بقلم - د. عبده مغلس
(إذا غابت الفكرة برز الصنم) مقولة صحيحة للمفكر الجزائري مالك بن نبي.
مشروع التمرد على الشرعية هو الوجه الأخر لمشروع الإنقلاب كليهما انطلقا من مشاريع وهمية فالإنقلاب ادعى ثورة ٢١ سبتمبر ضد شرعية الدولة ومشروعها، وهي ليست سوى العودة الى وهم استعادة دولة الإمامة باختيارهم يوم تتويج الإمام البدر ٢١ سبتمبر يوماً لثورة الوهم المزعومة.
مشروع الإمامة قضت عليه ثورة ٢٦ سبتمبر ولم يعد له وجود حيث تم استبداله بمشروع دولة ثورة ٢٦ سبتمبر، مشروع انقلاب الوهم حاول الإنقلاب على شرعية المبادرة الخليجية وألياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني ودستور الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة وقرارات الرئيس هادي، فواجهه الشعب اليمني وشرعيته ودعمهم التحالف العربي بقيادة المملكة الشقيقة والقرارات الدولية، مشروع الوهم والحسابات السياسية الخاطئة أخرج الإنقلاب ومشروع وهمه من الفعل السياسي والمشاركة في خيارات صناعة المستقبل، ودفع الإنقلابيون ثمن غياب منهج ومعايير قراءة الواقع السياسي لديهم ووقوفهم أمام سنة الله في التغيير والتطور.
اليوم مشروع التمرد على الشرعية يقع في نفس خطأ إنقلاب الوهم فبسبب غياب منهجية ومعايير قراءة الواقع السياسي يحاولون التمرد على شرعية الرئيس هادي وقرارته الممثلة لهذه الشرعية، غير مدركين بأن شرعيته تُمَثّل شرعية الشعب اليمني ودولته الإتحادية بأقاليمها الستة وكذلك شرعية التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وشرعية القرارات الدولية التي تنص بعدم المساس بشرعية الرئيس هادي، وفوق كل هذا فمشروع التمرد يمثل إنقلاب وتمرد على القضية الجنوبية وكل المكتسبات التي حصلت عليها من مشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة، وهو تمرد على شرعية التحالف وشرعية قرارات مجلس الأمن، مشروع تمرد الوهم قام على تأسيس وهم التناقضات فهو قدم شعار الجنوب العربي دون تحديد لماهية الجنوب العربي فإن كان يقصد مصطلح الجنوب فهو يعني اليمن فلكياً وجغرافياً واتجاهاً، وبذلك تشهد أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام ويشهد سهيل اليماني في السماء، والركن اليماني في الكعبة وباب اليمن في صنعاء وزريقة الشام وزريقة اليمن، وإن كان يقصد الجنوب العربي الشعار الذي رفعته وسمت نفسها به رابطة الجنوب العربي وهو لها أصلاً فهو في وثائقها يعني اليمن الطبيعية شمال الوطن وجنوبه، وهذا ما قاله زعيم الرابطة ومؤسسها السيد محمد علي الجفري في محاضرة له ألقاها في اتحاد الطلبة الكويتيين في القاهرة يوم ٢٨ ديسمبر ١٩٥٨م كما هو موثق في وثائقها، وإن كان يعني اتحاد إمارات الجنوب العربي الذي تحول الى إتحاد الجنوب العربي فهو المُكَوّن الذي كونه الإستعمار البريطاني والذي استبعد منه سلطنة الكثيري والقعيطي والمهرة وكان يحكمه المندوب السامي البريطاني ومعه معتمد بريطاني لكل من المحمية الشرقية والغربية ومستشار سياسي بريطاني لكل سلطنة وإمارة ومشيخة، هذا الإتحاد المقيد بمعاهدات الحماية التي سلبته السيادة فليس من حقه ممارسة دور الدولة في علاقاته الخارجية والداخلية وتعطي هذه الإتفاقيات الحق لبريطانيا بعزل الحكام وتنصيبهم كما فعلت مع سلطان لحج وغيره، ومن يريد معرفة حقيقة هذا الإتحاد عليه قراءة الكلمة التي القاها الأستاذ شيخان الحبشي أمين عام حزب رابطة الجنوب العربي أمام اللجنة الرابعة لتصفية الإستعمار في الأمم المتحدة يوم ١٧ أبريل ١٩٦٣م، وعليه الرجوع الى وثائق المعاهدات نفسها.
وقمة التناقض التي تتحدث عن مشروع الجنوب العربي وترفع علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي انظمت بوحدة اندماجية طوعية مع الجمهورية العربية اليمنية لتكوين الجمهورية اليمنية وكانت قبل ذلك تسمى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية التي ألغت مشروع اتحاد الجنوب العربي وضمت اليها بالقوة سلطنة القعيطي والكثيري والمهرة بالقوة.
فمشروع تمرد الوهم باسم القضية الجنوبية لا يعطي القضية الجنوبية غير الوهم.
والقضية الجنوبية قضية أولتها الشرعية ومشروعها الأولوية وكانت هي الأساس لبناء الدولة الإتحادية وتحويل الدولة الى دولة اتحادية بأقاليم ستة بدلاً عن دولة الوحدة وهو فك ارتباط بمفهوم متقدم تحت دولة الوطن الواحد والمواطنة المتساوية تعطي الجنوب حقه وحقوقه وكذلك الشمال بل وتعطي كل مديرية في ربوع الوطن حقها وحقوقها كما يعمل مشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة على تقسيم السلطة والثروة بين كل ابناء الوطن.
مشروع التمرد ضد الشرعية هو مشروع تمرد ضد شرعية الشعب وخياراته وضد شرعية التحالف
وضد شرعية الأمم المتحدة.
اقرأوا التاريخ وحقائقه، واقرأوا مشروع الدولة الإتحادية ومسودة دستورها، لتعرفوا الفرق بين الحقيقة والوهم.
حقاً إن شرعية الوهم والتمرد ليست بديلاً لشرعية الحق والدولة، فهل يعي المنادين بمشروع الإنقلاب والتمرد ذلك، وينطلق الجميع لبناء وطن تكون فيه ثقافتنا أنا وأنت بدلاً من أنا لا أنت.