تحتفل المملكة العربية السعودية اليوم بذكرى يومها الوطني الـ94، في مناسبة تستذكر فيها البلاد مسيرة طويلة من البناء والتطور، امتدت من عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود وصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وفي هذه المناسبة الوطنية، يستعرض المؤرخ والباحث السعودي البارز، الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن محمد الفيصل، في مقال مطول نشرته صحيفة الجزيرة، المراحل التاريخية الهامة التي مرت بها المملكة منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.
يبدأ الدكتور الفيصل سرده التاريخي من لحظة خروج الإمام عبدالرحمن آل سعود من الرياض برفقة ابنه الشاب عبدالعزيز، في رحلة محفوفة بالمخاطر والتحديات، ويصف كيف انتقلت الأسرة من الخرج إلى صحراء الجافورة، ثم إلى قطر فالبحرين، وأخيراً إلى الكويت، في رحلة استمرت سنوات عديدة.
ويسلط الكاتب الضوء على الفترة التي قضاها الأمير الشاب عبدالعزيز في الكويت، حيث شارك في أولى غزواته، مكتسباً خبرات عسكرية وقيادية ثمينة، ثم ينتقل لوصف اللحظة التاريخية الفارقة عندما قرر عبدالعزيز العودة لاستعادة الرياض، في عملية جريئة أدت إلى استرداد حكم آل سعود للمدينة عام 1319هـ (1902م).
ويتتبع المقال بالتفصيل الجهود الجبارة التي بذلها الملك عبدالعزيز لتوحيد أجزاء المملكة، من خلال سلسلة من الحملات العسكرية والتحالفات السياسية، فيصف كيف تمكن من ضم المناطق المختلفة تباعاً، بدءاً من القرى المحيطة بالرياض، مروراً بالأقاليم الشمالية والجنوبية، وصولاً إلى ضم الحجاز وإعلان توحيد المملكة العربية السعودية رسمياً في عام 1351هـ (1932م).
ولم يغفل الكاتب الإشارة إلى التحديات التي واجهها الملك المؤسس خلال مسيرة التوحيد، بما في ذلك الصراعات مع القوى المحلية المنافسة، كما أشار إلى نجاحه في التعامل مع هذه التحديات بمزيج من الحكمة والحزم.
وينتقل الدكتور الفيصل بعد ذلك لاستعراض مراحل البناء والتطور التي شهدتها المملكة في عهود الملوك المتعاقبين، فيشير إلى بدايات التعليم النظامي في أواخر عهد الملك عبدالعزيز، وتوسعه في عهد الملك سعود. كما يلفت إلى الإنجاز التاريخي المتمثل في افتتاح مدارس البنات في عهد الملك فيصل.
ويتطرق المقال أيضاً إلى التطورات في المجال الصحي، مشيراً إلى التوسع الكبير في إنشاء المستوصفات والمستشفيات خلال عهد الملك سعود، كما يسلط الضوء على النقلة النوعية في مستوى المعيشة والإسكان التي شهدتها البلاد في عهد الملك خالد، حيث تم مضاعفة الرواتب وتقديم القروض للمواطنين لبناء مساكن حديثة.
ولم يغفل الكاتب الإشارة إلى التحديات الاقتصادية التي واجهتها المملكة، خاصة خلال حرب الخليج وما صاحبها من التزامات مالية، لكنه أكد على قدرة الدولة على تجاوز هذه الأزمات بفضل حسن إدارتها وعلاقاتها المتوازنة مع دول الجوار والقوى العالمية.
وفي ختام مقاله، يشيد الدكتور الفيصل بالنهضة الشاملة التي تشهدها المملكة في العهد الحالي تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويصف كيف تحولت الرياض من قرية صغيرة إلى مدينة عالمية تمتد من جبال طويق غرباً إلى جبال العرمة شرقاً، مشيراً إلى الدور الشخصي للملك سلمان في هذه النهضة منذ كان أميراً للرياض.
كما يلفت الكاتب إلى الاهتمام الشامل الذي يوليه الملك سلمان لكافة مناطق المملكة، من مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى جدة والدمام وأبها وجيزان ونجران وعرعر وسكاكا وحائل، ويشير إلى التسابق الحالي للشركات العالمية للاستثمار في المملكة، مؤكداً على استمرار مسيرة التطور والبناء في مختلف المجالات.
ويختتم الدكتور الفيصل مقاله بالدعاء لله عز وجل أن يحفظ الملك سلمان وولي عهده ويرشدهما لما فيه عز المملكة وتقدمها، مؤكداً على أهمية اليوم الوطني كمناسبة لاستذكار أمجاد الماضي والاعتزاز بإنجازات الحاضر والتطلع نحو مستقبل أكثر إشراقاً للمملكة العربية السعودية.
وتأتي هذه الاحتفالات باليوم الوطني في وقت تشهد فيه المملكة تحولات كبرى ضمن رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط وتعزيز دور القطاع الخاص وتطوير قطاعات جديدة مثل السياحة والترفيه.
كما تتزامن مع مشاريع عملاقة مثل مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر، والتي تعكس طموحات المملكة للعب دور ريادي على المستوى الإقليمي والعالمي.