديث والأفكار إن لم يكن التخطيط والتوصيات في التعامل.
حيث كشف وزير الإعلام معمر الإرياني أنه خاطب عبر الوفد الحكومي المشارك بالمفاوضات مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن غريفيث بضرورة إشراك وسائل الإعلام الرسمي ووكالة الانباء اليمنية (سبأ) ونخبة من الصحفيين البارزين لتغطية المشاورات المنعقدة بالسويد بين وفدي الحكومة الشرعية ومليشيا الانقلاب الحوثية المدعومة من ايران.
وقال الإرياني: “أبلغنا بشكل رسمي بعدم قبول طلبنا من المبعوث الاممي بحجة منع أية زيادة في عدد وفد الشرعية المكون من 12 ممثلا و5 من السكرتارية، وهو ما التزم به وفد الحكومة لنفاجأ بأن وفد المليشيا الحوثية الايرانية وصل العاصمة السويدية بأكثر من42 منهم الإعلاميون وفي نفس طائرة المبعوث الدولي”.

جولة تمهيدية لا أكثر 
مصادر سياسية رفيعة قالت إن هذه الجولة من المشاورات تعد تمهيداً لجولات أخرى من المفاوضات المباشرة والتي ستكون حاسمة للطرفين، وهذا ما أكده أيضاً المبعوث الأممي جريفيث بأن الجولات القادمة ستدخل في صلب القضايا الأساسية من تطبيق قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
غير أن محللين سياسيين يتوقعون أن الجولات القادمة ستكون أكثر تعنتا من قبل المليشيا الحوثية في موقفها خاصة في رفض المرجعيات المرجعيات التي تتمسك بها الشرعية، يعزز من تلك التوقعات أن القرار الحوثي ليس بيده بل يتطلب رجوع تلك المليشيا إلى طهران في كل صغيرة وكبيرة، الأمر الذي سيعمل على إطالة الأزمة وسيزيد من تعقيد الوضع في البلاد ويكثف معاناة المواطنين.
مؤشرات قد تبدو باعثة على التفاؤل لجولة المشاورات الأولى، لكن التعقيد يكمن في المراحل المقبلة والتي ستصطدم بكثير العقبات التي تسعى أطراف مختلفة لزرعها منذ اللحظة خاصة تلك التي تحدث عنها غريفيث وهي سعي الأمم المتحدة لإدارة لإدارة ميناء الحديدة.
وكان وفد الشرعية المفاوض في مشاورات السلام وافق أمس الجمعة على اقتراح فتح مطار صنعاء بشرط تفتيش الطائرات أولا في مطار عدن أو سيئون الخاضعين لسيطرتها.
حيث أوضح وزير الخارجية خالد اليماني ورئيس وفد الحكومة المفاوض في استكهولم أوضح أن الحكومة تبحث عن تشغيل كل مطارات اليمن، على أن يكون مطار عدن مطار السيادة، وبقية المطارات داخلية بما فيها مطار صنعاء، الأمر الذي رفضته المليشيا الحوثية.

مكاسب حوثية 
كثير من المراقبين أوضحوا أن المليشيا الحوثية كانت الطرف الوحيد المستفيد من هذه المشاورات حيث إنها نجحت في إخراج جرحاها لعلاجهم في الخارج وإخراج العناصر الإيرانية واللبنانية من اليمن للعلاج، والأهم من ذلك استطاعت إيقاف زحف القوات المشتركة باتجاه مدينة الحديدة وإيقاف تحريرها ومينائها، فضلاً عن الحضور الكبير للمليشيا في جولة التشاور مقابل تقليص وفد الشرعية، وجلبوا إليهم المساعدات الخارجية وفتح مطار صنعاء وطرح شروط المقايضة والتفاوض.
كما أعطت فرصة ووقتاً كافيا للمليشيا الانقلابية من إعادة ترتيب صفوفها وإدخال أسلحتها وعناصر جديدة إلى الحديدة استعداداً لجولات أخرى من الحرب، حيث تصر تلك المليشيا على البقاء في الحديدة ولا تسلمه مهما كلفها الأمر باعتبارها الورقة الرابحة والكبيرة لها؛ إذ أنها تمول حربها من واردات الميناء وجماركه فضلاً عن تهريب الأسلحة عبره بعد انسداد كافة الشرايين الأخرى.

توقعات بالفشل 
يتوقع المحللون السياسيون وكذلك المراقبون أن هذه الجولة من المشاورات ستبوء بالفشل كسابقاتها ولا يعول عليها معظم اليمنيين، وذلك لما باتوا يدركونه من التعنت الحوثي الذي أفشل كل المشاورات السابقة.
وبالجولة في معظم وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع والصحف الإعلامية الأخرى لم نجد من يعبر عن تفاؤله بنجاح هذه المشاورات أو من يتوقع إحراز أي تقدم فيها، خاصة وأن المعارك لم تتوقف بسبب اختراقات المليشيا الحوثية للتهدئة التي نادت بها الأطراف الدولية تمهيداً للمشاورات، حيث قامت المليشيا الحوثية بالأمس بقصف وتدمير أكبر مول في الحديدة وهو سيتي ماكس، كما شنت حملة اختطافات واسعة في مدينة الحديدة، فضلا عن أن المليشيا اقتحمت منازل المواطنين وقامت بتحويلها إلى ثكنات عسكرية وحفرت فيها الخنادق للتنقل من مكان لآخر، في حين تحتجز عشرات الأسر كدروع بشرية، فيما قامت بتشريد عائلات أخرى إلى مناطق نائية.
وأوضح المركز الإعلامي لقوات العمالقة أن المليشيا الحوثية استخدمت بعض تلك المنازل بعد نهبها كمخازن للسلاح والذخيرة لتموين عناصرها الإرهابية..
ومن ناحية أخرى كون هذه المشاورات تمهيدية ولا تدخل في صلب القضايا التي أدت إلى الانقلاب، حيث تصر المليشيا الحوثية على إسقاط شرعية الرئيس هادي دون تقديم أية تنازلات مقابل ذلك، كما أنها تسعى فقط لشرعنة انقلابها وتطبيع الحياة السياسية والاجتماعية.

جولات متعددة من المشاورات

– في 16 يونيو 2015 عقدت أول مشاورات في جنيف بين الحكومة الشرعية وقادة مليشيا الانقلاب الحوثي، وتم خلالها وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، لكن الحوثيين رفضوا الجلوس في طاولة التشاور المباشر مع وفد الحكومة وطالبوا بالتحاور مع الحكومة السعودية، واستمرت ثلاثة أيام دون إحراز أي تقدم وتم الإعلان عن انتهاء المشاورات دون التوصل لأي اتفاق.
– 15ديسمبر 2015 عقدت مشاورات جديدة في مدينة بيل السويسرية، والتي أطلق عليها “جنيف2” بين وفد الحكومة الشرعية ووفد مليشيا الانقلاب عمدت فيها المليشيا الانقلابية على المماطلة والتأخير للوصول إلى سويسرا، رافقت المشاورات هدنة عسكرية ووقف لإطلاق النار، لم تلتزم بها المليشيا الانقلابية وقامت بخرقها في ساعتها الأولى في تعز ونهم، مما أدى إلى فشل تلك المشاورات.
– في 21 إبريل 2016 انطلقت جولة مشاورات جديدة في دولة الكويت، عمدت فيها المليشيا الانقلابية إلى التأخير والمماطلة مدة ثلاثة أيام صاحبها إعلان هدنة جديدة لإنجاح المشاورات إلا أن المليشيات مجدداً تخترق الهدنة مما أدى إلى إفشال المشاورات للمرة الثالثة على التوالي من قبل المليشيا الانقلابية.
– وفي 16 يوليو 2016، إنطلقت جولة مشاورات أخرى في “الكويت2” لكنها باءت بالفشل في 7 أغسطس 2016 بسبب تعنت المليشيا الانقلابية.
– وفي 7 سبتمبر 2018 أعلن المبعوث الأممي الجديد المعين خلفا لاسماعيل ولد الشيخ مارتن غريفيث عن مشاورات جديدة في “جنيف3″، رفضت المليشيا إرسال وفدها لتلك المشاورات رغم تأكيد غريفيث أن المليشيا ستشارك، حيث وصل وفد الحكومة الشرعية وتغيب وفد المليشيا وأعلن عن فشل الجولة الجديدة، واختلق جريفيث الأعذار لتلك المليشيا رغم رفضها الصريح، ولم يتم تحميلها أية مسؤولية في ذلك.
– وأخيراً في 6 ديسمبر 2018 بدأت المشاورات الجارية في العاصمة السويدية ستوكهولم، لبحث خطوات إجراء الثقة بين الجانبين كمشاورات تمهيدية لجولات أخرى من المباحثات القادمة التي تدخل في صلب القضايا الأساسية للأزمة اليمنية.

*الصحوة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق