توالت ردود أفعال السياسيين اليمنيين والخليجيين حول مهرجان «إعلان عدن التاريخي» الذي نظمه الحراك الجنوبي المؤيد للانفصال بمدينة عدن جنوبي اليمن، ضد قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي التي قضت بإقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي وعينت عبدالعزيز المفلحي خلفا له، وكذا إقالة هاني بن بريك وزير الدولة ومسؤول الحزام الأمني بعدن وإحالته للتحقيق.
وأصدر المنظمون للمهرجان الذي شهدته مدينة عدن جنوبي اليمن، اليوم الخميس، ما سُمي بـ”إعلان عدن التاريخي”، الذي جرى من خلاله تفويض محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي بإعلان قيادة سياسية لجنوب اليمن برئاسته، وأعلنوا رفض القرارات التي أصدرها الرئيس هادي أخيراً.
والحشد الجماهيري الذي خرج اليوم في عدن، وأصدر هذا الإعلان، يمثل الشخصيات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، والتي طاولتها القرارات الأخيرة للرئيس اليمني وأبرزها إقالة محافظ عدن الزبيدي.
وأثار إعلان عدن موجة ردود واسعة بين أوساط الكتاب والسياسيين اليمنيين والخليجيين على شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن إعلان عدن التاريخي مماثلا لانقلاب مليشيات الحوثي والمخلوع صالح على الشرعية في صنعاء.
انقلاب على عاصفة الحزم
وفي سياق ذلك، قال الكاتب السعودي عبدالعزيز الزهراني إن إعلان عدن التاريخي يشبه تماما الانقلاب الحوثي في صنعاء، والدولة التي تؤيد البيان ستكون منقلبة على عاصفة الحزم، وسوف تتعقد المسألة اليمنية.
تمرد على الشرعية
من جانبه، سخر مدير قناة العربية السابق خالد المطرفي من الحشود التي جمعها المحافظ المقال عيدروس الزبيدي إلى ساحة العروض بمحافظة عدن.
وقال المطرفي -في تغريدة له على صورة نشرها بموقع تويتر- “هذه حشود مليونية وإلا ألوفية”، في إشارة ساخرة إلى قلة من استطاع الزبيدي حشدهم في عدن.
بدوره، قال وكيل وزارة الإعلام مختار الرحبي “يجتمع المتمردون في الشمال والجنوب على شيء واحد وهو مهاجمة رئيس الجمهورية والنيل منه ومن شرعيته، لذلك لا فرق بين المتمردين”.
طعنة للجنة التنسيق الثلاثية
من جانب آخر، قال الداعية السعودي الدكتور عوض القرني “إن الله لا يصلح عمل المفسدين”، مشيرا إلى أن تمرد عدن هو طعنة بظهر لجنة التنسيق الثلاثية (سعودية إماراتية يمنية) في جدة وخيانة عظمى لليمن والتحالف العربي.
مشابه للإعلان الدستوري الانقلابي في صنعاء
من جهته، قال المحامي والمستشار القانوني هائل سلام إن إعلان عدن يؤسس لحالة مشابهة لحالة الإعلان الدستوري الانقلابي في صنعاء.
وأضاف سلام -في منشور على صفحته في الفيسبوك- “حشد الخميس، هل هو مجرد اعتراض واحتجاج على قرارات هادي بشأن تغيير محافظ عدن وعزل قائد قوات حزامها الأمني، أم هو انقلاب آخر على شرعيته، جنوبي هذه المرة؟”.
وتابع سلام قائلا “ليس مفردات الإعلان ولا مضامينه ما ينبغي أن يتخذ كعنصر في التحليل والتقييم، بل الوقائع على الأرض”، لافتا إلى أن عودة هادي وحكومته لمزاولة مهامهما من عدن، وحدها المؤشر الذي ينبغي التعويل عليه للقول بالنجاح أو الفشل.
وأشار إلى أن قرارات هادي بإقالة الزبيدي وابن بريك تبدو مثل قرار الجرعة، وتبدو الاتفاقات المبرمة -كتابة وشفاهة- مثل اتفاق “السلم والشراكة”، ولكن مناصفة “السلم” في عدن، و”الشراكة ” في الرياض، ويبدو احتشاد عصر اليوم، المؤيد لهادي، مثل تظاهرة “الاصطفاف الوطني”، ما أشبه عدن بصنعاء، وما أشبه الليلة بالبارحة، على حد قوله.
أما الدكتور مهدي أبو فطيم وهو خبير اقتصادي سعودي، فقال معلقا على إعلان عدن التاريخي “اليمنيون نسوا قضيتهم مع صالح ونسجوا قضية جديدة مع هادي، يقبلون بشرعية هادي وفي نفس الوقت يرفضونها”.
تناقضات دول التحالف
الناشط مطهر الصفاري بدوره قال “مضمون إعلان عدن التاريخي وتوقيته سيؤدي إلى انقسام الحراك الجنوبي سياسيا وجغرافيا وتصحيح ضبابية وتناقضات ممارسات دول التحالف وقيادة الشرعية”.
تقسيم وانفصال
من جانب آخر، قال المفكر الكويتي عبدالله النفيسي إن “الدعوة لانفصال جنوب اليمن عن شماله خدمة مباشرة للمشروع الإيراني في شبه الجزيرة العربية وهو مشروع تقسيمي وتشطيري مضاد للعرب عموما”.
وقال النفيسي -في سلسلة تغريدات على صفحته بموقع تويتر تعليقا على “إعلان عدن التاريخي”- إنه “مهما كانت المبررات التي يستند عليها دعاة التقسيم والانفصال في اليمن فإن وحدة اليمن أفضل الحلول على صعيد الأمن الجماعي لدول التعاون”.
وأشار النفيسي إلى أن الدولة التي تحرّك وتموّل وتدعم انفصال الجنوب عن الشمال في اليمن تحمل في طياتها كل بذور التقسيم والتشطير لجغرافيتها وديمغرافيتها.
ولفت إلى أن “تضخيم ملف الإخوان في الصراع اليمني مصيدة فكرية وخطأ إستراتيجي، والتعلل به لا يستند على بناء منطقي”، معتبرا أن “الإخوان أضعف بكثير مما نتصور”.
وأكد أن “هذه الدعوات المتصاعدة في عدن لانفصال الجنوب عن الشمال دعوات مشبوهة ومدمرة”، مضيفا “فتَّش عن إيران والطرف المتخادم معها”، في إشارة إلى دولة الإمارات.
*الموقع بوست