هاجم المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن جمال بنعمر القرار الأممي 2216 وقال إن الحقل السياسي في اليمن أصبح أكثر تشظيا وتنوعا من أي وقت مضى.
وقال بنعمر في مقال نشرته صحيفة “نيوزويك” الأمريكية أنه “للأسف شكل غطاء للفظاعات التي تلت بعد ذلك، قرار صاغه السعوديون، وحملته بسرعة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى مجلس يفترض أنه معني بضمان الأمن والسلم الدوليين”، حد قوله.
وأضاف “لقد كان حليفهم الخليجي في حاجة إلى ترضية بعد إبرام الاتفاق النووي مع إيران في غفلة منه، وبدى مقايضةً ديبلوماسية عادلة لهم. غير أن الطرف الغربي في المقايضة كان يعرف كذلك أن مطالبة الحوثيين، المسيطرين على الأرض والمتقدمين ميدانيا، بالاستسلام لحكومة تعيش في منفى فندقي أنيق في الرياض لم يكن أمرا واقعيا أو مقبولا. لكن ذلك لم يكن ذا أهمية كبيرة بالنسبة لهم لأنهم كانوا موقنين بأن الروس سيعرقلون القرار”.
وتابع “لكنهم اخطأوا التقدير! موسكو التي شعرت بوجود فرصة لها كذلك للإفادة من الصفقات التجارية مع المملكة العربية السعودية، امتنعت عن التصويت مزيحة العقبة الوحيدة أمام تبني القرار. وللسخرية، فإن هذا القرار غير العملي لا يزال يشكل إلى اليوم إطارا لجميع عمليات الوساطة التي تشرف عليها الأمم المتحدة. وساطة فاشلة بشهادة السنوات الست من عمر هذه الحرب”.
وقال “لتحقيق إجماع بين جميع الأطراف اليمنية المتباينة في المحادثات التي أصبحت ملحة اليوم لا يمكن للولايات المتحدة أن تتبنى مقاربة قائمة على الإملاءات قد يكون من الطبيعة البشرية محاولة تصحيح الغلط لكن لا ينبغي لواشنطن بأي شكل من الأشكال أن تقود العملية، بل عليها أن تلعب دور الراعي الميسر وأن تحاول جلب جميع الأطراف إلى الطاولة”.
وتابع “لقد آن الأوان للنخبة السياسية اليمنية كي تتحمل مسؤولياتها، وأن تكف عن الاعتماد على جهات خارجية فقط للومها في الأخير على كل الآفات التي حلت ببلدهم. لقد ساهمت النخب اليمنية بدرجات متفاوتة في إفشال ما كان يعتبر حتى وقت قريب تحولا سياسيا واعدا”.
وأوضح “لقد شددت في آخر تقرير قدمته لمجلس الأمن في أبريل 2015 على أنه يجب منح اليمنيين الفرصة لتقرير مستقبلهم بحرية ودون تدخل أو إكراه من قوى خارجية، وهذا الأمر لا يزال صحيحا اليوم”.
وقال بنعمر “لا أحد يستطيع أن ينكر أن قرار الولايات المتحدة إنهاء دعمها العسكري للحرب التي تقودها السعودية في اليمن هو خبر جيد. ونأمل أن تحذو كل من بريطانيا وفرنسا حذوها. لكن هذا لن يوقف القتال في اليمن أو يجلب السلام لشعبه”.
واستطرد المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن قائلا “بعد مقتل نحو ربع مليون يمني، وتهجير أكثر من ثلاثة ملايين آخرين أو اضطرارهم نزوحهم، وبعدما تفشت جرائم الحرب على نطاق واسع، وضاع أكثر من نصف عقد في صراع بدون طائل، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن عودة الدبلوماسية إلى اليمن”.
وتابع “من البديهي أن يكون هذا الإعلان موضع ترحيب، إلا أن وقعه في صنعاء وعدن سيكون حتما مختلفا عن صداه في واشنطن عندما نتذكر أن عددا من كبار مستشاري السياسية الخارجية للرئيس بايدن شغلوا -قبل ست سنوات- مناصب مماثلة في إدارة الرئيس باراك أوباما، وقدموا الدعم للحرب التي تقودها السعودية”.
ودعا المبعوث الأممي إلى اليمن الأسبق بنعمر واشنطن للترويج لقرار جديد في مجلس الأمن “يوفر إطارا مختلفا لعملية تفاوضية واسعة وشاملة تضمن مقعدا لكل الأطراف اليمنية، بما فيها الفعاليات المدنية التي نأت بنفسها عن الاقتتال”.
واستدرك بنعمر “يبدو ضروريا للدبلوماسية الأمريكية اليوم أن تجعل مهمتها الأولى تغيير الإطار القائم، ويجب أن يشمل هذا الإطار الحوثيين، فبغض النظر عن الدور السلبي والمُدان الذي لعبوه في الصراع، إلا أنهم ما يزالون أقوياء، ورغم المليارات من مبيعات الأسلحة لدول التحالف الذي تقوده السعودية، إلا أنهم لا زالوا يسيطرون على نصف البلاد ويواصلون التقدم بين الفينة والأخرى”.
وقال “يجب أن تتضمن الصيغة التفاوضية الجديدة حزب التجمع اليمني للإصلاح، النسخة اليمنية للإخوان المسلمين، مضيفا “قد يقول قائل إن مفاوضات سلام بهذه الصيغة لن تؤدي إلا إلى إضفاء الشرعية على كليهما -الحوثي والإصلاح- لكن وسطاء السلام يحتاجون بالضرورة إلى مساحة للتعامل مع جميع الأطراف، بما في ذلك الجهات المثيرة للجدل. فالسلام يصنع مع الأعداء وليس بين الأصدقاء”، وفق تعبيره.
وتابع “لا يمكن كذلك تجاهل طبقة جديدة من أمراء الحرب والمجموعات المسلحة، بما في ذلك الانفصاليين الجنوبيين الذين ظهروا بعد اندلاع الحرب بدعم وتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة. كما لا يمكن غض الطرف عن المستفيدين من الحرب الذين يجدون مصلحتهم في إطالة أمدها”.
وذكر أنه إلى جانب الأحزاب التقليدية والفصائل المسلحة، هنالك أيضا مجموعات شبابية ونسائية ديموقراطية ومدنية. ولهؤلاء جميعا كل الحق في مقعد على طاولة المفاوضات الجديدة.