عدن نيوز – متابعات
منعطف هو الأخطر، منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين ونصف، دخلته العلاقة بين الحكومة الشرعية اليمنية، والتحالف العربي بقيادة السعودية، الداعم لقوات الشرعية والمقاومة الشعبية بمواجهة مسلحي “الحوثي” والرئيس السابق علي عبد الله صالح، لكن محللاً سياسياً يرى أن تلك العلاقة “لن تنهار“.
هذا المنعطف يأتي إثر اتهامات غير مسبوقة من البنك المركزي، التابع للحكومة اليمنية، لـ”خلية التحالف” (المسؤولة عن إدارة عملية الحظر البري والجوي والبحري) بالوقوف وراء عرقلة وصول أوراق العملة اليمنية المطبوعة خارج اليمن، منذ أبريل/نيسان الماضي.
وخلافا لما هو معلن من علاقة جيدة بين تحالف تحرك لمساندة الشرعية ضد تحالف الحوثي وصالح، وحكومة تكيل له الثناء يوميا، يبدو الوضع مختلفا وراء الكواليس.
ما كان خفيّا تجلى بوضوح في الاتهام الرسمي الصادر عن البنك المركزي حول قيام “خلية التحالف” بإلغاء تصاريح 13 رحلة جوية لنقل الأموال المطبوعة في روسيا من الريال اليمني إلى مطار عدن الدولي جنوبي اليمن.
** خلط الأوراق السياسية:
في بيان شديد اللهجة، نشرته الوكالة الرسمية الحكومية (سبأ)، اتهم البنك المركزي اليمني “خلية التحالف” بـ”عرقلة قيام البنك المركزي بوظائفه وواجباته القانونية في توفير السيولة المناسبة للاقتصاد اليمني ودفع مرتبات (رواتب) الموظفين“.
البيان ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول، إن البنك سيتواصل مع التحالف العربي والمجتمع الإقليمي والدولي لـ”تعزيز استقلالية البنك وتجنيبه خلط الأوراق السياسية من قبل جميع الأطراف”، كما تحدث على غير العادة عن “ضرورة احترام استقلال وسيادة الجمهورية اليمنية“.
ووفقا لمصادر حكومية يمنية تحدثت للأناضول، شريطة عدم نشر أسمائها، فإن “خلية التحالف”، التي يقصدها البنك المركزي، هي الجهة المسؤولة عن فرض الحظر الجوي والبري والبحري على اليمن منذ 26 مارس/آذار 2015، وهي التي تمنح تصاريح دخول اليمن لكافة الطائرات والسفن، بما فيها الطائرات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
ولم يتسن للأناضول التحقق من التحالف العربي بشأن اتهامات البنك المركزي اليمني.
** دور الإمارات:
ومنذ انطلاق الحرب استعاد التحالف العربي من قوات “الحوثيين” وصالح، العاصمة المؤقتة عدن، ومحافظات لحج وأبين والضالع وأجزاء واسعة من شبوة (جنوب)، والساحل الغربي لمحافظة تعز (جنوب غرب)، إضافة إلى غالبية محافظتي مأرب والجوف، بينما استعاد التحالف مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، من تنظيم “القاعدة“.
وتتزعم السعودية التحالف العربي، لكن الإمارات هي المهيمنة على الوضع في المحافظات الجنوبية المحررة من مسلحي الحوثي وصالح.
وتمتلك الإمارات قوات برية في محافظات عدن (جنوب) وشبوة والمكلا (شرق)، ومدينة المخا التابعة لمحافظة تعز (جنوب غرب)، كما تدعم قوات يمنية، يطلق عليها “قوات النخبة” و”الحزام الأمني”، في كل من عدن والمكلا وشبوة.
وهذا الاهتزاز ليس الأول في العلاقة بين التحالف العربي والحكومة الشرعية، لكنه “امتداد للمرحلة الأسوأ التي بدأت”، بحسب المصادر الحكومية، “عقب رفض قوات، مدعومة من الإمارات، السماح لطائرة الرئيس (اليمني)، عبد ربه منصور هادي، بالهبوط في مطار عدن” في فبراير/شباط الماضي.
وأدّى ذلك إلى توترات أمنية في المطار، أقال الرئيس هادي على إثرها محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة، هاني بن بريك، المواليين لأبوظبي، ورد “عيدروس” بتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي كحكومة أمر واقع، بديلة عن الحكومة الشرعية، بحسب المصادر الحكومية.
وفي 11 مايو/أيار الماضي، أعلنت قيادات بالحراك الجنوبي الانفصالي تشكيل “المجلس الانتقالي الجنوبي”، لإدارة المحافظات الجنوبية المحررة من الحوثيين، برئاسة محافظ عدن المُقال، عيدروس الزبيدي.
وبعد أن ظل هو وطاقمه يمارسون مهامهم من مناطق محصورة في قصر معاشيق الرئاسي في مدينة “كريتر” بعدن، نجح رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، في تحريك المياه الراكدة مع التحالف، حيث عقد – وفق وسائل إعلام رسمية – ثلاثة لقاءات مع قادة في التحالف بعدن، أثمرت نوعًا من التقارب.
وكذلك قام “بن دغر” برفقة قادة بقوات التحالف، بزيارات إلى مديرية “كرش”، الفاصلة بين محافظتي تعز ولحج جنوبا، ومدينة المخا المحررة من الحوثيين على البحر الأحمر.
ورغم تحقيقها نوعا من التقارب، إلا أن تلك الزيارات تحولت إلى مناسبة من قبل أنصار الحكومة للهجوم على التحالف، بعد ظهور قادة عسكريين إماراتيين وهم يستقبلون “بن دغر” في خيمة فاخرة تتصدرها صور زعماء الإمارات، بجانب مؤسس الدولة، زايد بن سلطان آل نهيان، مع غياب صورة الرئيس هادي، وهو ما دفع البعض إلى اعتبار أن “المخا ظهرت وكأنها ليست منطقة يمنية“.
** لا تحسّن ولا انهيار:
ومع حالة الاضطراب المتزايدة في العلاقة بين التحالف العربي والحكومة اليمنية، ترك “بن دغر” عدن، واتجه إلى الرياض، برفقه محافظ عدن، عبد العزيز المفلحي، الذي كان قد شن هجوما لاذعا ضد ما أسماها بـ”الأطراف صاحبة الأجندة المشبوهة والمقولبة في اليمن“.
ولا يُعرف إلى أي مدى ستتجه علاقة الحكومة بالتحالف، خصوصا وأن الوضع في اليمن ما يزال يراوح مكانه بين “نصف سلم ونصف حرب”، لكن مراقبين يعتقدون أنها “لن تتجه إلى حالة الانهيار“.
الخبير السياسي اليمني، خالد عبد الهادي، قال بهذا الخصوص، إن العلاقة بين الحكومة والتحالف العربي “لن تنهار، اتقاء لمخاوف مختلفة تجمع الطرفين“.
ورأى عبد الهادي، في حديث للأناضول، أن “مزيدا من الاعتلال والاهتزاز سيطبع العلاقة، وستسودها حالة المن التي تقابلها حالة الاستعطاف؛ وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن التحالف يريدها علاقة من أعلى إلى أدنى، وبين آمر ومتلقٍ، وليس علاقة تحالف وشراكة“.
ومضى قائلا إن “من أسباب اعتلال العلاقة بين الطرفين، أن سلطة هادي ربما لم تطمح يوما إلى تأسيس علاقتها بالتحالف خارج تلك المحددات، ولم تتمايز عنه ولم تلتفت إلى مصادر قوتها في الداخل اليمني“.
وبشأن الاتهامات الموجهة من أنصار هادي إلى الإمارات بالوقوف وراء سوء العلاقة مع التحالف عامة، قال عبد الهادي إن “هذا القول ليس دقيقاً تماماً، وإنما في تقديري أن سلوك التحالف يجسد ذهنية التسلط والمن التي تصوغ رؤية الأنظمة المنضوية في التحالف العربي للتعامل مع الملف اليمني“.
وأضاف الخبير اليمني أن “هذه الأنظمة كلها ملكية داخل البلدان التي تحكمها، وحين كُتب لها الإشراف على إدارة قسم من اليمن، والتعامل مع حكومته، لم تجد غير تصدير ما لديها من الرؤية والممارسة“.