إلى أين يتجه التصعيد بين المخلوع صالح والحوثيين؟ (تقرير)

محرر 224 أغسطس 2017
إلى أين يتجه التصعيد بين المخلوع صالح والحوثيين؟ (تقرير)

تتصاعد بشكل ملحوظ حدة الخلافات بين شريكي الانقلاب (الحوثي – صالح)، خاصة بعد قيام الأخير بالاستعداد للاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام، والتحشيد له بطريقة ملفتة، أثارت غضب شركائهم الذين كانوا -أيضا- مستائين من الحديث عن وجود تفاهمات بين التحالف العربي والمخلوع.

ويبدو الوضع متوترا للغاية بينهما، خاصة بعد التصريحات المتبادلة بين قيادات الطرفين، كان آخرها ما ورد على لسان الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر ياسر العواضي، الذي أكد في تدوينة بحسابه على تويتر، أنهم جاهزون لكل الخيارات، ورافضا تهديد الحوثيين لهم.

جاء هذا بعد صدور بيان من قِبل الحوثيين، توعدوا فيه المخلوع صالح، الذي قالوا إنه تجاوز كل الخطوط الحمراء، بعد وصفه للجناح المسلح في الجماعة بـ”المليشيا”.

القيادي الحوثي وعضو ما يسمى بـ”المجلس السياسي” للجماعة، حسين العزي، حذر هو الآخر في تدوينة بحسابه على تويتر، من خطورة التوتر الحاصل بين الطرفين، وقال “يجب أن نعترف بأن التوتر كبير وكبير جداً، ومالم يتم تغليب مصلحة الوطن والدفاع عنه على أي أهواء أخرى، فإن الوضع لا سمح الله قد يخرج عن سيطرة العقلاء”.

ويرى مراقبون أن التصعيد بين شريكي الانقلاب (الحوثي – صالح) الذي تم ملاحظته من خلال خطابات قادة الانقلابيين، يتجه نحو المواجهة المسلحة بينهما، خاصة في ظل التباين في الأهداف والرؤى بينهما.

وبرغم استبعاد آخرين للصراع المسلح بين الجانبين، بسبب امتلاك شريكي الانقلاب لعوامل القوة، هناك جدل كبير بين اليمنيين بسبب دعوة البعض للوقوف مع المخلوع صالح ضد الحوثيين الذين يعادون الجمهورية، وعلى النقيض يتبني بعض ثوار فبراير/شباط 2011 اتجاها آخر، فهم يحملون المخلوع مسؤولية ما يجري، خاصة بعد تمكينه للحوثيين في مفاصل الدولة.

وكان زعيم مليشيا الحوثي عبدالملك الحوثي قال في وقت سابق إن “هناك من الحلفاء في الداخل من يمارس دور الخداع والتنصل من المسؤولية”، لافتا إلى تلقيهم الطعن في الظهر ممن يتماهى مع سلوك القوى في أبوظبي والرياض، في إشارة إلى حزب المؤتمر برئاسة صالح، لتكشف عن حجم الهوة التي تتسع بين الطرفين يوما بعد آخر.

المواجهة المُسلحة

وفي ظل هذا التصعيد المستمر، يتوقع المحلل السياسي ياسين التميمي المواجهة المسلحة بين شريكي الانقلاب، بعد أن دخل الطرفان مرحلة هي الأخطر من حرب الوجود التي تأتي على خلفية مخاوف من جانب ميلشيا الحوثي، من ترتيبات قائمة حالياً بين المخلوع صالح والتحالف العربي أو أطراف فيه.

وتهدف تلك التفاهمات -كما ذكر التميمي لـ”الموقع بوست”- إلى إعادة صياغة المشهد السياسي في اليمن، بما يسمح بإزاحة القوى السياسية الداعمة للرئيس عبدربه منصور هادي والدولة الاتحادية، واستحقاقات الثورة والتغيير، وإعادة إنتاج الدولة التي أطاحت بها ثورة الحادي عشر من فبراير/شباط 2011، إما في هيئة نفوذ مباشر للمخلوع صالح أو المحسوبين على نظامه.

“مؤشرات هذا التنسيق بدت واضحة في الاستهدافات المنسقة لمواقع وتجمعات الحوثيين في محيط صنعاء من جانب طيران التحالف، وهو استهداف يقوي من فرص المخلوع صالح في كسب الجولة المرتقبة من الحرب مع الحوثيين”، وفق التميمي.

ورأى أن تدخل التحالف العربي اليوم باستهدافه لمواقع تابعة للحوثيين في محيط صنعاء، كان سبباً في تهدئة الخطاب الإعلامي والتصعيد الميداني من جانب الحوثيين، مع الإبقاء على نبرة التهديد قائمة من قبلهم لشريكهم في الانقلاب (المخلوع صالح).

ولفت إلى أن التحالف بين الحوثيين وصالح لم يكن يوما ما إستراتيجياً، بل تكتيكيا ومن الصعب توقع أن يتحقق الانسجام بينهما في ظل تباين المشروعين السياسيين لهما، وهو سيبقى الصراع مرشح للمزيد من التطورات السلبية.

أهداف مختلفة

أما الباحث السياسي ثابت الأحمدي، فاتفق مع ما ذهب إليه التميمي، وقال إن أي حليفين سياسيين في كل تاريخ التحالفات السياسية، يقضي أقواهما على شريكه في نهاية المطاف.

وذكر لـ”الموقع بوست” أن الخلاف بين صالح والحوثي أمر متوقع من أول يوم تحالفا فيه، فهو تحالف ينطوي على حذر، لأن ما يفرق الطرفين أكثر مما يجمعهما، لاسيما وخلافهما معمد بالدم.

وبيَّن “المؤتمر الشعبي العام وزعيمه صالح قائم على براجماتية سياسية مفرطة في التكتيكات، بناء على المصالح، والمصالح بطبيعتها متحولة، وغير ثابتة، خلافا لجماعة الحوثي القائمة على الإستراتيجية المذهبية، المستندة على نظرية تاريخية صلدة، غير متحولة، وجامدة، ولا تقبل القسمة إلا على نفسها فقط”.

واستدرك “أضف إلى ذلك طبيعة شخصية صالح نفسه، فهو يمارس التكتيكات والمراوغات كهواية متجذرة في نفسه من وقت مبكر، فقد تحالف مع مختلف القوى السياسية على الساحة واختلف معها، والحوثيون حلقة في سلسلة هذه التحالفات الطويلة التي سيفضي بها الأمر حيث وجدت الجماعات السابقة نفسها”.

وحول الطرف الذي يمكن أن يقف معه المجتمع الدولي والإقليم، أكد الأحمدي أنهم إذا ما ضمنوا مصالحهم مع المخلوع صالح، فإنهم سيلقون بالحوثي إلى “الهاوية”، ولم يستبعد أن يتحالفوا من جديد مع حزب الإصلاح.

سيناريوهات مُحتملة

وعن النتائج والتداعيات التي سيفضي إليها الخلاف بين شريكي الانقلاب، قال إن ذلك سيؤدي إلى إنهاء تحالفهما، مع أن هناك تيارا داخل جماعة الحوثي حريص جدا على بقاء العلاقة بينهما، يتزعمه القيادي الحوثي يحيى الشامي.

وتوقع سيناريوهين اثنين: إما المواجهة العسكرية بينهما داخل شوارع العاصمة تحديدا، وهي مواجهة لها ما بعدها، كون العاصمة صنعاء ملغومة بمختلف أنواع الأسلحة لكلا الطرفين معا، وسيطول الصراع بين الطرفين، ولن يقنع الحوثي بغير رأس صالح، وفي حال استطاع فعل ذلك فمن المؤكد أن كثيرا من أتباع صالح سيكونون ضمن التركة الجديدة للحوثي، حسب قوله.

أما السيناريو الآخر -وفق الأحمدي- فيتمثل أن يعلن صالح انقلابه على الحوثي، وفض الشراكة، ثم مباغتة أتباع الحوثي، وخاصة الرموز الكبيرة والمؤدلجة بضربات خاطفة، وقد استكمل تحشيد أتباعه الذين بمقدورهم ملاحقة الحوثيين إلى كهوف مران.

وفي هذه الحالة يعتقد الأحمدي أن الشعب اليمني سيلتف حول صالح من جديد، بصرف النظر عن الجناية التاريخية التي ارتكبها سابقا بالتحالف مع هذه الجماعة الإمامية.

الجدير بالذكر أن أنصار المخلوع صالح يستعدون للاحتفال يوم غد الخميس في ميدان السبعين بصنعاء، بينما حشد الحوثيون أتباعهم على مداخل العاصمة، لأول مرة منذ انقلاب سبتمبر/أيلول 2014.

*الموقع بوست

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق