كشفت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، الأحد، أن “المرتزقة الروس فخخوا الشوارع والمنازل والدمى في ليبيا”.
جاء ذلك في تقرير نشرته الصحيفة بعنوان “إنهم يعرفون كيف نفكر: كيف ترك المرتزقة الروس ليبيا مفخخة”.
ونقل التقرير عن خبراء إزالة ألغام ليبيون قولها إنه “مع فرار المرتزقة الروس من العاصمة الليبية الصيف الماضي، تركوا وراءهم منازل وساحات مفخخة”.
وأضاف الخبراء إنهم “وضعوا متفجرات في مقاعد مراحيض، وعلى الأبواب وداخل الدمى، وأنها كانت مصممة للانفجار عند اللمس”.
أما أغربها، فكانت عبوات المشروبات الغازية الفارغة، إذ يحب العديد من الشباب الليبيين سحق هذه العبوات للتسلية، ولذلك صمم الروس المتفجرات بحيث تنفجر العبوات عند الضغط، بحسب الصحيفة.
وقال ربيع الجواشي، رئيس مؤسسة “Free Fields”، وهي وكالة ليبية لإزالة الألغام، للإندبندنت: “لقد درسونا، حتى كيف كان أطفالنا يلعبون”.
وأضاف: “إنهم يعرفون كيف نفكر”.
وتعود بعض هذه الذخائر إلى ثورة “الربيع العربي” في ليبيا قبل عقد من الزمان، التي أدت إلى الإطاحة بزعيم ليبيا الراحل معمر القذافي، بحسب المصدر نفسه.
وقال خبراء إزالة الألغام للصحيفة: “أكثر الاكتشافات دموية كانت ألغاما روسية الصنع، لم يروا شيئا مثلها قبل محاولة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في عام 2019 للاستيلاء على العاصمة طرابلس”.
ولا تزال المئات وربما الآلاف من العائلات غير قادرة على العودة إلى ديارها بسبب الألغام والمتفجرات الأخرى. وكل أسبوع تقريبا، تظهر تقارير في وسائل التواصل الاجتماعي عن ضحايا لهذه المتفجرات، بحسب إندبندنت.
وقال محمد زلاتيني، وهو قائد فريق من خبراء إزالة الألغام: “إنه لأمر محزن أن نرى نفايات العالم ملقاة في ليبيا”.
وأضاف أن “المسؤولين هم أولئك الذين دعموا الأطراف (في الحرب الأهلية الليبية)، لو لم يكن هناك دعم خارجي، لما حدث هذا، نحن الليبيون ندفع الثمن الآن”.
وفي الصيف الماضي، كانت فرق من مؤسسة “Free Fields” من بين أوائل خبراء إزالة الألغام الذين دخلوا المناطق التي كانت تحت سيطرة المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر المرتبطة بالرئاسة الروسية الكرملين، بحسب الصحيفة.
وأكد التقرير أن “خبراء إزالة الألغام اكتشفوا داخل المنازل، معدات رياضية وزجاجات مياه مستوردة، وعبوات حليب مدعم”.
كما وجد الخبراء كتابات على الجدران باللغتين الروسية والصربية، فيها تعليمات حول كيفية فتح الأبواب، أو الذهاب إلى الحمام دون انفجار الأفخاخ التي صممها المرتزقة.
وكان أحد المراحيض مزودا بجهاز استشعار لإشعال وتفجير 9 أرطال من مادة تي إن تي بمجرد جلوس شخص على المقعد، حسب الخبراء.
وقالوا أيضا إنهم عثروا على دمية على شكل دب، متصلة بستة أسلاك، بحيث تنفجر عندما يسير شخص ما نحوها من أي اتجاه.
وأفاد خبراء إزالة الألغام أيضا بأنهم عثروا على مجموعة من الألغام المبتكرة، بما في ذلك “لغم مبعثر” روسي ينتشر ويدمر ذاتيا في غضون 100 ساعة، ولغم مضاد للأفراد يستخدم أشعة الليزر بدلا من أسلاك تفجير.
كما كان يتم زراعة لغم أول يعمل كشرك فيما ينفجر لغم آخر، بحسب المصدر نفسه.
وبهدف تسليط الضوء على الأضرار التي تلحق بأطفال طرابلس من الألغام والذخائر الأخرى، تطرقت “إندبندنت” لقصة طفلين هما عبد الرحيم، 9 أعوام، وابن عمه محمد، 10 أعوام، اللذين “كانا لا ينفصلان”، حسب ما قاله علي شامة، والد عبد الرحيم.
وبعد عودة الأسرة إلى منزلها بعد أسبوع من فرارها من هجوم حفتر، وكان الأولاد بالخارج يلعبون بالألعاب النارية، وقع انفجار ضخم، كان سببه على الأرجح قذيفة هاون غير منفجرة، حسب ما قال خبراء إزالة الألغام في وقت لاحق.
ويتذكر شامة الذي كان يؤدي صلاة العصر في تلك اللحظة والدموع تنهمر على وجهه: “عندما جئت، وجدت رأس ابني مغطى بالدماء”.
وأضاف: “كان قد مات”.
وتابع قائلا: “كان ابن أخي على قيد الحياة، لقد فقد إحدى يديه، كانت على بعد 50 قدما من جسده”.
ومات الطفل في سيارة الإسعاف.
وقال شامة للصحيفة: “علمت عندئذ أن الحرب لم تنته”.
وعانت ليبيا منذ سنوات صراعا مسلحا، حيث تنازع مليشيا حفتر بدعم من دول عربية وغربية الحكومة الليبية على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
ومنذ 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، يسود البلاد اتفاق لوقف إطلاق النار، تخرقه مليشيا حفتر من حين لآخر، رغم تحقيق الفرقاء تقدم في المفاوضات العسكرية والسياسية للتوصل إلى حل سلمي للنزاع الدموي.