“تعذر رؤية راتب رمضان وعلى جميع الموظفين مواصلة الصوم عطوف” هكذا كتب الصحفي اليمني منصور الجرادي رئيس مؤسسة وجوه للإعلام موضحا وضع الموظفين في اليمن وتحديدا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين نتيجة انقطاع مرتباتهم منذ قرابة العامين.
حيث يعيش المواطنين في العاصمة صنعاء أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة مع استمرار انقطاع المرتبات وارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية والتي أثقلت كاهل المواطنين وحولت حياتهم الى جحيم لا يُطاق.
ورغم الوعود العرقوبية التي باتت المليشيات تصرفها على الموظفين بين كل فترة وأخرى إلا أن تلك الوعود سرعان ما تتحول إلى سراب حيث أضحت بالنسبة لهم كحلم بعيد المنال يتمنون رؤيتها صباح مساء للوفاء بما عليهم من إلتزامات دفعت بالآلآف منهم الى بيع أدواتهم المنزلية.
627 يوما منذ انقطاع الرواتب في اليمن” هكذا يظل الدكتور زياد عبد المغني يذكر الموظفين وسلطة المليشيا الحوثية برواتب الموظفين بشكل يومي في محاولة منه لإيقاظ ضمير المليشيات التي لا تكترث لمعاناة الموظفين وأنينهم المتواصل منذ قرابة العامين دون جدوى.
يكتب الدكتور زياد كل يوم منشور في صفحته على الفيس بوك وبات هذا الأمر بالنسبة إليه كورد يومي ينبغي عليه تذكير الموظفين بحقوقهم التي لن تسقط بالتقادم حتى لا يتم ابتلاعها من قبل الحوثيين أو تضيع في دهاليز أي تسوية سياسية قد تظهر من هنا أو هناك.
وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور زياد عبد المغني استمراره في هذه العملية الحسابية للتذكير بالمُدة التي انقطعت فيها الرواتب عن الموظفين حتى يتم صرفها.
وقال: هذا “العدّ والحساب لن يتوقف الا بعد أن تُصرف جميع المرتبات المتأخرة وينتظم الصرف شهريا” حسب قوله.
أزمة إنسانية:
وأدى انقطاع مرتبات الموظفين إلى إرتفاع أعداد الفقراء في اليمن بشكل مخيف حيث بات اليمنيون يعانون من أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقا للتقارير الدولية.
أمس الأحد قال تقرير اقتصادي صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (غير حكومي) إن انقطاع مرتبات الموظفين الحكوميين منذ 19 شهراً دفع ستة ملايين فرد للعيش في فقر مدقع.
وطالب التقرير بسرعة دفع المرتبات لاسيما العاملين في قطاعي الصحة والتعليم والمؤسسات غير الإيرادية مستغرباً حالة التجاهل واللامبالاة من قبل جميع الأطراف تجاه هذه القضية الإنسانية الخطيرة.
مشيرا إلى أن «هذه القضية تسببت في دخول ما يزيد عن ستة ملايين فرد في دائرة الفقر الشديد، في حين يزداد الوضع سوءا مع شهر رمضان المبارك ومتطلبات الإنفاق لهذه الأسر».
وحمل الحكومة والحوثيين مسؤولية هذه المأساة الإنسانية الناجمة عن انقطاع المرتبات مشيرا إلى تراجع الحد الأدنى للأجور في اليمن لأقل من 45 دولارا في الشهر مقارنة بـ95 دولار في السابق بسبب تراجع العملة المحلية بنسبة 143 بالمائة منذ بدء الحرب.
وقال: إن النسبة الأكبر من الموظفين المدنيين الواقعين تحت سلطة جماعة الحوثيين تعيش وضعا صعبا حيث يتم تسليم مرتبات الموظفين في المؤسسات الإيرادية فقط.
في المقابل فإن وضع الموظفين في المحافظات التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية أفضل حالا حيث يتسلمون مرتباتهم بشكل منتظم وفق التقرير.
اتفاق هل ينجح؟:
في أواخر شهر إبريل/ نيسان المنصرم كشفت صحيفة خليجية عن اتفاق بين الحكومة الشرعية مع جماعة الحوثيين مبدئياً على إجراءات تستهدف استئناف دفع الرواتب ابتداءً من يوليو/ تموز المقبل بالتوازي مع تسوية مرتقبة لتوحيد المصرف المركزي المنقسم حالياً بين الطرفين.
ونقلت صحيفة العربي الجديد الصادرة من لندن عن مصادر مسؤولة في البنك المركزي اليمني قوله “أن ترتيبات يقوم بها البنك المركزي بدعم دولي لاستئناف دفع رواتب نحو مليون من موظفي الدولة في العاصمة صنعاء وبقية مناطق الحوثيين بعد توقف دام لما يزيد عن عام ونصف العام إلا أن ذلك لا يعني انفراجه كاملة في ظل وجود تحديات أمام تنفيذ الاتفاقات المبدئية”.
ووفقا للصحيفة “فإن جهودا يقوم بها محافظ البنك والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أسفرت عن تفاهمات بين الحكومة الشرعية التي تعمل من العاصمة المؤقتة عدن وجماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء لصرف الرواتب ابتداءً من يوليو/ تموز المقبل”.
ويتولى فريق فني من البنك المركزي في عدن بالتنسيق مع فريق آخر في فرع البنك بصنعاء إعداد آلية لصرف الرواتب بحسب كشوف عام 2014 وبحيث يتم استئناف صرف الرواتب في يوليو/ تموز المقبل على أن تتولى السعودية دفع الرواتب المتأخرة عبر ما يسمى “العمليات الإنسانية الشاملة”.
وبحث المبعوث الجديد للأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث مع سلطات الحوثيين خطة دفع الرواتب لموظفي الدولة في مناطقهم بواسطة البنك المركزي اليمني وآلية تحويل إيرادات الدولة من مناطقهم خلال زيارة قام بها إلى العاصمة اليمنية نهاية مارس آذار الماضي.
ورغم مضي نحو شهر على هذا الاتفاق وفقا لما أوردته الصحيفة إلا أن الكثير من المهتمين لا يبدوا متفائلين بشأن دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ خصوصا مع التعنت الحوثي المستمر لتسليم الايرادات الى البنك المركزي بعدن بل قيامهم بمحاولة ابتكار حِيل جديدة متمثلة بفرض ضرائب أخرى على التجار في مداخل العاصمة والمحافظات الخاضعة لسيطرتها تحسبا لإلزامها من قبل الأمم المتحدة بتنفيذه.
استفزاز بنصف راتب:
ومع حلول شهر رمضان واصلت مليشيا الحوثي العبث بحياة الموظفين وأسرهم في المناطق الخاضعة لسيطرتها حيث تطالبهم بالدوام المتواصل في الوقت الذي ترفض صرف مرتباتهم وحوافزهم منذ قرابة العامين واكتفائها بصرف نصف راتب كل ستة أشهر لتهدئة غضبهم.
الخميس 10 مايو الجاري أقرت جماعة الحوثي الانقلابية صرف نصف راتب شهر أغسطس 2017م للموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها وسط استياء واسع في أوساط الموظفين حيث أن النصف الراتب لا يفي بدفع إيجار المنزل لشهر واحد فقط ناهيك عن الاحتياجات الأساسية الأخرى.
ويقول الموظفون في المؤسسات الحكومية الخاضعة لسيطرة المليشيات إن الجماعة تتلاعب بأوجاعهم من خلال أكاذيبها السمجة ابتداءً من البطاقة السلعية وانتهاءً بصرف نصف راتب في الوقت الذي تشعر فيه أن ثورة جياع على وشك الاندلاع.
ورغم أن هذا الوعد لا يمثل بحسب الموظفين سوى نصف راتب فحسب إلا أن المليشيات لم تفِ بما أعلنت عنه من قيامها بصرف نصف المرتب ليكشف حقيقة استمرار المليشيات في تعذيب الموظفين واستخدام الراتب كسلاح بيدها لأدلجة الموظفين في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.