استكمالا لدورها المشبوه في القرن الإفريقي، واستمرارا لسياستها القائمة على خلق القلاقل في الدول التي ترفض الانصياع لها، كشف المحلل السياسي الصومالي عبد الله فارح مري عن فصل جديد من الفوضى تسعى أبو ظبي لفتحه في الصومال بعد تم إخراجها منها بشكل مهين.
وفي هذا الإطار، كشف “مري” عن قيام وفد مخابراتي إماراتي بزيارة للصومال قبل أسبوع، التقى مع بعض شيوخ القبائل حاملًا معه الهدايا الثمينة تحت غطاء إنساني، متعهدا لشيوخ القبائل بتشكيل قوة حماية لهم بتمويل ودعم من الامارات، مؤكدًا أن هذه الزيارة تكشف سعى أبوظبي لاستنساخ تجربتها في اليمن، من خلال تأسيس مليشيات قبلية تابعة لها، وإقامة علاقات وشراكات مع زعماء القبائل لضمان ولائهم لها.
وقال “مري” أن الامارات لم تلتزم بقرارات المجتمع الدولي باحترام سيادة الصومال ووحدته، كما أنها لم تتوقف عن شراء الفحم من مناطق سيطرة حركة الشباب المجاهدين، مما يعني دعما غير مباشر للحركة.. كما أنها لم توقف بناء قاعدتها العسكرية في بربرة، في تحد واضح لقرارات الصومال، علمًا بأن شركة موانئ أبو ظبي المحظورة في الصومال لاتزال تواصل نشاطها في كل من إدارتي بونت لاند، وصومالي لاند.
وبين المحلل السياسي الصومالي أن حقيقة التواجد الاماراتي في اقليم بونت لاند من خلال القوة الأمنية التى أنشأتها تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وهي قوة أمنية مهمتها السيطرة على السواحل الشرقية في البلاد، وتعول عليها الامارات لاحداث الفوضى والقلاقل الأمنية، وكذلك القوة الأمنية التي دربتها في القاعدة العسكرية التي أغلقتها الحكومة الفيدرالية، لافتًا إلى أن هذه القوة تمثل عامل تهديد مباشر يقوض أمن العاصمة.
وأوضح أن قيام الحكومة الصومالية بتفكيك هذه القوة وتوزيعها على ألوية الجيش قلل من هجمات حركة الشباب المجاهدين، ونتج عنه تراجع ملحوظ في عمليات الحركة، وهذا ما يعزز الشكوك بشأن تورط الامارات في دعم حركة الشباب المجاهدين، حيث لا زالت أصابع الاتهام تشير الى تورط أبوظبي في التفجير الدموي الذي استهدف سوقا شعبية في العاصمة الصومالية مقديشو 14 أكتوبر 2017 وذلك وفقا لما صرح به لصحيفة “الشرق” القطرية.
وعلق المحلل السياسي على تقرير البرلمان الأوروبي الذي اتهم الامارات بزعزعة الاستقرار في الصومال قائلا: ان التقرير حث أبوظبي على احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه، كما دعاها الى التوقف فورا عن كل ما يسهم في زعزعة استقرار الصومال، منوهاً إلى أن حياد الصومال في الأزمة الخليجية دفع بعض الدول التى من أبرزها الامارات الى قطع مساعداتها للصومال.
وأكد أنه يمكن اعتبار تقرير البرلمان الأوروبي البداية الصحيحة لتحرك جاد للمجتمع الدولي، لوضع حد لانتهاكات الامارات لسيادة الصومال ووحدته، مضيفاً، أن التقرير يحمل رسائل واضحة لحكام الامارات بأن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي من تحركاتها، التي تنسف جهوده لتقوية الدولة الصومالية، ودعم الاستقرار.
يشار إلى أنه في بيان شديد اللهجة قبل أيام، اتهم البرلمان الأوروبي دولة الإمارات بزعزعة الاستقرار في الصومال، مطالبا إياها باحترام سيادته ووحدة أراضيه الترابية.
وقال البرلمان الأوروبي في بيانه، إنه يشعر بالقلق العميق بشأن الوضع السياسي في الصومال، بسبب التدخلات الأجنبية في شؤونه، مؤكدا أن “الصومال حاول البقاء على الحياد في الأزمة الخليجية”، وهو ما حرمه من مساعدات إماراتية وسعودية.
وكانت العلاقات بين الصومال والإمارات قد توترت منذ اندلاع الأزمة الخليجية لرفض مقديشو التحيز لأي طرف.
فمع وقع الأزمة الخليجية، في يونيو/حزيران 2017، رفضت الصومال، عرضا خليجيا ماليا، قالت مصادر إنه من الإمارات، لقطع العلاقات مع قطر، وذلك قبل أن تستخدم الدوحة المجال الجوي الصومالي، لتجاوز العقوبات التي فرضتها دول عربية على الطيران القطري.
وعلى إثر ذلك، اتخذت الإمارات سلسلة من الخطوات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة استقرار الصومال، وأن تلك الخطوات تندرج في إطار الانتقام من موقف مقديشو الرافض للاصطفاف إلى جانب دول حصار قطر.
وفي 27 مارس/آذار الماضي، دعا ممثل الصومال بالأمم المتحدة أبوبكر عثمان، لإيقاف الانتهاكات الإماراتية لسيادة ووحدة الأراضي الصومالية بعد توقيعها مع سلطات أرض الصومال اتفاقية لإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية بميناء بربرة.
وفي خطوات لاحقة، تقدم الصومال بشكوى رسمية إلى جامعة الدول العربية، ضد الإمارات، ثم إلى مجلس الأمن، بسبب إبرام الاتفاقية، ووصفتها بأنها “باطلة”.
لم يقف الأمر عند ذلك، بل أوقف الصومال، برنامجا إماراتيا لتدريب مئات من جنوده، بعد أيام من تحفظ السلطات في مقديشو على طائرة إماراتية محملة بقرابة 10 ملايين دولار.
وقالت حكومة الصومال، إنها لا تزال تتحرى عن هدف إرسال هذه الأموال، فيما اعتبر مراقبون أن مصادرة الأموال يعزز اعتقادا بين الكثير من الصوماليين بأن قوى أجنبية تسبب مشكلات لبلدهم.
وبعد أسبوع من هذه الأزمة، شهد مطار “بوصاصوط الصومالي، أزمة أخرى، باحتجاز طائرة إماراتية، بعدما رفض العسكريون الإماراتيون الامتثال لأوامر الأجهزة الأمنية لتفتيش أمتعتهم وحقائبهم، ما أدى إلى مواجهة بين قوات الأمن والمدربين الإماراتيين.
*وطن