بقلم - شوقي القاضي
أزعم أني ـ والحمد لله ـ كنتُ باراً وطائعاً لأبي، ولا أتذكَّر أني عصيته (طوعاً أو كَرْهاً)!
لكني اليوم – وبعد أن فارقنا – أشعر بالندم عندما كنتُ “أعرِضُ” عليه خدمةً أو منفعة فيقول لي: شكراً. فأُصدِّقهُ، ويرضى ضميري بأنه فعلاً لا يريد، وكنتُ أعتقد أنه لو أراد شيئاً ـ أو ذاك الشيء الذي عرضته عليه ـ لأخبرني بذلك أو لوافق على ذلك.
اليوم عندما كبرتُ، وأصبحتُ “أباً” لستة شباب، عرفتُ “كذِبَ” الآباء والأمهات، عندما يقولون “شكراً”! وتنبَّهتُ لـ”غباء” الأبناء والبنات عندما يصدقون أباءهم وأمهاتهم حين يقولون “شكراً”!! فيعتبرون ذلك إنهم حقاً لا يريدون.
أيها الأبناء والبنات
لا تصدِّقوا آباءكم وأمهاتكم حين يقولون لكم “شكراً”!!! إنما يقولونها “تَعفُّفاً” أو “مراعاة” لظروفكم، أو “خجلاً” من إتعابكم، أو “ذوقاً” أو لأي سبب آخر.
أفرحوهم دون إذنٍ أو عَرض، وإذا كان [الموالي بخيل] كما يقول المثل اليمني، وهو من يعرض خدماته على الناس، فما ظنكم بمن يعرض الخدمة على أبيه أو أمه! سيكون بخيلاً وغبياً وربما يُحرَم الخير الكثير في بِرِّ وطاعة والديه.
أقسم لكم
إنهم يفرحون ـ جداً جداً جداً ـ عندما تقدِّمون لهم الخدمة والهدية والمنفعة “دون أن تستأذنوهم” أو “تعرِِضوا” عليهم، ويفرحون ـ جداً جداً جداً ـ عندما تقدِّموهم، أو تُنزِّهوهم، أو تعظِّموهم، أو تشركوهم في حياتكم وأعمالكم وأنشطتكم، ولو بالحديث وأخذ الرأي، حتى لو كانوا على سرير الموت.
سامحني يا أبي
فديتُ روحك وثرى قبرك
فقد كنتُ غبياً.