بقلم - محمد جميح
في ٢٠١٤ هجم الحوثيون على مأرب بكل ما لديهم من إمكانات وجيش، وكانت النتيجة انتحارهم على أسوارها…
واليوم، ومنذ فترة طويلة، خطط الحوثي …
حشد من غرر بهم باسم مواجهة “مرتزقة العدوان”، في مأرب…
قطع الاتصالات عن الجوف ضمن خطته لضخ سيل من الأكاذيب التي طبخها على نار حقده ومكره…
وطارت الأخبار في الآفاق:
نهم سقطت…
الجوف سقطت…
مأرب سقطت…
صفق له بعض الذين يظنون أن سقوط مأرب في صالحهم…
الذين قالوا في ٢٠١٤ إن الحوثي مشكلة “شمالية”، قبل أن يفاجؤوا بالحوثي على سواحل عدن…
صفقوا له، لأنهم لا يتعلمون من دروس التاريخ الكثيرة…
والبارحة…كانت ليلة عاصفة:
سقطت فيها نهم والجوف ومأرب دفعة واحدة، ولكن في أخبار مطابخ الكهنوت الإمامي ومن صفق له، نكاية بهذا الطرف اليمني أو ذاك…
لكن جماهير اليمنيين التفوا حول جيشهم…
هبت مأرب مرة أخرى…
احتشدت الجوف…
امتلأت الطرقات بالرجال الذاهبين إلى مواجهة صلف وحقد الإمامة الجديدة …
وفوق ذلك برز رجال المؤتمر مع رجال الإصلاح…
وانضفر إعلام المؤتمريين والإصلاحيين، وكل أنصار الجمهورية في نسق واحد، لمواجهة سحر آل بدر الدين، الذين يمنون أنفسهم بأن يكونوا خلفاء آل حميد الدين، وكأن اليمن تركة هؤلاء القادمين من غياهب العصور المظلمة…!
البارحة…كانت ليلة عاصفة …
انتحر الحوثيون فيها…
مئات القتلى من مرتزقة طهران تغطي جثثهم جبال نهم…
حشود الإمامة التهمتها تلك الجبال التي ثبت عليها رجال خُلقوا من صخورها…
قيادات كبيرة دفع بها الحوثي إلى نهم سقطت في الشعاب وبين الصخور…
أهالي صنعاء يتحدثون عن مواكب لا تنقطع من جنائز لقيادات الحوثي ومقاتليه، الذين عادوا من نهم على نعوشهم، إلى حفرة حفرها لهم عبدالملك، بعد أن كذب عليهم أن الله أمر بتوليه…
قطع الحوثيون خطوط الاتصالات، كي لا تصل إلى الناس حقيقة الجحيم الذي واجهه الكهنوت في نهم والجوف…
لا تقلقوا على مأرب…
الرجال الذين صدوا حشود الحوثي قبل سنوات تنادوا مع إخوة لهم من كل مكان باليمن، لمواجهة الإماميين ومرتزقتهم…
والمتسللون إلى مفرق الجوف لم يعودوا من حيث أتوا…
المتسللون ذهبوا ثمناً لدعاية حوثية أرادت أن تقول إن “المفرق” سقط…
وما سقط إلا المتسللون…
لعل في ذلك خير…
لعل من محاسن هجمة الإمامة الجديدة على نهم أنها أعادت إلى الناس عزيمة ٢٠١٤، بعد أن دبًَ إلى بعضها بعض الوهن وبعض المال…
لعل من النتائج الطيبة للهجوم أنه أسقط كذبة مارتن غريفيث عن السلام…
مارتن غريفيث الذي كان في صنعاء ليلة هجوم الحوثيين على نهم، تماماً كما كان جمال بن عمر في صعدة، يوم هجوم الإماميين على صنعاء…
يشترك غريفيث مع ابن عمر في شيئين: جمود الوجه، والتواجد مع الحوثي، لحظة شنّ الهجوم…
ومن فوائد الهجوم انحياز أصحاب اللون “الرمادي” إلى “الأخضر” الحوثي، وانكشافهم البارحة بشكل أعاد إلى الذاكرة الدعوات إلى “الحياد في المعارك بين الحوثيين والإخوان المسلمين”…
التاريخ لا يتكرر، لأنه زمن يمضي في خط مستقيم…
المواقف هي التي تتكرر، فتجعلنا نظن أن ٢٠١٤ هي ذاتها ٢٠٢٠…!
واليوم، تبرز الحقيقة الماثلة في كل ما بثه الحوثي من دعايات …
هذه الحقيقة هي نعوش مقاتليه العائدة إلى صنعاء…
أما مأرب فبعيدة عليه…
ونهم شوكة حلقه…
والجوف تبتلعه رمالها…
وأما المواقع التي تسلل إليها فقد انتحر في بعضها، والرجال في الطريق إلى المتبقي منها…
قلتها والحوثيون ما زالوا في عمران: والله لو بلغ الحوثي سواحل عدن، لما شككت لحظة في هزيمته…
وقد انهزم الحوثي في عدن…
وانكسر في مأرب…
واليوم نقول لكل المنهزمين والمتربصين والشامتين: والله لن تنتصر جماعة عنصرية طائفية على شعب يراه العرب-ويرى نفسه أصل العروبة-وعلى قوم يراهم المسلمون ويرون أنفسهم أنصار النبي…
وحسب اليمنيين-عذراً إلى الله وإلى العالم-في قتالهم للحوثي أنه هو من بدأ العدوان…
هل تذكرون أننا اتفقنا في الحوار الوطني على كل شيء، وأنه لم يعد أمامنا للوصول إلى بر الأمان سوى الاستفتاء على الدستور والانتخابات، لولا أن الحوثي قلب الطاولة، وسط تصفيق المصفقين أمس، الذين يصفقون له اليوم…
بقي أن أقول لمن ينادون بالسلام، والمؤمنين بالتداول السلمي للسلطة: إن السلام مع الحوثي مستحيل، لأن من شروط الإمام عنده “أن يخرج على الناس بسيفه”، وهذا ينسف أسس السلام و”التبادل السلمي”…
وبقي أن أقول للمقتنعين بالانتخابات إن الإمامة قد حسمت الأمر، حين حصرتها في “البطنين”، وجعلتها “اختياراً إلهياً”، لا “انتخاباً شعبياً”، وحين كذب عبدالملك أن الله أمر بتوليه…
أخيراً: لا خيار أمام اليمنيين إلا مواجهة الحوثي، لأن ثمن مقاومته أهون بكثير من ثمن الاستسلام له…
والأمر لله…من قبل ومن بعد…