بقلم - خالد عجلان
بداية لست هنا في مقام الرثاء أو التشفي، بل هو مقام المكاشفة والمصارحة، مقام أخذ العظة والعبرة ؛ فقد قال المولى سبحانه: “لقد كان في قصصهم عبرة”.
فصالح المولود في سنحان 1942م -تقريبا- شق طريقه من باب المندب ليصل إلى سدة الحكم في صنعاء عام 1978م؛ ولتنتهي حياته الدراماتيكية في 4 ديسمبر 2017م علي يد شركائه في الانقلاب وأقرب المقربين إليه.
لقد كانت النهاية متوقعة في ظل معطيات الواقع، ومسار الأحداث، وسنن الله تعالى، لكن، لم يكن التوقع أن تتساقط أوراقه وانتفاضته في أقل من ثلاثة أيام فقط.
ومع ذلك فلسنا بصدد تشخيص ما حدث؛ بل نحن في مقام أخذ الدروس والعبر.
إذ يمكن القول أن ما حدث كان خيرا لعلي صالح وللوطن والشعب.
🔹خيرا له حين أعلن فض الشراكة مع قوى الإمامة -بغض النظر عن دافعه سواء أكان شخصيا أم وطنيا- ثم مات مواجها لهم؛ فسجل لنفسه قبل الوفاة موقفا يحسب له.
🔸خيرا له حين أعلن الانتفاضة ففضح عجز النفعيين الذين ظلوا يقتاتون بحبه والإخلاص له، جاعلين من ذلك وطنية زائفة طالما أرهقت الوطن وعطلت مسارات التصحيح، فلما حصص الحق وجد نفسه مكشوفا أمام صبية الكهوف، وثعابين المكر.
🔹 خيرا للوطن حين لم تتجاوز انتفاضته -التي كنا معها- 72 ساعة حتى قضي عليها؛ إذ لو قدر لها الديمومة واستقوت بالسخط الشعبي، ثم التحمت بالجيش الوطني والمقاومة حتى تحررت صنعاء؛ لطغى ذلك على نضال 3 سنوات لشرفاء الوطن، ولنسي الناس دماء شهداء المقاومة والجيش الذين رووا بها سهول وجبال اليمن مقاومين لعصابة الانقلاب.
🔸خيرا للوطن والشعب خمود تلك الانتفاضة؛ إذا لو قُدر لها النجاح؛ لتغوّلت أفاعي صالح من جديد – وما هي أفاعيه! ، ولعاد النفعيون والفاسدون من دجاجلة المؤتمر والمتدثرون بثيابه يمتصون خيرات الوطن ويعبثون بمقدراته لعقود قادمة.
🔹خيرا لرجال المقاومة والجيش الوطني الذين كان سيلحق بهم اللمز والغمز مدى الحياة؛ فسيكون لسان الحال: ثلاث سنوات ولم تتمكنوا من دحر الانقلاب؛ حتى تحرك الزعيم الملهم ومعه الرجال الأقدر على حماية الوطن وتخليصه!
🔸خيرا للوطن حين كانت النهاية لصالح على يد عصابة الإمامة وجحافل إيران؛ كي تتمايز الصفوف بين جمهوري صادق، وملكي رجعي ومعه نفعي أو جبان أو منافق.
🔸 خيرا للوطن حين لم يمت صالح بقصف طائرات التحالف فتتأجج العداوات والأحقاد بيننا وبين الأشقاء في المملكة لعقود قادمة، تأججها خلايا طهران والموساد وغيرها، فنفوس أتباعه والسذج مهيأة ذلك!!
🔹خيرا لشباب ثورة فبراير ورجال المقاومة والجيش الوطني الذين اكتووا بنار سياسات صالح وبطش أجهزته، أن كانت النهاية ليست على أيديهم؛ كيلا يظلوا في صراع وثارات مع أتباعه والناقمين عليهم تحت راية الثأر له.
🔸خيرا لمن بقي لدية ضبابية حول حقيقة الجماعة التي فتكت بحليفها عند أول منعطف، وهو من سهل لها دخول ومكن لها من سلاح الدولة ومقدرات الوطن، فكيف بمن هو دونه.
🔹خيرا للأجيال القادمة ما حدث؛ لتتعلم الدرس، بأن عواقب الظلم وخيمة، وأن المال والسلطان والسلاح لا يغني عن عدل الله وقدره شيئا، فمن كان يظن أن قلاع صالح من مال وسلاح وذمم مشتراه ومكر ودهاء ستنهار؛ بل ويلقي بنفسه في سذاجة التحصّن داخل مربع محدود في العاصمة صنعاء تحيط به أفاعي الحوثي من كل اتجاه.
🔸 خيرا للشعب فقد عرف أن الحرس الجمهوري والقوات الخاصة لم تكن حرسا للجمهورية ولا حتى حرسا للعائلة الصالحية، بل اتضح أنها قوات مخترقة منذ الوهلة الأولى من تيار إيران، وبمباركة الراعي الرسمي لإنشاء الحرس الولايات المتحدة.
🔹خيرا للأجيال القادمة لتعرف أن الأمريكان لا عهد لهم ولا ذمة، فهي تستخدم الآخرين كروتا ترمي بها دون مبالاة عند استغنائها عن خدماتهم مهما قدموا من خدمات، فلم تكلف نفسها حتى عناء بيان يذر الرماد على العيون تتباكى به على صالح.
🔸خيرا للشعب وللأجيال أن تعرف حقيقة هلامية حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تشظى إلى شلل وأجنحة، أبرزها شلة الخونة والنفعيين الذين باركوا إعدام زعيمهم وتراقصوا على جثته، وثلة الوطنيين وهم القلة الذين حددوا موقفا واضحا مما جرى.
🔹خيرا للشعب ليعلم أن الذين عجزوا عن حماية مولى نعمتهم -صالح- هم أعجز عن حماية الوطن، فللوطن رجال لا يقدسون الأشخاص ودنانيره، بل جباههم لله ساجدة، ودمائهم رخيصة في سبيل الوطن.
🔸 خيرا للأجيال أن تعرف أن تيار الإمامة والمخابرات الدولية ما زالوا ينخرون في جسد المؤتمر ويتحركون باسمه، فبدلا من غسل عار الخيانة لزعيمهم، ما زالوا يحملون راية العداء للشرعية ورجال المقاومة.
🔹🔸 أليس ما حدث خيرا لك وللشعب والوطن يا صالح؟
✍🏻 خالد عجلان